الدوحة 30 أغسطس 2017 /أثمرت زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اليوم (الأربعاء) للدوحة عن تعزيز العلاقات بين بلاده وقطر في مجالات عدة أبرزها الطاقة والدفاع والاستثمار، لكنها لم تأت بجديد لحلحلة الأزمة الخليجية التي ما زالت تراوح مكانها منذ ما يقارب ثلاثة أشهر.
وأعلن لافروف ونظيره القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني اليوم في مؤتمر صحفي مشترك عقب مباحثات بين الجانبين عن اتفاق البلدين على زيادة التنسيق لتعزيز التعاون في مجالات الطاقة والنفط والتجارة والتبادل الاقتصادي والاستثمارات المشتركة.
وقال لافروف إن البلدين مهتمان بزيادة التنسيق في مجال الطاقة والنفط وفي إطار منتدى الدول المصدرة للغاز، إلى جانب الاهتمام المتزايد بالتعاون في مجال الاستثمارات لا سيما بين الصندوق الروسي للاستثمارات المباشرة وجهاز قطر للاستثمار.
وفي إطار الزيارة، اجتمع لافروف بوزير الدولة لشؤون الدفاع خالد بن محمد العطية، الذي بحث معه المواضيع ذات الاهتمام المشترك وسبل تطويرها وتعزيزها لاسيما المجالات الدفاعية، وفقا لوكالة الأنباء القطرية (قنا) دون مزيد من التفاصيل.
ويأتي هذا اللقاء بعد نحو أسبوع من زيارة العطية لموسكو على رأس وفد عسكري رفيع من أجل صفقة سلاح "إس-400" و"بانتسير-إس" للدفاع الجوي، التي تعد من أكثر الأنظمة الروسية تطورا واستعرضتها موسكو خصيصا أمام الوفد القطري على هامش " منتدى الجيش 2017"، طبقا لتقارير إعلامية روسية.
وكشف العطية عن سعي بلاده لشراء تكنولوجيا إنتاج أنظمة دفاع جوي لنقل الإنتاج إلى قطر، مشيرا إلى أن هناك تكليفا من الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لتعزيز العلاقات العسكرية بين الجانبين.
وتعقيبا على زيارة لافروف، قال السفير الروسي لدى الدوحة نور محمد خولوف إن "قطر بدأت النظر إلى روسيا كصديق وشريك موثوق به في مسائل التعاون الدولي والثنائي على حد سواء وتعول على مساهمة الطرف الروسي في تسوية الأزمة الدبلوماسية، بحسب وكالة ((نوفستي)).
لكن مع هذا الزخم في العلاقات الثنائية إلا أن الوزير لافروف لم يحمل مقترحات جديدة لحل الأزمة في إطار جولته بالمنطقة، كما أنه نفى قيام بلاده بوساطة بين أطراف الأزمة.
وقال لافروف "نحن لا نتولى مهمة الوساطة، فهناك الوساطة الكويتية وقد أكدنا دعمنا للوساطة التي يقوم بها أمير الكويت وسنكون على استعداد للمساهمة في هذه الجهود إذا رأت الأطراف ذلك أمرا مفيدا".
وأضاف أن روسيا لم تقترح أي أفكار تختلف عن مقترحات الكويت والولايات المتحدة الأمريكية في هذا الخصوص ولا ترى داعيا لذلك، مشيرا إلى أن المقترحات المتوفرة تعد أساسا كافيا لبدء الحوار.
عن هذا الموضوع، قال المحلل السياسي محمد سلام لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن "دخول موسكو على خط الأزمة الخليجية لم يأت بجديد ولن يحدث فرقا لجهة حل قريب لا سيما بعد تعثر محاولات قام بها نظراؤه من المانيا وبريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا لأن الهوة بين الأطراف وأزمة الثقة ما زالت عميقة ومازالوا يرفضون الجلوس في حوار مباشر".
وأضاف سلام أن تأكيد لافروف دعمه للوساطة الكويتية ودعوته الأطراف إلى الحوار لم تضف شيئا إلى جولات سابقيه لكنها تقدم دعما معنويا لقطر التي تعتبرها موسكو شريكا استراتيجيا.
من جهة ثانية، يرى سلام أن روسيا التي لم تتحرك عمليا منذ بدء الأزمة رغم أنها كانت وجهة للمسؤولين من الدول الأطراف في الأزمة لشرح مواقف دولهم، اختارت توقيتا مناسبا للتحرك.
وأوضح أن زيارة لافروف تأتي في ظل تحولات مهمة في المنطقة يمكن لروسيا استثمارها للبحث عن دور حيوي في منطقة تعد ساحة نفوذ تقليدي للولايات المتحدة، ولتعزيز وجودها سياسيا واقتصاديا وللدفع باتجاه دعم رؤيتها للحل بشأن قضايا المنطقة لا سيما في سوريا.
واستطرد أن الزيارة تأتي بعد عودة العلاقات الدبلوماسية بين الدوحة وطهران، حليف موسكو الأوثق في الملف السوري، عقب إعلان قطر عودة سفيرها لمزاولة مهامه في إيران.
كما أن تركيا التي تدعم قطر منذ بداية الأزمة استعادت علاقتها الجيدة بموسكو بعد التوتر الذي أعقب حادثة إسقاط الطائرة الروسية قبل نحو عامين، وبدأت كذلك تتقارب مع إيران، وهذا التقارب مفيد للجانب الروسي لاسيما مع اقتراب الجولة المقبلة من مفاوضات أستانا بشأن سوريا، على حد قوله.
وذكر لافروف اليوم أنه بحث خلال الزيارة القضايا الإقليمية بما في ذلك الملف السوري والأوضاع في ليبيا والعراق، مؤكدا أن هناك موقفا مشتركا يتلخص في حل تلك الازمات عن طريق الحوار، فيما أشار الشيخ محمد إلى أن بلاده تدعم الجهود الروسية والدولية لإعادة الاستقرار في المناطق السورية وخفض التوتر.
وكان لافروف قد قام اليوم بزيارة رسمية للدوحة استغرقت يوما واحدا وذلك ضمن جولة خليجية للوزير قادته إلى الكويت والإمارات في إطار مساعي بلاده لحلحلة الأزمة الخليجية.
وقطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها الدبلوماسية مع قطر في 5 يونيو الماضي متهمة إياها بدعم وتمويل الإرهاب، وهو ما تنفيه الدوحة بشدة.
وقدمت الدول الأربع في 22 يونيو الماضي قائمة مطالب من 13 بندا، رفضت الدوحة تنفيذها باعتبارها " غير واقعية وغير قابلة للتنفيذ"، ما دفع تلك الدول إلى توعد قطر بإجراءات سياسية واقتصادية وقانونية جديدة.