قال المتحدث بإسم وزارة التجارة الصينية قاو فنغ، في 1 فبراير الجاري خلال مؤتمر صحفي اعتيادي، أن الصين وبريطانيا قد اتفقتا على بناء مدينة تكنولوجية في منطقة شيونغآن. كما من المتوقع أن يمضي الجانبان إتفاقيات تجارية بـقيمة 9 مليارات جنيه استرليني، تشمل بناء "الحزام والطريق" والقطاع المالي، والإبتكار والزراعة والعلوم والتكنولوجيا، وغيرها من المجالات.
قررت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي ومجلس الدولة في 1 أبريل 2017 تأسيس منطقة شيونغآن الجديدة، ويمثل هذا القرار خيارا استراتيجيا تاريخيا، وتعد شيونغآن منطقة ذات أهمية وطنية بعد المنطقة الإقتصادية الخاصة بشنجن ومنطقة بودونغ الجديدة.
لماذا قررت بريطانيا الإستثمار في بناء منطقة شيونغآن؟
أشار الكاتب بموقع "أخبار وولستريت" فو شي بنغ، في مقال نشره في أبريل 2017 إلى ان "مرض المدن الكبرى" ليس ظاهرة خاصة بالصين فحسب، بل أن بريطانيا قد واجهت نفس المعضلة قبل 50 عاما أيضا. وكانت عاصمة الإمبراطورية البريطانية لندن حينئذ قد خرجت لتوها من الحرب العالمية الثانية، ويسكنها 8 ملايين شخص. وهو ماولّد مشاكل الزحام المروري والتلوث البيئي، وشح الموارد الصحية وغيرها من أمراض المدن الكبرى. لذا، اتخذت بريطانيا في ذلك الوقت سياسات مشابهة للسياسات الحالية لمدينة بكين: تقييد النمو، اخلاء السكان وبناء المدن الجديدة.
يأتي قرار إنشاء منطقة شيونغآن في إطار معالجة "أمراض المدن الكبرى"، حيث ستضطلع شيونغآن بمهمة تحمل الوظائف غير العاصمية لبكين. مثل نقل الوحدات الإدارية، مقرّات الشركات، الأجهزة المالية، الجامعات، معاهد الأبحاث وغيرها من المؤسسات. وتحويلها إلى مايسمى بـ "المركز العاصمي المساعد". لذا، يبدو أن إهتمام بريطانيا بمنطقة شيونغآن يعود إلى تجربتها السابقة في هذا المجال وتفاؤلها بمستقبل المنطقة الجديدة.
في ذات الوقت، وبالنظر من المدينة التكنولوجية التي بنتها بريطانيا، يمكن لبريطانيا والصين إجراء تعاون مالي متين في المجال المالي. يذكر أنه على هامش الإجتماع الصيني البريطاني على مستوى رئاسة الوزراء لعام 2018، الذي جمع رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، حصل بنك ستاندرد شارترد بشكل رسمي على أهلية تسويق "سندات باندا" وهو ما من شأنه أن يعزز التعاون المالي بين البلدين.
وخلال الحوار الإقتصادي والمالي الصيني البريطاني الذي عقد في ديسمبر من عام 2017، اتفق الجانبان على وضع جدول زمني لإطلاق أول خطة ترابط لأسواق الأسهم بين البلدين "ترابط بورصتيْ شنغهاي ولندن". من جهة أخرى، دخل اليوان الصيني في عام 2014 رسميا في سلة إحتياطي النقد الأجنبي البريطاني. وفي العام الحالي سيعقد البلدان مؤتمر الحوار حول تدويل اليوان الصيني، لتشجيع إستخدام اليوان الصيني في الأسواق الدولية. وقد اتفق البلدان على مواصلة التعاون في المعاملات الدولية باليوان الصيني، ودعم عمليات التسوية باليوان الصيني للتجارة والإستثمارات بين البلدين. إلى جانب تعزيز دور بريطانيا في دفع عمليات التسوية باليوان الصيني وتطوير سوق اليوان الصيني بلندن.
رغم أن قيمة الإتفاقيات التجارية التي ستمضيها الصين وبريطانيا ستتجاوز 80 مليار يوان، إلا أن دلالات التعاون بين البلدين في بناء منطقة شيونغان تبدو أكثر عمقا. في هذا السياق، يقول هو دا واي الباحث المساعد بالمعهد الصيني للقضايا الدولية، أن هذه الخطوة تعكس التجاوب الإيجابي من الجانب البريطاني بشأن تعميق التعاون مع الصين، وتعكس الجهود التي يبذلها البلدان في سبيل دفع التعاون الثنائي.
في سياق متصل، يرى تشانغ ده يونغ الباحث بمعهد أبحاث الإستراتيجيات المالية بالأكاديمية الصينية للعلوم الإجتماعية، بأن بريطانيا تولي إهتماما كبيرا بالفرص التجارية المستقبلية في منطقة شيونغان الجديدة. كما أن بناء المدينة المالية والتكنولوجية في منطقة شيونغان بشكل مشترك، يعكس وجود العديد من المصالح المشتركة بين الصين وبريطانيا.