القاهرة 25 يونيو 2017 /أكد محللون سياسيون أن تزايد وتيرة الإرهاب في أوروبا مرتبطة بشكل أو بأخر بانحسار تنظيم "داعش" والهزائم التي تلحق به في سوريا والعراق.
وأكدوا وجود علاقة مباشرة ما بين العمليات الإرهابية التي تتعرض لها بعض الدول الأوروبية وبين ما يجري بمنطقة الشرق الأوسط أمنيا وسياسيا واقتصاديا.
ويرى الدكتور سعود الشرفات، رئيس مركز شرفات لدراسات وبحوث العولمة والارهاب بالعاصمة الأردنية عمان، أن هناك علاقة مباشرة بين هذه العمليات الإرهابية التي تشهدها بعض الدول الأوربية وما يجري في الشرق الأوسط.
وأكد الشرفات لوكالة أنباء (شينخوا) أن العلاقة بين الأمرين علاقة مطردة، حيث تزداد هذه العمليات بتطور الأوضاع بالشرق الأوسط، مشيرا إنه " ليس بالضرورة أن يكون لذلك علاقة بالأوضاع السياسية في الشرق الأوسط فقط، فهناك الكثير من العوامل والمحددات التي يمكن من خلالها تفسير هذا الارتباط، منها ركود ملف السلام العربي - الاسرائيلي والتهميش وارتفاع معدلات البطالة في الشرق الأوسط.
وعزا الشرفات هذه العلاقة المطردة بين الإرهاب في أوروبا والأوضاع بالشرق الأوسط، إلى ثلاثة عوامل تتمثل في العولمة وما أحدثته من زوال لحصرية الزمان والمكان، بسبب تطور تكنولوجيا وسائل التواصل الاجتماعي والمواصلات والاتصالات مما جعل مواجهة واحتكاك البشر أكثر واحتمالية .
والجانب الثاني المحور الجغرافي الذي يتمثل في تزايد وتسارع المواجهة بين طرفي هذه الاشكالية وهما الطرف العربي والاسلامي من جهة والطرف الغربي من جهة أخرى.
واشار إلى أن العامل الثالث يتعلق بظاهرة "الأسلاموفوبيا"، والتي أصبحت الأن أكبر وأكثر من اي وقت مضى، خاصة في بريطانيا وفرنسا، وحتى في الدول الاسكندنافية المعروفة بالتسامح تجاه المسلمين.
وحول علاقة تزايد العمليات الإرهابية في أوروبا بانحسار تنظيم "داعش" بعد معارك الموصل والرقة، فيشير الشرفات إلى أن هناك الكثير من الخبراء والمحللين سواء عرب أو غربيين يربطون بين الأمرين ربطا مباشرا.
ويقول هؤلاء الخبراء والمحللين إن زيادة العمليات في أوروبا مرتبط مباشرة بزيادة الضغوطات والانكسارات على تنظيم "داعش" في الموصل وفي الرقة، مما يجعلها تزيد من عملياتها الإرهابية في أوروبا.
ويرى أن انحسار "داعش" في سوريا والعراق هو أحد الأسباب، وليس السبب الوحيد لتزايد الارهاب في أوروبا مؤخرا.
ولفت إلى أن الأرقام تدل على العكس، مشيرا إلى أن تنظيم "داعش" قام بعمليات إرهابية في أوروبا قبل استهداف الموصل والرقة، وكانت عمليات نوعية وكبيرة جدا، وهذا ينفي العلاقة الكلية بين الانكسارات الأخيرة لداعش وزيادة عملياته الإرهابية في أوروبا.
واستطرد قائلا إن "الساحات الأوروبية هي هدف لتنظيم "داعش" قبل أن يتعرض للهزائم الأخيرة وهذا ماتدل عليه المؤشرات" .
وتابع، "الاتجاه الذي يمكن أن نقول أنه قد ازداد بعد انهزامات تنظيم "داعش" في الموصل والرقة، يتمثل في عمليات "الذئاب المنفردة" وهذا الاتجاه الإرهابي تحول من مجرد توجه قبل عقد من الزمان لأن يصبح الأن ظاهرة جزئية من ظاهرة الإرهاب الكبرى".
ونوه في هذا الصدد إلى أن "العمليات الإرهابية التي شهدتها فرنسا قام بها أشخاص منفردون، وكذلك بريطانيا في الأسبوعين الماضيين وبروكسل كلها عمليات تندرج تحت اتجاه "الذئاب المنفردة"، وهنا يمكن الربط بين هذين الامرين".
وهذا الأمر ليس قاصرا على تنظيم الدولة الاسلامية فقط، وإنما أيضا تنظيم القاعدة ينفذ بعض العمليات الإرهابية، وأعلن مؤخرا تبنى عملية إرهابية في مالي.
من جانبه، يرى دكتور محمد قشقوش استاذ الأمن القومي بأكاديمية ناصر العسكرية العليا بمصر، أن هناك بعض الأسباب لزيادة وتيرة الإرهاب في أوروبا من بينها عودة بعض مقاتلي "داعش" المنتمين لدول أوروبية لأوطانهم بعد تغير الأوضاع في سوريا والعراق وانحسار "داعش" في البلدين وزيادة وتيرة الهجرة سواء من شمال افريقيا أو حتى من جنوب الصحراء الافريقية عبر ليبيا والتي تعاني من الإرهاب .
وأكد استاذ الأمن القومي بأكاديمية ناصر العسكرية العليا العلاقة الوثيقة والارتباط المباشر بين تزايد العمليات الارهابية في أوروبا والضربات التي تلقاها تنظيم "داعش" في سوريا والعراق خاصة في الموصل والرقة.
وأوضح أن ما يجرى من تعامل مع الإرهاب في سوريا والعراق لايمكن أن يقضي على الإرهابيين، مشيرا إلى أن ما يتم هو مجرد قتل مجموعة، أو أسر مجموعة أخرى، أما الباقي يتمكن من الهرب للخارج.
ونوه إلى أن من يغادرون سوريا والعراق يأخذون جهتين، الأولى أن يعود إلى الوطن الأم، إما متخلصا من الأفكار المتطرفة القديمة ويندمج في المجتمع، وإما حاملا لأفكاره المتطرفة رافعا إياها في مواجهة مجتمعه.
ويضيف أن الجهة الثانية التي يتخذونها تتمثل في البحث عن ملاذ آمن، أن يكون بمثابة فترة حضانة، تمهيدا للعودة لممارسة العمل الإرهابي مجددا في أماكن أخرى، محذرا من أن كل إرهابي منهم يمكن أن يكون نواة لخلية نائمة، أويكون مجموعة إرهابية في مكان ما.
ولفت إلى أن هذا النوع يمثل خطرا كبيرا، موضحا أن هذا يعني أن الدائرة الجغرافية الإرهابية بعد القضاء على تنظيم "داعش" في سوريا والعراق ستتسع لتنتشر في أماكن أخرى.