تواصل القوات العراقية تقدمها في محلات المدينة القديمة وسط الجانب الغربي لمدينة الموصل (400 كم) شمال العاصمة بغداد، وإخلاء المدنيين الذين يحتجزهم التنظيم المتطرف كدروع بشرية، محققة تقدما في الجانبين.
وقال المقدم سلام جاسم حسين قائد الفوج الثاني بجهاز مكافحة الإرهاب لوكالة أنباء ((شينخوا)) من داخل المدينة القديمة "تواصل قطعات جهاز مكافحة الإرهاب تقدمها داخل محلات وازقة المدينة القديمة حيث تمكنت من استعادة 60 بالمائة من مناطق المدينة القديمة" مضيفا "قمنا بإجلاء أكثر من 10 آلاف عائلة من داخل المدينة القديمة وتم نقلهم إلى مراكز الإيواء بعد تقديم المساعدات الطبية والإنسانية لهم".
وأكد المقدم الذي بدى عليه النشاط والحيوية رغم أن التراب يغطي بزته العسكرية أن القوات تتقدم بصورة متواصلة وما يعيق تقدمها في بعض الأحياء هو من أجل المحافظة على أرواح المدنيين الذين يحتجزهم التنظيم المتطرف كدروع بشرية.
وأوضح أن مقاتليه فوجه قتلوا خلال استعادتهم لأجزاء من المدينة القديمة أكثر من 37 إرهابيا أغلبهم أجانب وعرب الجنسية، واصفا معنويات عناصر التنظيم بأنها منارة وقال "إنهم يحتمون بالمدنيين، لكننا سوف نواصل تقدمنا بأساليب ترهبهم وتجعلهم ينهارون أكثر"، مبينا أن المساحة التي بقيت بيد التنظيم المتطرف قليلة جدا وتم تحييد استخدام السيارات المفخخة كون ازقة المدينة القديمة لا تتسع لدخول السيارات إليها، ولم يبق أمامهم سوى استخدام الأسلحة المتوسطة والقناصة والأحزمة الناسفة.
من جانبه قال المقاتل ميثم علوان من اللواء 75 التابع للفرقة 16 بالجيش العراقي لـ(شينخوا) "إن قوات لواءنا دخلت اليوم محلة اليهود وسط المدينة القديمة وتواصل تقدمها ولم يبق لها سوى 200 متر لاستعادة هذه المحلة المهمة".
وأضاف "نقاتل على جبهتين الأولى قتل عناصر التنظيم الإرهابي واستعادة الأرض منهم، والثانية إنقاذ المدنيين ونقلهم إلى مخيمات النازحين بعجلات اللواء، وتقديم كل أنواع المساعدة العاجلة لهم وإرسال المصابين والمرضى منهم إلى المستشفى الميداني"، مشيرا إلى أن استخدام المدنيين من قبل تنظيم داعش الإرهابي كدروع بشرية هو الذي يعيق تقدم القوات.
إلى ذلك قال العميد يحيى رسول المتحدث الرسمي باسم قيادة العمليات المشتركة العراقية في تصريح للصحفيين" إن قوات الشرطة الاتحادية تواصل تقدمها من جهة الجنوب في المدينة القديمة "مضيفا أن هذه القوات مستمرة بالتقدم في مناطق راس الجادة وباب جديد وباب البيض باتجاه منطقة الخزرج".
وذكر رسول أنه لم يبق سوى أقل من 1 بالمائة من مساحة المدينة القديمة وهي أجزاء من منطقة الخزرج والمشاهدة والنبي جرجيس والسرجخانة وراس الخور وأجزاء من باب الطوب، مبينا أن القوات في كل المحاور تواصل تقدمها وقريبا جدا سيتم القضاء على عناصر التنظيم الإرهابي واستعادة المدينة القديمة، واصفا الدعم والاسناد الذي يقدمه طيران الجيش للقطعات المتقدمة بأنه رائع واسهم في الإسراع بعمليات استعادة مناطق وازقة المدينة القديمة.
وشدد العميد رسول على أن التعليمات الصادرة من القائد العام للقوات المسلحة لجميع القوات هو إنقاذ المدنيين الأبرياء الذين أجبرهم التنظيم المتطرف على البقاء معه لاستخدامهم كدروه بشرية، عن طريق فتح ممرات آمنة ومن ثم نقلهم إلى مخيمات النازحين، لافتا إلى أن القوات العراقية نجحت في إنقاذ الآلاف من المدنيين.
بدوره قال أبو محمد أحد سكان محلة اليهود بعد خروجه وعائلته مذعورا ويرتجف من الخوف لوكالة أنباء ((شينخوا)) "إن تنظيم داعش استخدم مع المدنيين أبشع الطرق ويستخدمهم كدروع بشرية ومن يحاول الهرب يقتلونه"، مبينا أن قناصا روسي الجنسية من التنظيم الإرهابي يحتجز نحو 100 عائلة حيث يقوم بقتل كل شخص يحاول الخروج من منزله.
وأضاف الرجل الذي يتجاوز ال 60 من عمره والدموع تسقط من عينيه على لحيته البيضاء الطويلة "بعد اقتراب القوات العراقية منا وتلويحهم لنا بالخروج خرجت باتجاههم عشرات العوائل، لكن التنظيم الإرهابي أرسل أحد الانتحاريين وفجر نفسه ما أدى إلى مقتل العديد من النساء والأطفال وكبار السن".
وبعد أن كفكف دموعه واصل حديثه قائلا "خلال الأشهر الأربعة الماضية كنا نشرب ماء من البئر، ونعاني من نقص كبير في المواد الغذائية أما الأدوية والعلاج فهذه مفقودة، وفوق كل ذلك كنا نعيش في خوف وهلع لانعرف متى نموت لأن التنظيم الإرهابي أعدم العديد من الأبرياء بتهمة التعاون مع القوات العراقية".
يشار إلى أن عناصر من التنظيم المتطرف حاولوا عصر اليوم السيطرة على حي التنك غربي الموصل لكن قوات مكافحة الإرهاب والمدنيين تصدوا للمتسللين وقتلوا 14 منهم حسب مصدر في جهاز مكافحة الإرهاب الذي أكد أن الوضع مستقر حاليا وتم القضاء على الإرهابيين الذين حاولوا عرقلة تقدم القوات داخل المدينة المدينة القديمة واصفا تلك المحاولة بأنها بائسة وباءت بالفشل نتيجة تعاون المواطنين مع القوات الأمنية.
يذكر أن القوات العراقية بدأت يوم الأحد الماضي عملية عسكرية من ثلاثة محاور لاستعادة حيي الزنجيلي والشفاء والمدينة القديمة، الأول الشمالي كلفت به قوات الجيش العراقي والرد السريع، والثاني الغربي كلفت به قوات مكافحة الإرهاب، والثالث الجنوبي كلفت به الشرطة الاتحادية، أسفرت حتى الآن عن استعادة الحيين ومعظم المدينة القديمة التي يحتجز فيها التنظيم المتطرف عشرات الآلاف من المدنيين كدروع بشرية.
وكان رئيس الوزراء العراقي والقائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي أعلن الخميس الماضي أن تحرير مدينة الموصل بشكل كامل بات "مسألة أيام قليلة" بعد قيام التنظيم المتطرف بتفجير منارة الحدباء التاريخية وجامع النوري، الذي شهد أول ظهور لزعيم التنظيم المتطرف أبوبكر البغدادي في يونيو من العام 2014، والذي أعلن منه "دولة الخلافة"، بعد اقتراب القوات العراقية منهما.
وبلغ عدد النازحين من الجانب الغربي لمدينة الموصل بسبب العمليات العسكرية التي انطلقت في 19 فبراير الماضي لاستعادة هذا الجانب أكثر من 710 آلاف نازح حسب جاسم العطية الوكيل الاقدم لوزارة الهجرة والمهجرين العراقية، الذي توقع استمرار موجة النزوح حتى استعادة المدينة القديمة.