طرابلس 25 يوليو 2017 /دخلت فرنسا على خط الملف الليبي بقوة، وهذه المرة نجحت في عقد لقاء مشترك ومباشر بين فائز السراج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق والمشير خليفة حفتر القائد العام للقوات المسلحة الليبية ، خطوة تحمل الكثير من المضامين ، وتبعث برسائل للقوى اٌقليمية والدولية، بأن باريس التي قادت التحالف الدولي لإسقاط القذافي في عام 2011 ، لن تواصل تقمص دور المتفرج ، بل سيكون لها دور في الضغط على الأطراف البارزة في المشهد الليبي .
يرى محمد عبد الله النائب في البرلمان الليبي في حديث خاص لوكالة أنباء ((شينخوا)) يوم الثلاثاء ، أن " الوساطة الفرنسية لها تأثير كبير على الملف الليبي ، وقطعاً ستحرك المياه الراكدة وتنهي الجمود الذي أصاب الفرقاء منذ توقيع اتفاق الصخيرات ، خاصة وأن باريس أظهرت مؤخراً جدية واهتمام بالشأن الليبي ، لما له من ارتدادات على الدول المجاورة لها ، والتي ترتبط بعلاقات متينة على مستوى الأمن ومكافحة الإرهاب ، على غرار الجزائر وتونس ، وبالتالي أهمية ليبيا من أهمية جيرانها ، وتعزيز العمق الاستراتيجي في شمال أفريقيا " .
وأضاف عبد الله أنه" على الرغم من مخرجات اجتماع باريس بين حفتر والسراج ، التي تبدو مبدئياً مطمئنة ، لكن ينبغي علينا عدم الإفراط في التفاؤل ، لأن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لم يوضح آليات الضغط التي ستمارس على الأطراف ، لتطبيق بنود الاجتماع ، التي من أهمها السعي نحو انتخابات العام المقبل " .
من جانبه ، رحب البرلمان الليبي بلقاء السراج وحفتر ، مع التشديد على تطبيق الاتفاق يجب أن يمر عبر البرلمان ولجنة الحوار الخاصة به .
واعتبر المستشار الإعلامي لرئيس البرلمان الليبي فتحي المريمي في تصريح لقناة ((ليبيا)) الفضائية ، أن الاجتماع تضمن مناقشة نقاط جوهرية ، خاصة فيما يتعلق منها بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية ، بالإضافة الى توحيد المؤسسة العسكرية .
ونوه المريمي إلى أهمية تطبيق ما يتم الاتفاق عليه على أرض الواقع ، معتبرا أن تطبيق ما تم الاتفاق عليه في باريس ، يجب أن يكون من خلال البرلمان ولجنة الحوار التي شكلها.
وكان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ، قد توسط لعقد اجتماع في باريس جمع فائز السراج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق والمشير خليفة حفتر القائد العام للقوات المسلحة ، نجح من خلاله إعلان اتفاق مشترك بين الطرفين يتكون من 10 نقاط رئيسية ، يقضي بوقف إطلاق النار في كامل ليبيا ، والسعي لتنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية في مارس 2018 .
كما أكد البيان، حرص الطرفان على تعزيز الجهود في محاربة الإرهاب في ليبيا ، والعمل على سرعة إدماج المقاتلين الراغبين في الانضمام إلى القوات النظامية ، مع الدعوة إلى نزع السلاح وتسريح المقاتلين الآخرين وإعادة إدماجهم في الحياة المدنية .
أما حزب العدالة والبناء المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا ، فقد رفض مخرجات اللقاء ، مؤكدا أن لا قيمة "لأي تعديلات للاتفاق السياسي خارج مظلة الأمم المتحدة ".
وأوضح الحزب في بيان صحفي تلقت ((شينخوا)) نسخة منه ، أنه "من خلال تواصله مع فئات واسعة من المجتمع الليبي ، لتباحث سبل الخروج من الأزمة ، يرى الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات، وما تضمنه من تشديد على أسس الدولة المدنية هو الأساس للعملية السياسية، وأن إجراء تعديلات عليه يجب أن تكون وفق بنوده وتحت مظلة الأمم المتحدة " .
وتابع قائلا إن "عقد لقاءات برعاية دول منفردة انحراف على المسار للاتفاق السياسي وتشويشا عليه، ويفتح المجال لأجندات تلك الدول بتغليب طرف على الآخر ، أو بتعميق هوة الخلاف واستمرار الانقسام والأزمة. فبعض الدول هي المشكلة وليست الحل".
ويأتي اجتماع السراج وحفتر في فرنسا ، عقب مرور أكثر من شهرين ، على اجتماع أبوظبي بينهما ، حيث تم الاتفاق حينها ، على وضع استراتيجية لتطوير وبناء الجيش الليبي الموحد، وانضواء المؤسسة العسكرية تحت السلطة المدنية ، بالإضافة إلى توحيد كافة الإمكانيات لمكافحة الإرهاب.
ومنذ اجتماع أبو ظبي ، لم يتم عقد اجتماع مباشر بينهما ، لتنفيذ مخرجات اجتماع أبو ظبي ، دون معرفة الأسباب .
من جهتها ، رحبت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا ، بمخرجات بيان باريس المشترك ، معتبرة المخرجات التي تمخض عنها اللقاء ، جد إيجابية ومهمة في مسار تسوية الأزمة السياسية ، و بما يصب في إنجاح الاتفاق السياسي الليبي.
وطالب أحمد عبد الحكيم حمزة مقرر اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا في تصريح ل((شينخوا)) ، " ضرورة الإسراع في وضع آليات لتنفيذ ما جاء به بيان باريس المشترك وأبوظبي السابق ، وفق جدول زمني محدد من أجل الإسراع في رفع المعاناة الإنسانية والأمنية والاقتصادية ، التي يعانيها منها الليبيون جراء حالة الانقسام السياسي ، في ظل الانهيار الكامل للخدمات الأساسية ، وتأخر التسوية السياسية للأزمة الليبية" .
كما أشاد حمزة ، بجهود ومساعي ومبادرات الأمم المتحدة والاتحادين الإفريقي والأوروبي وجامعة الدول العربية والدول الصديقة ودول الجوار ، الرامية لتحقيق الوفاق والحل السياسي للأزمة الليبية وإرساء الاستقرار وإحلال السلام ، ووقف أعمال العنف وضمان الحل السلمي والسياسي الشامل للأزمة ، واحترام سيادة القانون وحقوق الإنسان والتداول السلمي لسلطة ، بحسب تعبيره.