تعليق: هل الانتقام الروسي ضد الولايات المتحدة متشدد؟

بعد الصبر لنصف سنة، أخيرا تتحرك روسيا، حيث أصدرت وزارة الخارجية الروسية سلسلة من الاجراءات المضادة بعد ان وافق مجلس الشيوخ الأمريكى بأغلبية ساحقة على مشروع قانون بفرض عقوبات أشد على روسيا. ومع ذلك، يشعر الناس من "الانتقام المتأخر" بضعف الموقف الروسي.

تشمل اجراءات العقوبات التي صادق عليها مجلس النواب ومجلس الشيوخ الأمريكي في الأسبوع الماضي صناعة الطاقة والمالية والسكك الحديدية والشحن والتعدين وغيرها من الصناعات الروسية، استهدافا للضغط على الوجود الروسي في السوق الدولية، خاصة سوق الطاقة في الاتحاد الأوروبي، من ثم ضرب الاقتصاد الروسي وإضعاف النفوذ السياسي الروسي. لذا تعتبر هذه الإجراءات أصرم وأشمل عقوبات فرضتها أمريكا علي روسيا منذ عام 2014، ما تخنق روسيا بشكل مباشر.

يرى العالم الخارجي ردود فعل روسيا، بانها تميزت ب "ضبط النفس" و"الاعتدال"، حتى ان روسيا لم تستخدم كلمة شديدة مثل "طرد" بالاضافة الى ذلك، فإنه من المحتمل أن يكون الموظفون الذين يطالب مغادرتهم من البعثة الدبلوماسية الأمريكية فى روسيا موظفين محليين، قليل منهم دبلوماسيون أمريكيون. لذلك، أشارت التحليلات الى انه رغم ان الاجراءات الروسية المضادة تظهر معنى الانتقام، غير ان قوة تأثيرها ضعيفة نسبيا، وإنما خطوات على مستوى دبلوماسي.

إن غضب واستياء روسيا واضح جدا. وكان الكرملين يتطلع الى دخول العلاقات الأمريكية والروسية الى "شهر العسل" بعد تولي ترامب منصب الرئاسة الأمريكية، ويتوقع تخفيف العقوبات الأمريكية على روسيا حتى الغاءها تماما. لكن، مثلما ذكرت السي ان ان، قد وجدت روسيا ان الأمل ضئيلا، حيث ان الفضاء لعمل ترامب يصبح ضيقا أمام شكوك الكونجرس الأمريكي وعداء الإعلام الأمريكي وتكثيف التحقيقات له. ولا يمكن لروسيا أن تفعل شيئاً سوى رد الفعل هذا لمواجهة الجولة الجديدة للعقوبات الشديدة.

ولكن، لا يوجد خيارات كثيرة أمام روسيا. وتظهر الاحصاءات ان العقوبات الأمريكية على روسيا شكلت ضغطا كبيرا للاقتصاد الروسي، في حين أن التأثيرات على الشركات الأمريكية محدودة، لأن حصة روسيا أقل من 1% في هيكل الصادرات الأمريكية، وهناك فقط 6 ولايات أمريكية تتخذ روسيا كسوق رئيسية. وحسب الإحصاءات، إن الناتج المحلي الإجمالي الروسي أقل من ولاية نيويورك وحدها، ما يقرر ان الاجراءات الاقتصادية الروسية المضادة لأمريكا قليلة جدا.

لا شك ان العلاقات الروسية والامريكية تنخفض الى الأدنى، حتى أن الإعلام وصف الامر بأن روسيا والولايات المتحدة تمر بـ" الأزمة الدبلوماسية الأكثر خطورة خلال مائة السنة الأخيرة". غير ان هناك حاجة وفضاء للتعاون بين الجانبين في بعض المجالات الدولية، بما فيها مكافحة الإرهاب، ومنع انتشار أسلحة الدمار الشامل وإزالة الصراع العسكري المباشر وغيرها. بالاضافة الى ذلك، أعلنت روسيا الاجراءات المضادة قبل توضيح ترامب موقفه بالضبط، كما ان هذه الاجراءات متشددة ظاهريا ومعتدلة جوهريا، وكل هذا يدلل على ان العلاقات الروسية والامريكية ستسير الى الأمام بشكل صعب.