القاهرة 6 مارس 2018 / رأى محللون مصريون، أن زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للقاهرة، والتي اختتمت يوم الثلاثاء، تعزز العلاقات السياسية الثنائية، وتوطد العلاقات الاقتصادية، في ظل الاتفاق على ضخ استثمارات سعودية ضخمة في مصر.
وغادر الأمير محمد بن سلمان القاهرة مساء اليوم إلى بريطانيا في زيارة رسمية، بعد ان اختتم زيارة استغرقت ثلاثة أيام لمصر، بناء على دعوة من الرئيس عبدالفتاح السيسي.
وعقب وصوله (الأحد) الماضي، عقد السيسي وبن سلمان جلسة مباحثات، أعقبها التوقيع على عدة اتفاقيات، إحداها لتأسيس صندوق استثماري بـ 16 مليار دولار، لضخ استثمارات سعودية في مشروعات بعدد من المحافظات المصرية.
وأوضح بن سلمان في تصريح للصحفيين أمس (الاثنين)، أن بلاده تستهدف دخول مصر والأردن في مشروع "نيوم"، وهو عبارة عن منطقة اقتصادية ضخمة سيتم إنشاؤها في شمال غرب السعودية باستثمارات أكثر من 500 مليار دولار.
وتابع أن "المشروع سيكون ممتدا بنحو 1000 كيلو متر داخل (محافظة) جنوب سيناء (المصرية).. لإحداث نوع من التكامل مع الدول العربية الشقيقة".
وأشار إلى أن " مشروع جسر الملك سلمان سيرى النور قريبا، وسنبدأ في دراسة خطط إنشائه".
وكان الرئيس السيسي والعاهل السعودي سلمان بن عبدالعزيز اتفقا خلال زيارة الأخير للقاهرة في أبريل 2016 على بناء جسر بري يربط بين البلدين عبر البحر الأحمر، يحمل اسم "جسر الملك سلمان بن عبدالعزيز".
كما التقى بن سلمان أمس كل من شيخ الأزهر أحمد الطيب، وبابا الأقباط تواضروس الثاني، بينما شهد اليوم انتهاء أعمال ترميم الجامع الأزهر، التي استغرقت أكثر من ثلاث سنوات بمنحة سعودية.
وفي هذا الصدد، قال الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للقاهرة "زيارة استراتيجية سوف يبنى عليها سياسات بين مصر والسعودية".
وأضاف فهمي، لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن " الزيارة تهدف إلى وضع رؤية مشتركة قبل القمة العربية القادمة المقرر عقدها بالرياض، ومناقشة القضايا العربية مثل القضية السورية وتطورات الأوضاع فى اليمن، وكذلك القضية الفلسطينية خصوصا بعد التصعيد الأمريكي للأزمة بإعلان واشنطن نقل سفارتها في إسرائيل إلى القدس في مايو المقبل، بالإضافة إلى القضايا الإقليمية لاعتبارات كثيرة متعلقة بالتحديات والمخاطر التى تواجه البلدين، وأيضا ملف مكافحة الإرهاب".
وتابع " اعتقد أن هناك حرصا من الطرفين على إنجاح الزيارة، ونقل رسائل مهمة للأطراف المختلفة، خصوصا التحديات الإقليمية فى مسألة إيران، والأزمة القطرية".
وعن دلالة أن تكون القاهرة أول محطة في الجولة الخارجية الأولى لولي العهد السعودي، قال فهمي إن "مصر دولة كبيرة، ومن الطبيعي أن تكون القاهرة وجهة أول جولة خارجية للأمير محمد بن سلمان، والزيارة سوف تعزز العلاقات بين البلدين".
وتأتي هذه الزيارة في مستهل جولة خارجية للأمير السعودي منذ تعيينه وليا للعهد، وتشمل أيضا زيارة بريطانيا، والولايات المتحدة الأمريكية.
ورد على سؤال حول تأثير هذه الزيارة على الاستثمارات في مصر، قائلا إنها سوف تشجع رجال الأعمال السعوديين والخليجيين على زيادة استثماراتهم في مصر، التي تقدم فرصا استثمارية واعدة.
بدوره، قال وزير الخارجية الأسبق محمد العرابي عضو لجنة الشئون الخارجية في البرلمان المصري، إن " الزيارة محطة مهمة جدا فى العلاقات السعودية - المصرية، وجاءت في توقيت مهم قبل القمة العربية المرتقبة نهاية مارس الجاري".
وأردف أن " مصر والسعودية تتفقان على ضرورة وجود صياغة أفضل للعمل العربي المشترك، واعتقد أن الطرفين على مشارف استراتيجية واحدة فى التعامل مع القضايا المختلفة الموجودة فى المنطقة، وحينما تتوافق مصر والسعودية دائما تكون هناك نتائج جيدة على مستوى العالم العربي بشكل عام، وعلى العلاقات الاقتصادية المصرية السعودية".
وواصل أن " مصر من الدول المهمة بالنسبة للسعودية، لذلك أولى زيارات الأمير محمد بن سلمان الخارجية إليها، فهي محطة رئيسية في جولة ولي العهد السعودي الذي سيزور أيضا لندن وواشنطن".
واستطرد " اعتقد أن هناك ست ملفات كانت على طاولة المباحثات بين الرئيس عبد الفتاح السيسي وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، هي العلاقات الثنائية والقضية الفلسطينية وأزمة ليبيا والقضية السورية وملف اليمن والأزمة القطرية".
وأكد أن نتائج هذه الزيارة سوف تعزز العلاقات الثنائية لاسيما الاقتصادية، بعد توقيع اتفاقية لتأسيس صندوق استثماري مشترك بـ 16 مليار دولار.
واعتبر أن توقيع هذه الاتفاقية " مهم جدا، وسوف يكون لها أثر كبير على توطيد وتوثيق العلاقة الاستراتيجية بين البلدين".
وأشار إلى أن السعودية تتصدر الدول التي تستثمر فى مصر، التي أصبحت مؤهلة لاستقبال المزيد من الاستثمارات، و" اعتقد أن هذه الزيارة سوف تساهم في زيادة الاستثمارات السعودية فى مصر".
فيما أكد وزير التجارة والصناعة المصري طارق قابيل، أن " زيارة ولي العهد السعودي تمهد لتحقيق نقلة نوعية للتعاون الاقتصادي المشترك من خلال تنفيذ عدد من المشروعات الكبرى التي تحقق مصالح الشعبين".
وأوضح في بيان عقب لقائه نظيره السعودي ماجد القصبي، أن " مصر والسعودية تمثلان حاليا شطري معادلة التوازن الإقليمي ومحور الاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط والعالم العربي، والزيارات المتبادلة للقيادة السياسية في البلدين ركيزة أساسية لتطوير العلاقات الاقتصادية ".
وأشار إلى أن " العلاقات السياسية المتميزة بين مصر والمملكة انعكست إيجابيا على معدلات التجارة البينية والاستثمارات المشتركة، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين في العام الماضي نحو 2.6 مليار دولار، فيما بلغت الاستثمارات السعودية في مصر حوالي 6.1 مليار دولار، تمثل نحو 11 % من إجمالي الاستثمارات الأجنبية في البلاد، و 27 % من الاستثمارات العربية في مصر".