حلب ــ سوريا 6 فبراير 2018 /إنها الحرب التي تدمر الناس والمنازل، ولكن وسط كل هذا الدمار والركام ، يتم الكشف عن الأسرار القديمة، في الجزء القديم من مدينة حلب في شمال سوريا، حيث سقطت الأبنية الحديثة ، وبدأت الأسرار التاريخية تكشف عن نفسها لأول مرة منذ مئات السنين.
عندما بدأت الحرب في مدينة حلب ( شمال سوريا )، العاصمة التجارية في سوريا، أحرقت الأسواق القديمة ودمرت البوابات القديمة وجدران المدينة القديمة التي لم تسلم أيضا من الدمار الذي لحق بالمدينة القديمة .
وكان باب النصر، أو بوابة النصر، كما يسميها أهل حلب ، من بين المواقع القديمة التي تعرضت لضرب قوي خلال الحرب عندما كان مقاتلو المعارضة المسلحة يسيطرون على ذلك الجزء من المدينة قبل أن يتم طردهم في ديسمبر من عام 2016.
وقد بنيت بوابة النصر في عام 1212 وأصبحت البوابة الأكثر أهمية التي تحرس الجدران الشمالية للمدينة القديمة في حلب، التي لديها تسع بوابات تاريخية.
وعندما أصبحت المنطقة آمنة، بدأت جهود الترميم تجري في حلب القديمة، في بعض الحالات من قبل الناس الذين تطوعوا بالوقت والمال لإنقاذ تراث مدينتهم الذي تعرض للخراب.
أولئك الذين بدأوا العمل على إصلاح واستعادة الأجزاء المدمرة من بوابة النصر يطلقون على أنفسهم "أصدقاء باب النصر". يقومون بعملهم بالتنسيق مع إدارة الآثار والمتاحف في حلب ومكتب المحافظ.
عندما بدأوا أعمالهم، كانت الطبقات التي تمت إضافتها على مدار الـ 100 سنة الماضية على الأرض الحجرية والجدران متصدعة، وفي بعض الأجزاء دمرت، وكشفت عن البنية الأصلية والهندسة المعمارية للبوابة والجزء الخارجي الذي يحتوي على ضريح مقدس، "برج دفاعي"، والذي كان يستخدم في أوقات الحرب للدفاع عن المدينة القديمة من الغزاة الأجانب.
كما بدأت الطبقات واللوحات الإضافية على الجدران الأصلية تسقط، وبدأ العمال في الموقع بتقشير طبقات من الأرض والجدران تماما واكتشفوا ثقوب في الجدران التي كانت جزءا من أقفال البوابات المستخدمة مع شريط خشبي طويل لإغلاق تمام للبوابة.
واكتشفوا أيضا نفق حفر خلف البوابة ولكنهم لم يعرفوا فيما كان يستخدم لأنه لم يذكر في أي مرجع تاريخي.
وكان اكتشافهم الأكثر أهمية هو درج مكون من درجتين مخفي خلف جدار يؤدي إلى سطح مجمع البوابة الصغيرة.
وقال علاء سيد وهو باحث تاريخي وعضو نشط في باب النصر لوكالة " شينخوا " إن اكتشافهم مهم وسيكون إضافة إلى كتب التاريخ.
وأضاف "خلال عملية الترميم، كان الدرج مغطى بجدار ولكن الشقوق بدأت تظهر عليه وبدأ الغبار يسقط من الشقوق وبدأ الجدار في السقوط واكتشفنا حفرة أغلقت لمئات السنين مما أدى إلى وجود درج تاريخي من الهيكل الأصلي للمبنى الذي كان مخفيا تماما ويعود إلى 800 سنة مضت ".
هذا الدرج يؤدي إلى سطح البرج الدفاعي لبوابة النصر، والذي يمكن الوصول إليه بخلاف ذلك من خارج المباني المجاورة.
وقال إن الاكتشاف جعلهم يشعرون بالسعادة الغامرة وأن جهودهم قد لم تذهب سدى .
وتابع يقول "في الواقع عندما اكتشفنا ودخلنا المكان كان مغطى ومغلقا منذ مئات السنين ، وكنا أول من دخله".
ووصفه بأنه "بوابة الأسرار"، وقال إنه يعتقد أن المزيد من العمل الذي يقومون به داخل الجدران القديمة، سيمكنهم من اكتشافات جديدة .
وأشار إلى أن بعض الاكتشافات التي عثر عليها لم يتم تفسيرها بعد، مثل النصوص القديمة على أحد الجدران داخل البوابة.
وأضاف إنه تم العثور على بعض الثقوب في حجم أصابع اليد عند إزالة طبقة إضافية من الجدران، ويبدو أنه بالنسبة للأشخاص في العصور القديمة كانوا يعتقدون في قدرة الحجر على الشفاء أولئك الذين يعانون من أمراض معينة.
وقال السيد إن " الحرب وعملية الترميم التي أعقبت ذلك مكنتهم من اكتشاف السلالم الخفية وغيرها من الأشياء الغامضة داخل البوابة الداخلية ".
وقال "في الواقع، لو لم يكن ذلك بسبب الظروف الصعبة التي مرت بها حلب، والضرر الذي لحق بهذه البوابة القديمة وعملية الترميم التي تلت ذلك، ربما لم تتح لنا الفرصة للقيام بهذا الاكتشاف" .
وتحتوي محافظة حلب على العديد من المواقع الأثرية الهامة وكانت مقصدا سياحيا هاما قبل نشوب الأزمة في مارس 2011 ، وتعاقب على حلب العديد من الحضارات الإنسانية .