بكين 14 يوليو 2017 / تجاهلت الهند مرارا دعوة الصين إلى قيام الهند بسحب قواتها من منطقة دوكلام وإعادتها إلى الهند مرة أخرى. لكن صم الآذان عن دعوة الصين لن يؤدي إلا إلى زيادة المواجهة المستمرة منذ شهر، وإلى زيادة الحَرج للهند.
يجب على الهند ألا تعد الموقف الحالي مطابقا أو حتى شبيها بالمواجهتين السابقتين في 2013 و 2014 بالقرب من لداخ، وهي منطقة متنازع عليها بين كل من الصين والهند وباكستان في جنوب شرق كشمير. وأسفرت الجهود الدبلوماسية في هذا الوقت عن انتهاء مشكلة الاحتكاكات بين القوات بشكل طيب، غير أن الحالة هذه المرة مختلفة تمام الاختلاف.
ولم تكن تلك هي المرة الأولى التي تقوم فيها القوات الهندية بعبور الحدود في قطاع سيكيم الذي تم فيه ترسيم الحدود مع الصين، والذي، كما يقول المتحدث باسم الخارجية الصينية قنغ شوانغ، ليس هو القطاع الوحيد الذي تم فيه ترسيم الحدود بين البلدين الآسيويين.
وقال قنغ "تم تعيين الحدود في منطقة سيكيم بين الصين والهند من خلال الاتفاقية بين بريطانيا العظمى والصين حول سيكيم والتبت عام 1890"، وكل من حكومتي الصين والهند اعترفتا مرارا بهذه الحدود.
وفي يونيو، عبرت القوات الهندية بوقاحة إلى الأراضي الصينية في منطقة دوكلام، ومكثت القوات الهندية هناك وأعاقت الصين عن بناء طريق في المنطقة ، وفشلت الكثير من البيانات والاحتجاجات من جانب الصين في جعل الهند تعود إلى صوابها.
وادعت نيودلهي انتهاك الصين لأراضيها قبل أن تقول نيودلهي إنها أرسلت قواتها "لحماية حليفتها" بوتان، وهي دولة ذات سيادة يبدو واضحا أنها لم توجه دعوة إلى أية دولة أخرى للتدخل في تلك المنطقة الحدودية.
ويجب على الهند أن تعلم أن بقاء قواتها غير الشرعي في دوكلام لن يفرض بأي حال من الأحوال أمرا واقعا هناك، ويجب على الهند أن تراجع نفسها قبل أن تسوء الأمور.
ولقد أوضحت الصين أنه لا مجال للمفاوضات حول هذا الحادث، وأن الهند يجب أن تسحب قواتها التي عبرت الحدود من منطقة دوكلام. فالبنسبة للصين، الخط الحدودي هو الأساس.
وبالاضافة إلى ذلك، فإن تحرك الهند غير المشروع في دوكلام يتعارض مع أسس العلاقات الدولية التي أعربت الهند عن تأييدها منذ خمسينيات القرن العشرين، مع الصين وميانمار. فمبادىء التعايش السلمي تتضمن الاحترام المتبادل لسيادة الدول الأخرى ووحدة أراضيها.
وفي السنوات الأخيرة، ظلت بعض الجماعات المدنية الهندية، يدفعها حس وطني مبالغ فيه، بإثارة المشاعر المناهضة للصين، بل ودعت تلك الجماعات إلى مقاطعة "بضائع الدول المعادية" في وقت يسوء فيه الموقف على الحدود الصينية الهندية.
وفي الوقت الذي عبرت فيه القوات الهندية إلى الأراضي الصينية في قطاع سيكيم، أصدر بعض مسؤولي الهند البارزين تصريحات غير عقلانية ساهمت في إشعال توتر لا لزوم له.
وكما يقول المثل الصيني القديم: السلام هو أثمن شيء. فقد لوحظ أن وزير الخارجية الهندي جاي شنكار أدلى مؤخرا بتصريحات إيجابية في سنغافورة، حيث قال "لا يتعين على الصين والهند ترك الخلافات تتحول إلى نزاعات."
وما تريده الصين الآن هو أن ترى الهند تتخذ إجراءات عملية تتلائم مع هذه التصريحات.
إن لدى الصين الارادة لحل المشكلة سلميا من خلال الوسائل الدبلوماسية، كما أن الصين تتمسك بتحقيق السلام والاستقرار في المناطق الحدودية، لكن انسحاب القوات الهندية بدون شروط يعد شرطا مسبقا لذلك.
ومن المتوقع بشدة أن تلتزم الهند بالمبادىء الأساسية للقانون الدولي، وألا تتمسك بأخطائها بعناد.