دمشق 21 يوليو 2017 / أكد محللون وخبراء سوريون اليوم (الجمعة) أن وقف المخابرات المركزية الامريكية الـ " سي أي ايه " لبرنامج دعم المعارضة المسلحة في سوريا ، لن يغير من موازين القوى على الأرض ولا في طبيعة العمليات العسكرية التي تنفذها الدولة السورية ضد الإرهاب .
وكانت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، قالت يوم الأربعاء الماضي ، إن الرئيس الامريكي دونالد ترامب قرر إغلاق برنامج دعم وتسليح المعارضة السورية بشكل نهائي، في خطوة تشير إلى تغيير جذري في سياسته حيال سوريا.
وسبق لوزارة الدفاع الأمريكية أن أعلنت العام الماضي أنها سوف تتوقف لفترة عن تدريب وتجهيز مقاتلي المعارضة السورية، وذلك حتى مراجعة هذا البرنامج مع النتائج التي حققها.
وقال المحلل السياسي السوري هيثم حسون في تصريحات خاصة لوكالة (شينخوا) بدمشق اليوم إن " برنامج الـ (سي أي ايه ) لتدريب المجموعات المسلحة وتمويلها وتسليحها برنامج قديم بدأ مع بداية ما سمي بالحراك الثوري في سوريا أي التمرد المسلح ودخول الإرهابيين إلى الأرض السورية " .
وأضاف حسون وهو ضابط سوري متقاعد " بطبيعة الحال الحديث عن إيقاف برنامج السي أي ايه لبرنامج دعم المعارضة المسلحة هو حتى هذه اللحظة تسريبات صحفية ، وليس قرارا رسميا معلنا من قبل الإدارة الامريكية " ، مشيرا إلى أن الإدارة الامريكية " لم تكذب أو تصدق الخبر وبالتالي هي افتراضات ولكن ستتعامل مع هذا الأمر على أنه أمر واقع " .
وتابع يقول إن " الإدارة الأمريكية استندت في هذا القرار إلى تجربة سابقة حيث تحملت الإدارة الامريكية اموالا طائلة لتدريب ما يقارب من الف مقاتل تبين فيما بعد أن من وصل إلى ساحة المعركة لا يتجاوز 50 مقاتلا ".
وأشار حسون إلى أن أمريكا تولدت لديها قناعة بأن زج أي عدد جديد في ساحة المعركة لا يمكن أن يؤدي إلى تغيير في موازين القوى التي بدأت تنقلب بشكل كبير بعد التقدم الذي يحزره الجيش السوري وحلفاؤه .
وأوضح المحلل السياسي أن هذا القرار الأمريكي جاء نتيجة لاجتماع الرئيس الأمريكي والروسي على هامش قمة العشرين في هامبورج بألمانيا والتي حاولت من خلالها الإدارة الامريكية أن تقدم بعض أوراق الترغيب للجانب الروسي من أجل إعادة تحسين العلاقات مع العودة إلى عملية التفاهم بين الجانبين الأمريكي والروسي حول سلامة التحليقات في الأرض السورية .
واعتبر المحلل السياسي أن هذا القرار قد يكون " محاولة ابتزاز من أمريكا للدول الداعمة للارهاب وخاصة للسعودية وقطر " .
واعرب المحلل السياسي عن اعتقاده بان هذا القرار لن يحدث أي تحول امريكي تجاه الأزمة السورية ، لافتا إلى أن الإدارة الامريكية لديها أهداف تحاول تحقيقها منذ عام 2011 وهي اسقاط الدولة السورية والحاق أكبر الضرر بها .
وبدوره قال عماد سالم وهو محلل سياسي سوري إن " الإدارة الامريكية لعبت دوراً أساسياً في دعم المعارضة المسلحة عسكرياً ولوجستياً وصرفت على ذلك مليارات الدولارات ، إلا أن ما قدمته المعارضة أقل بكثير مما تطمح إليه واشنطن، حيث فشلت في السيطرة الميدانية على أي منطقة من سوريا وكان معظم من دربتهم في تركيا والأردن إما التحقوا بمجموعات إرهابية لتنظيم (داعش ) والنصرة وإما قضي عليها كما حصل في إنزالها الجوي لقوات دربتها في الأردن في مطار البوكمال " .
وأضاف سالم إن " النتائج لم تكن توازي الطموحات وانتشار الإرهاب في أوروبا وبدء الحكومات الغربية الحليفة لواشنطن بالضغط لمحاربة الإرهاب جعل ترامب يعيد حساباته للتعاون الجاد في مكافحته وهذا لن يتم إلا مع الشريك الروسي ، حيث تشترط موسكو أن تنفذ الدول الكبرى وخاصة المشاركة في الحرب على سوريا تمويلاً وتسليحاً للمعارضة وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة المتعلقة بمحاربة الإرهاب وتجفيف منابع تمويله وهذا ما جعل الإدارة الأمريكية تتخذ هذا القرار" .
وقلل المحلل السياسي من أهمية تأثير هذا القرار على تطورات الأوضاع على الأرض " ، مؤكدا أن " التحولات الآن سريعة على الأرض فمن المعلوم أن معظم المجموعات التي تقاتل في سورية تابعة لتنظيم (داعش ) أو (النصرة ) وهذان التنظيمان موضوعان على قائمة الإرهاب الأمريكية ولا يوجد تعاون بينهما " .
وقال نائب مدير إدارة الإعلام والمطبوعات في الخارجية الروسية ارتيوم كوجين على موقع الوزارة "نحن لم نسمع من المصادر الرسمية شيئا عن صدور مثل هذا القرار عن الإدارة في واشنطن".
وأضاف " نحن كذلك لا نعلم ولا نعرف شيئا عن حالة البرامج المماثلة التي يمكن أن تنفذ عبر المؤسسات الأمريكية المختصة الأخرى والاستخبارات الأمريكية لا تقدم لنا أية تقارير".
وكانت الولايات المتحدة أطلقت في مايو 2015، برنامجا لتدريب "المعارضة السورية المعتدلة" لقتال تنظيم "داعش"، حيث شهد البرنامج تعثرا إذ لم تستطع أمريكا تجنيد أكثر من 50 متطوعا لتدريبهم، من مجموع 5400 كان يفترض تدريبهم، وذلك بسبب إصرار أمريكا على جعل قتال "داعش" أولوية على قتال قوات النظام السوري، وهو ما ترفضه العديد من فصائل المعارضة السورية، وذلك بحسب تقارير إعلامية.