بكين 4 مارس 2018 / تمثل قاعة الشعب الكبرى المهيبة وسط بكين شاهدا على السياسة الديمقراطية للصين.
في عام 2013، وفي الصالة الكبيرة بقاعة الشعب الكبرى، انتخب شي جين بينغ رئيسا لجمهورية الصين الشعبية من قبل نحو 3000 نائب بالمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني. وهذا الشهر، حينما يجتمع المجلس، من المتوقع أن ينتخب النواب رئيسا مرة أخرى.
تولى شي الرئاسة في وقت شاعت فيه الشواغل العامة بشأن الفساد والفجوة في الثروة والتلوث. وعقب انتخابه، قال شي "في مواجهة الاتجاه العام الهائل للعصر والتطلعات الكبيرة للشعب نحو حياة أفضل، قطعا لا نستطيع أن نرضى عن أنفسنا ونتراخى في العمل حتى لو بشكل طفيف.
وشرح شي رؤيته الخاصة بتحويل الحلم الصيني الخاص بالاحياء العظيم للأمة الصينية إلى حقيقة على يد الشعب ومن أجل الشعب.
بعد خمس سنوات من هذه التصريحات، حققت الصين إنجازات تاريخية. والصينيون الآن يشعرون بمزيد من التفاؤل.
وقال تشنغ تشانغ تشونغ، أستاذ العلوم السياسية في جامعة فودان، إنه سيعطي القيادة نسبة رضا عالية.
وتابع تشنغ "الصين حققت ليس فقط تنمية مطردة، وإنما خلقت أيضا نمطا لتطوير الحضارة الإنسانية. وخلف هذه الإنجازات، لعب شي جين بينغ دوره الحيوي كقائد مله"
ولدى إعادة انتخابه أمينا عاما للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني في أكتوبر الماضي، قال شي إن الأمة الصينية، التي تحملت في العصور الحديثة الكثير من الصعوبات التي دامت لفترة طويلة، حققت تحولا رائعا: فقد نهضت الصين وأصبحت ثرية وهي الآن تتحول إلى دولة قوية.
الاقتراب من تحقيق الحلم الصيني
الطريقة الأمثل لشعور أفراد الشعب العاديين بهذه القوة هي أن تصبح جيوبهم أكثر امتلاء بالمال.
وتحت قيادة شي جين بينغ، استمر الاقتصادي الصيني في النمو المطرد على مدار خمسة أعوام. وانتهى عام 2017 بتحقيق معدل نمو سنوي قوي بلغت نسبته 6.9 بالمئة.
وارتفع حجم الاقتصاد الصيني ليصل إلى أكثر من 82 تريليون يوان (13 تريليون دولار أمريكي) مقارنة بـ54 تريليون يوان، ليحفظ مكانه كثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وبلغ نصيب الفرد من الدخل القابل للصرف 25974 يوان العام الماضي، مرتفعا بنسبة 7.3 بالمئة على أساس سنوي بالأرقام الحقيقية. لقد زادت رواتب السكان بشكل مطرد على مدار السنوات الخمس الماضية.
وكشف ليو خه، أحد الشخصيات البارزة في فريق شي الاقتصادي، خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في 2018، أن عدد سكان الصين من ذوي الدخل المتوسط وصل إلى 400 مليون ولا يزال العدد في ازدياد.
الفقراء يصبحون أغنياء بشكل أسرع
ويتوقع الخبراء أن العمال المهاجرين الذين يبلغ عددهم 282 مليون شخص سيصبحون قوة رئيسية في التحويل إلى مجموعة الدخل المتوسط.
وتشو بين، 23 عاما، أحد شباب العمال المهاجرين الذين شهدوا تغيرا على مدى السنوات الخمس الماضية.
وبدأ تشو حياته العملية كشاب يحمل الطوب في موقع للبناء بمقاطعة هونان عقب تركه المدرسة الثانوية. وأخد تشو وظيفته على محمل الجد واجتهد في عمله.
وفي عام 2015، وصل تشو إلى القمة في مهنته ليمثل الصين في بطولة عالمية للمهارات المهنية. واستطاع تشو أن يحظى بمكان في شركة المجموعة الصينية للبناء، التي تأتي على قائمة مجلة فورتشن لأهم 500 شركة على مستوى العالم، وحصل على راتب أعلى وأصبح قائدا لفريق عمل خاص به.
بل إن تشو حضر هذا العام إلى قاعة الشعب الكبرى نائبا في المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني.
ولمنح الأشخاص المجتهدين مثل تشو ما يستحقونه، اتخذ شي إصلاحات جريئة لتنمية الاقتصاد وتوزيع الثروة بشكل أكثر عدلا. ولم يحدث هذا من خلال زيادة عمل آلات طباعة النقود، وإنما من خلال مجموعة من الإصلاحات.
تولى شي قيادة المجموعة القيادية المركزية لتعميق الإصلاح الشامل. وقامت السلطات المركزية بتطبيق أكثر من 1500 إجراء إصلاحي، ومن بين ذلك الإصلاح الهيكلي لجانب العرض لتحقيق التوازن الاقتصادي ووخفض الروتين الحكومي والبيروقراطية لتشجيع الشركات المتوسطة والصغيرة، وفتح مناطق تجارة حرة عبر البلاد.
وعلى مدار السنوات الخمس الماضية، تم خلق 66 مليون وظيفة لأشخاص يسكنون الحضر، وهو رقم يقارب عدد سكان بريطانيا.
ولتحقيق التوازن في الدخول، خفضت الصين الامتيازات الإضافية الخاصة بالمسؤولين ووضعت حدا أقصى لرواتب رؤساء الشركات المملوكة للدولة. على الجانب الآخر، حصل العمال والحرفيون على رواتب أعلى، في الوقت الذي تحسنت فيه معاشات كبار السن وإعانات الرعاية الصحية.
كما قطع شي وعدا هاما فيما يخص خفض الفقر، يطمح إلى القضاء على الفقر في كافة المحافظات والمناطق الفقيرة بحلول عام 2020.
والصين مستمرة في تحقيق هذا الهدف.
وتم انتشال أكثر من 68.5 مليون شخص من دائرة الفقر على مدار السنوات الخمس الماضية. وهذا يعني انتشال 37000 شخص من دائرة الفقر يوميا.
وتعهد شي قائلا "لن نترك أحدا منا في الخلف."
ولأداء هذه المهمة، تناوب مسؤولو الحزب والحكومة الإقامة في القرى الفقيرة. وساعدوا في صياغة خطط فردية لخفض الفقر تخص كل أسرة وعملوا مع هذه الأسر لتحقيق هذا الهدف.
وكان جيانغ فو آن أحد هذه الكوادر. في عام 2015 وصل جيانغ، الذي كان حينها مدقق حسابات بحكومة محلية، إلى قرية جبلية نائية في ولاية ليانغشان ذاتية الحكم لقومية يي بمقاطعة سيتشوان. وتنقل جيانغ بين أبواب المنازل ليزور أكثر من مئة أسرة فقيرة.
وبمساعدته، حصل عشرات الأطفال الفقراء على التعليم بالقرب من منازلهم. ولكن في عام 2016، وقبل استكمال مهمته، سقط جيانغ أثناء عمله وتوفي. وكان عمره 26 عاما فقط.
وساد القرية الحزن، وظلت تتذكر جيانغ الذي ضحى بحياته من أجل قضية عظيمة.
ومنطقة ليانغشان، بالفقر المدقع الذي تعاني منه، تمثل أحد شواغل الرئيس شي. وقبل العام القمري الجديد في 2018، اختار شي ليانغشان لجولته تفقدية، حيث زار خلالها منازل القرويين من قومية يي وتعهد بطرد شبح الفقر من هناك.
وقال شي حينها "نظامنا الاشتراكي يعني أن نجعل أفراد كافة القوميات يعيشون حياة عظيمة."
ويقول وليام جونز رئيس مكتب مجلة ((المراجعة الاستخباراتية التنفيذية)) في واشنطن إن القضاء على الفقر ظل لوقت طويل مهمة رئيسية للبشرية، ولكن حتى وقت قريب ظل ذلك "حلما خياليا".
وتابع بقوله "في الصين، يتحول هذا الحلم الآن إلى حقيقة."
الصين أكثر نظافة
شن شي حربا على التلوث أيضا.
حينما بدأ رئاسته، أصبح التدهور الإيكولوجي تحديا رئيسيا يواجه البشرية.
وحضر شي قمة باريس حول المناخ، وبعد ذلك بأشهر قليلة وقعت الصين اتفاقية باريس بشأن التغير المناخي.
وأصبحت بكين، التي تعاني من ضباب دخاني مستمر، مركزا لهذه المعركة منذ شن مجلس الدولة حملة وطنية للسيطرة على التلوث الهوائي عام 2013.
والعام الماضي، ترك سكان بكين أقنعة الوجوه التي كانوا يرتدونها حيث انخفض عدد الأيام "شديدة التلوث" إلى 23 يوما مقارنة بـ 58 يوما في عام 2013.
وقالت سلطات بلدية بكين إنه على مدى 9 أشهر في عام 2017، تراوحت مستويات بي إم 2.5 حول أقل معدل في خمس سنوات.
وعلى مستوى البلاد كلها، بلغ متوسط كثافة بي إم 2.5 في 338 مدينة 43 ميكروجرام للمتر المكعب، بانخفاض بلغت نسبته 6.5 بالمئة على أساس سنوي.
كما تحقق تقدم في مجال حماية مصادر المياه والتربة.
وبدأت الصين أيضا في إنشاء حدائق وطنية، و10 منها على الأقل في مرحلة التشغيل التجريبي. وعلى سبيل المثال تمثل مساحة حديقة الباندا العملاقة الوطنية، التي تمتد في 3 مقاطعات، ثلاثة أمثال مساحة حديقة يلوستون الوطنية في الولايات المتحدة.
وتبرز الحماية البيئية في خطة شي في التكامل الخماسي لتعزيز تحقيق متناسق على الصُعُد الاقتصادي والسياسي والثقافي والاجتماعي والإيكولوجي.
ويقول المراقبون إن قيادة الحزب لهذا العمل الشامل أمر حيوي لتحويل هذه الخطط إلى عمل.
كذلك، ومن أجل جعل الوظائف العامة أكثر نظافة، أعلن شي حربا على سرطان آخر قديم يهدد البشرية وهو الفساد.
وفي 2013، وصف شي الفساد، بأنه تهديد وجودي قادر على تدمير الحزب والدولة. وكان شي جادا فيما يقول.
لقد حققت الحملة المستمرة على الفساد نجاحا باهرا. فقد تم فحص كل ركن في النظام، ما أسفر عن معاقبة أكثر من 1.5 مليون مسؤول في الأعوام الخمسة الماضية. وبحسب أرقام وردت في تقرير عمل اللجنة المركزية الـ 18 لفحص الانضباط للحزب الشيوعي الصيني، بلغ إجمالي عدد المسؤولين تحت الادارة المركزية الذين تم التحقيق معهم 440 منذ نوفمبر 2012.
وكان سون تشنغ تساي، العضو السابق بالمكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني والأمين السابق للجنة الحزب في تشونغتشينغ، آخر موظف كبير يواجه تهمة الفساد.
وتم أيضا إسقاط "نمور" آخرين من بينهم، تشو يونغ كانغ وبوه شي لاي وقوه بوه شيونغ وشيوي تساي هو ولينغ جي هوا.
واستمرت الحملة بعد المؤتمر الوطني الـ 19 للحزب الشيوعي الصيني في أكتوبر الماضي، حيث أعلنت اللجنة المركزية لفحص الانضباط التحقيق مع 9 مسؤولين كبار آخرين - من بينهم عضو مجلس الدولة السابق يانغ جينغ - وذلك خلال نحو مئة يوم منذ المؤتمر الوطني.
وتم أيضا ضرب المسؤولين الفاسدين على المستويات الأدنى -- ويشار إليهم بمصطلح "الذباب". ولقد حظيت حملة مكافحة الفساد بشعبية كبيرة. وأظهر استطلاع عام للرأي أن معدل الرضا عن الحملة كان هائلا وبلغت نسبته 93.9 بالمئة.
ولإجراء حملات لفحص المؤسسات، أطلق شي عملية الإصلاح الرقابي. وتم تشكيل لجان رقابية على مستويات المقاطعة والبلدية والمحافظة فقط خلال 4 أشهر عقب المؤتمر الوطني الـ 19. ويهدف هذا الإصلاح إلى إخضاع كافة الموظفين العموميين للرقابة.
ويقول جياو هونغ تشانغ، الأستاذ بجامعة الصين للعلوم السياسية والقانون، إن الإصلاح سيساعد في تحجيم السلطة في "قفص المؤسسات".
إن هذه الخطوات السابقة تفند دعوى "الصراع على السلطة" التي يطلقها أناس بالخارج في محاولة لتشويه حملة الصين لمكافحة الفساد.
تشارك الفرص
صعد مؤخرا فيلمان من أفلام الحركة من إنتاج صناعة السينما الصينية إلى النجومية، وهما "حرب الذئاب 2" و"عملية البحر الأحمر".
وحبكتا الفيلمين متشابهتان: حيث يقاتل جنود صينيون بضراوة في حرب خيالية في منطقتي أفريقيا أوالشرق الأوسط الممزقتين بالحروب لإنقاذ مواطنين صينيين وأصدقائهم المحليين المضطهدين.
لكن الحبكتين ليستا خيالا محضا. ففي عام 2015، حينما اندلعت الحرب في اليمن، صدرت الأوامر إلى بحرية جيش التحرير الشعبي بإعادة مواطنين صينيين من هناك إلى أرض الوطن. وتم حينها إجلاء أكثر من 600 مواطن صيني و200 أجنبي خلال أيام.
وقد حقق "حرب الذئاب 2 " أكبر أرباح في تاريخ البلاد. وتضمّن المشهد الختامي للفيلم صورة لجواز سفر صيني يحتوي على سطر مكتوب فيه "إلى المواطنين الصينيين، حينما تتعرضون للخطر بالخارج ..لا تيأسوا! فخلفكم يقف وطن قوي".
وفي كل دور السينما، تولت المشاهدين حالة من الإثارة ووقفوا يهتفون ويرددون النشيد الوطني، والكثيرون منهم ذرفوا الدموع متأثرين. وتلك هي قوة هذا الفيلم.
وفي الواقع، أصبح السفر بجواز سفر صيني أسهل كثيرا من أي وقت مضى. فقد تخلت أكثر من 65 دولة ومنطقة عن متطلبات الحصول على تأشيرة قبل السفر بالنسبة لمن يحملون جواز سفر صينيا.
وخلال السنوات الأخيرة، قام المواطنون الصينيون بأكثر من 100 مليون رحلة للخارج. كذلك، اتجهت الشركات إلى إقامة أعمال لها في الخارج. وفي العام الماضي، استثمر الصينيون أكثر من 120 مليار دولار أمريكي في 6236 شركة في 174 دولة ومنطقة، ما وفّر وظائف ورواتب مستقرة للسكان المحليين.
وهذا هو العام الخامس منذ اقتراح شي جين بينغ مبادرة الحزام والطريق، التي تهدف إلى تحقيق مكاسب للعالم كله عبر التعاون في مجالي التجارة والبنية الأساسية. في عام 2017، وصل حجم التجارة بين الصين ودول مبادرة الحزام والطريق إلى 7.4 تريليون يوان. ووقعت أكثر من 80 دولة ومنظمة اتفاقيات مع الصين في إطار المبادرة.
وفي أوائل عام 2016، بدأ البنك الآسيوي للاستثمار في البنية الأساسية العمل، وهو أول مؤسسة مالية متعددة الأطراف تطلقها الصين على مستوى العالم. ومنذ ذلك الوقت بلغ عدد أعضاء البنك 84 دولة.
كذلك قدمت الصين القوية الكثير في الداخل.
فقد بلغ الاستثمار الأجنبي المباشر بالبلاد مستوى قياسيا في عام 2017، وصل إلى 878 مليار يوان. وزاد حجم الاستثمارات في قطاع التكنولوجيا في مجالي الخدمات والتصنيع.
وشهدت المراكز التجارية عبر البلاد -- من ييوو إلى قوانغتشو -- المزيد من رجال الأعمال الأجانب أكثر من أي وقت مضى. بعض هذه المراكز، التي تضم جنسيات أجنبية من أكثر من 100 دولة، أصبحت مراكز تجارية دولية.
وفي ميناء شيشي التجاري، في مقاطعة فوجيان جنوب شرق البلاد، يدير رجل الأعمال اليمني مروان عقلان سعيد شركة تجارية متخصصة في تصدير الملابس والدُمي والحقائب المصنوعة في الصين إلى الشرق الأوسط.
ويعيش سعيد في الصين منذ سنين طويلة ولا يتوقف عن إبداء إعجابه بالتطور الذي تشهده البلاد.
ويقول سعيد، الذي أصبح يدعو شيشي بلده "قد تكون خمس سنوات كافية لنا لبناء طريق للعودة إلى بلدي (اليمن). في الصين، هذه السنوات الخمس تكفي لبناء مدينة بالكامل من البداية. السرعة هنا هائلة."
وأوضح سعيد أنه يريد التوسع في أفريقيا، مستغلا الفرص التي تقدمها مبادرة الحزام والطريق. وتابع سعيد "الفرص ليست مقصورة على الشركات الصينية. نحن جميعا نستفيد."
لقد حظيت فكرة شي بشأن بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية بتقدير واستحسان عالميين. وتم إدراج الفكرة في قرارات الأمم المتحدة وكانت مصدر إلهام للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس 2018. ويرى العالم بكين تلعب دورا بناء في القضايا الإقليمية الشائكة من قضية الشرق الأوسط حتى قضية شبه الجزيرة الكورية.
إن الهدف العام للدبلوماسية الصينية هو تعزيز نمط جديد من العلاقات الدولية وبناء مجتمع مصير مشترك للبشرية.
وتعود جذور هذا الهدف إلى الفلسفة الصينية القديمة التي تقول "يتعين السعي وراء قضية عادلة من أجل نفع مشترك"، كما تعود إلى القيم الجوهرية لسياسة خارجية سلمية تتبناها الصين لأكثر من ستة عقود، وتعود أيضا إلى سعي شي إلى تحقيق الرخاء المشترك للشعب الصيني ولكل شعوب العالم.
كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أول رئيس دولة يزور الصين عقب المؤتمر الوطني الـ 19 للحزب الشيوعي الصيني. وخلال لقائهما في بكين، قال شي إنه وترامب أجريا محادثات عميقة حول العلاقات الثنائية والقضايا ذات الاهتمام المشترك وتوصلا إلى توافق واسع.
وجرت الزيارة عقب أشهر قليلة من لقائهما الأول في منتجع مار-إيه-لاجو بالولايات المتحدة. ولقد حدد اللقاء الذي دام سبع ساعات على مدار يومين مسار تطوير العلاقات الثنائية.
وتكررت تفاعلات شي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منذ المؤتمر الوطني الـ 18 للحزب الشيوعي الصيني. وأصبحت العلاقات الصينية-الروسية حجر أساس بالنسبة للسلام العالمي، وأخبر شي بوتين خلال لقائهما في دا نانج في فيتنام بان الصين وروسيا وضعتا نموذجا لنمط جديد من العلاقات الدولية قائم على الاحترام المتبادل والنزاهة والعدالة والتعاون المربح لكافة الأطراف.
وعلى مدى السنوات الخمس الماضية استضافت الصين سلسلة من القمم العالمية، منها منتدى الحزام والطريق الأول للتعاون الدولي واجتماع القادة الاقتصاديين الـ 22 للابيك وقمة مجموعة العشرين 2016 في هانغتشو وقمة البريكس في شيامن.
وتحت قيادة شي، لاحظت الشعوب زيادة في تأثير الصين على الساحة الدولية، وقدرتها على الإلهام وأيضا قدرتها على صياغة الأوضاع. لقد قدمت الصين اسهامات جديدة وعظيمة لتحقيق السلام والتنمية العالميين.
ويقول تشنغ، وهو أستاذ بجامعة فودان، إن الصين تحت قيادة شي حققت تقدما هائلا وشاملا في التنمية الاجتماعية والاقتصادية وحكم القانون وحوكمة الدولة وبناء الحزب والإنعاش الثقافي والحماية البيئية.
لقد تبلورت الفلسفة التي تدعم التغيرات العميقة التي شهدتها الصين عبر السنوات الخمس الماضية في أفكار شي جين بينغ حول الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد.
وأوضح تشنغ أن الصين دولة اشتراكية استطاعت التغلب على الكثير من تحديات التحديث التي تواجه العالم النامي، بل إن الصين استطاعت تجاوز البلدان الغربية المتقدمة في الكثير من المجالات، الأمر الذي يظهر قوة النظام الاشتراكي.
وتابع "لقد قاد شي الصين نحو عصر جديد ونمط صيني لتعزيز الحضارة الإنسانية تجري صياغته حاليا. وباقتراب الصين من الساحة المركزية للعالم، سيقدم هذا النموذج اسهامات أكبر للبشرية."
التطلع إلى المستقبل
خلال جلسة نقاش حضرها مسؤولون بارزون في يناير، استخدم شي استعارة لوصف العمل لهم.
قال شي حينها "لكي نتخطى اختبار هذا العصر الذي نعيشه، يجب أن نعتبر أنفسنا من يخوض هذا الاختبار وأن الشعب هو الذي سيحكم على أدائنا."
ولم ينته الاختبار بعد. لقد طرح شي منهجا من خطوتين للتنمية المستقبلية: من 2020 حتى 2035 سيتم العمل لتحقيق التحديث الاشتراكي بشكل أساسي: ومن 2035 حتى منتصف القرن الحالي، ستتطور الصين لتصبح دولة اشتراكية حديثة عظيمة.
وبالطبع هناك تحديات تواجه الصين. لقد تجاوز نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي 8000 دولار، لكنه لا زال يتخلف عن مثيله في الولايات المتحدة بمسافة كبيرة، الذي يبلغ 57000 دولار. ولا زال الهيكل الصناعي الصيني غير متطور، ولا تزال القدرة على الابتكار غير قوية بشكل كافٍ. كما انه لم يتم التخلص من المخاطر في النظام المالي.
وعرّف شي "التناقض الأساسي" الذي يواجه المجتمع الصيني على أنه تناقض بين التنمية غير المتوازنة وغير الكافية من جهة وحاجات الشعب المتزايدة لحياة أفضل من جهة أخرى.
وفي كلمته بمناسبة العام الجديد، قال شي "أعي هموم الشعب، مثل التعليم والتوظيف والدخول والضمان الاجتماعي والرعاية الصحية والضمان الاجتماعي لكبار السن والإسكان والبيئة."
وأوضح أن الجهود الرامية إلى تحسين أحوال معيشة الشعب لم تحقق الرضا على الدوام ونجاح الأمس لا يضمن تحقيق النجاح للأبد.
وحرص شي على تذكير رفاقه من كوادر الحزب والحكومة بأن العصر الجديد يخص الذين يعملون بجد، وحثهم على فتح فصل جديد في تاريخ النضال العظيم للشعب الصيني.
وسيتم الكشف عن الإجراءات التي ستأتي في أعقاب تعليمات شي خلال دورة المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني. وتحت قيادة شي، ستنتقل الصين من قوة إلى قوة.