تعليق: ماذا يعكس تحسن الإحتياطي الصيني من النقد الأجنبي؟

أظهرت البيانات الأخيرة للبنك المركزي الصيني بلوغ الإحتياطي الصيني من النقد الأجنبي 3081 مليار دولار إلى غاية نهاية شهر يوليو. حيث نمى حجم الإحتياطي بـ 23.9 مليار دولار مقارنة بشهر يونيو الماضي، وحقق بذلك نموا لـ 6 أشهر متواصلة. ويشير محللون إلى أن النمو المستمر للإحتياطي الصيني من النقد الأجنبي يفسر ظاهريا بضعف آداء الدولار، لكن في خلفية هذا النمو تمكن عدة مؤشرات ايجابية تخص الإقتصاد الصيني، من بينها تحسن عملية التحول والترقية الهيكلية، واتجاه عمليات شراء المستهلكين والشركات للنقد الأجنبي إلى التوازن، واقبال المستثمرين الأجانب على التمركز في الصين. وعلى المدى المنظور، سيبقى الإحتياطي الصيني من النقد الاجنبي عرضة للتذبذب، لكن من المتوقع أن يشهد هيكل ميزان المدفوعات تحسنا، كما ستشهد البيئة التي تضمن استقرار حركة العملة العابرة للحدود تحسنا ملحوظا.

فاعلية اصلاح جانب العرض

سجلت الإستثمارات الخاصة خلال النصف الأول من عام 2017 زيادة بـ 4.4 نقاط مئوية، ونمت صناعات التقنية العالية بـ 13.1%، وحقق حجم الإستيراد والتصدير نموا بـ 19.6%. ويعتبر عدة محللين هذه المؤشرات كسلسلة من التغيرات الإيجابية التي يعيشها الإقتصاد الصيني في ظل إصلاح جانب العرض.

في هذا الصدد، ترى مديرة المعهد الصيني لأبحاث النقد الأجنبي والإستثمار تهان يالينغ، أن وضع الإقتصاد الصيني خلال النصف الأول من العام قد تجاوز التوقعات، وأن الآداء قد بات اكثر استقرارا. وهو ما حفز نمو إحتياطي النقد الأجنبي.

توازن حركة السيولة العابرة

يشير المهنيون إلى أن احتياطي النقد الأجنبي الصيني بعد أن نمى بشكل سريع من 165.5 مليار دولار في بداية القرن الحالي إلى 3.99 تريليون دولار في عام 2014، شهد تراجعا تدريجيا. لكن لاحقا أدرك المراقبون بأن الصين لاتزال تحافظ على فائض في الميزان التجاري، وانها لاتواجه ضغوطا كبيرة على مستوى التزويد بالنقد الأجنبي. كما أن الفوائد التي تحققها عمليات تحويل العمْلة ليست أفضل من عائدات الأصول والإستثمار باليوان الصيني.

ويرى الباحث المساعد في قسم البحوث الإقتصادية بالمركز الصيني الدولي للتبادل الإقتصادي تشانغ هوان بوه، أن الأقسام الحكومية قد اتخذت تدابير فعالة وفورية لمواجهة ضغوط خروج النقد الأجنبي الناجمة عن الطلب المفرط على النقد الأجنبي. وعلى مستوى بيع النقد الأجنبي، واجهت عدة شركات صينية مخاطر وصعوبات مختلفة أثناء عملياتها الإستثمارية وعمليات الإستحواذ في السوق الدولية، وبدأت التفكير في اعادة تخطيط عملياتها الاستثمارية في الخارج، ومن ثم تخفيف الضغط لتدفق النقد الأجنبي في الصين.

ثقة رؤوس الأموال الأجنبية في السوق الصينية

تعد الإستثمارات الأجنبية في الصين إحدى قوى الدفع الرئيسية لنمو الإحتياطي الصيني من النقد الأجنبي. وتظهر البيانات الإحصائية للمكتب الصيني للنقد الأجنبي بأن الصين قد استقطبت ما قيمته 14.2 مليار دولار من الإستثمارات الأجنبية خلال النصف الأول من عام 2017. في حين بلغت الإستثمارات الصينية المباشرة في الخارج 40.4 مليار دولار، وبلغت الإستثمارات الأجنبية المباشرة في الصين 54.6 مليار دولار. وهو مايعكس ثقة المستثمرين الأجانب في السوق الصينية.

واذا أخذنا شنغهاي على سبيل المثال، نجد أن شركة الصناعة والتجارة اليابانية المحدودة، فرع البنك الوطني الإماراتي بشنغهاي، وفرع بنك تاي فونغ بشنغهاي ، وفرع البنك التايلاندي بشنغهاي قد حصلت على تراخيص للعمل. في ذات الوقت، قام بنك سويسرا وبنك الكومنولث الاسترالي والبنك الأهلي المصري بزيادة حجم السيولة المعتمدة باليوان الصيني.

في ذات الصدد، أشار رئيس مجلس إدارة شركة الاستثمارات على الأصول في هونغ كونغ تساي لي جيان إلى أن حجم الإدخار في البنوك الصينية يمثل 10 أضعاف إجمالي الإدخار في أمريكا. في حين لايمثل حجم ادارة الأصول الصينية سوى 1/10 في أمريكا. وهو مايعكس بأن سوق إدارة الأصول في الصين مازالت تتمتع بهامش واسع للنمو.

 "خلافا للماضي، تشهد رؤوس الأموال الأجنبية التي تستقطبها الصين تحولا مستمرا. حيث تنتشر المزيد من رؤوس الأموال الأجنبية في قطاعات الإنتاج المتوسط والعالي وقطاع الخدمات. وهو مايجسد اعتراف رؤوس الأموال الأجنبية بثمار التحول الهيكل الإقتصادي والفرص الكامنة في الصين. وهذا الإعتراف سيساعد إحتياطي النقد الأجنبي الصيني على البقاء في الهامش المعقول." يقول تشانغ هوان بوه.