بكين 6 يونيو 2017 / قطعت السعودية وحلفاؤها العلاقات الدبلوماسية مع قطر في تصاعد لصراع القوة في الشرق الاوسط الامر الذى يهدد التوازن السياسي في المنطقة للخطر ويعرقل الجهود العالمية لانهاء النزاعات في المنطقة.
وقال مراقبون إن الانشقاقات التي حدثت في مجلس التعاون الخليجي الذي يهيمن على الشؤون الاقليمية بعد عام 2011 من الممكن ان تؤدي الى المزيد من النزاع بين القوى الشيعية والسنية واضعاف عمليات مكافحة الارهاب.
*قطع العلاقات
واتبعت مصر والبحرين والامارات واليمن والمالديف قرار السعودية يوم الاثنين لقطع علاقاتها مع قطر. واتهمت الرياض قطر بدعم الارهاب وزعزعة الاستقرار في المنطقة، وهو الاتهام الذي نفته قطر.
وقامت قطر لعدة اعوام بدور الوسيط القوى فى النزاعات الاقليمية. ودعمت الدولة الغنية بالغاز الاخوان المسلمين وتواصلت مع ايران واقامت قنوات مع حماس وجماعات متطرفة مثل تنظيم القاعدة، السياسة التي اغضبت جيرانها ولكن قبلها العالم العربي بشكل عام والحلفاء الغربيين.
وعلى الرغم من ان قطر وقفت بقوة مع السعودية في شؤون اقليمية هامة، بينها الحروب الاهلية في سوريا واليمن، اختلفت البلدان حول مواقفها ازاء ايران، وتتنافسان من اجل دور قيادي في العالم العربي.
وفي عام 2014 استدعت السعودية والامارات والبحرين سفراء بلادهم لدى قطر واتهمتها بتعريض الامن والاستقرار في دول مجلس التعاون الخليجي للخطر. وتحسنت العلاقات بين قطر ودول خليجية في وقت لاحق بعد جهود الوساطة.
غير ان وكالة الانباء القطرية الرسمية نشرت خطابا للامير القطري الشيخ تميم بن حمد آل ثانى، في حفل تخرج عسكري الشهر الماضي، والذى وصف فيه حماس بانها "الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني" ووصف إيران بانه "قوة كبيرة لتحقيق الاستقرار في المنطقة."
وانكرت الدوحة في وقت لاحق هذا البيان قائلة انه تم اختراق وكالة الانباء ونشر بيانات زائفة.
وتتواصل قطر مع ايران منذ وقت طويل وتجاهلت التحالف المعادي لايران بعد ان زار الرئيس الامريكي دونالد ترامب الرياض "وأخيرا دفعت ثمن سياستها الخارجية المتقلبة،" وفقا لما قالته نورهان الشيخ، استاذة علوم سياسية في جامعة القاهرة.
*انقسام مجلس التعاون الخليجي.
ويضم مجلس التعاون الخليجي الذي تم تأسيسه في عام 1981، ست دول غنية وهى السعودية والبحرين وعمان والكويت والامارات وقطر، ومقره في العاصمة السعودية الرياض.
وحيث ان القوى التقليدية مثل مصر وسوريا دخلت في حالة من الفوضى والحرب الاهلية في عام 2011 وانشغل العراق بالاصلاحات بعد الغزو الامريكى فى 2003، هيمن مجلس التعاون الخليجي على الشؤون الاقليمية التي تشمل دول عربية في الاعوام القليلة الماضية والتى تحالفت ضد ايران واليمن وسوريا، .
وقال مراقبون إنه في خلال الستة اعوام السابقة، أصبحت قطر تنافس السعودية للحصول على دور قيادي في العالم العربي.
وتأمل قطر القيام بدور الوسيط بين دول الخليج وايران ودعت لتحسن العلاقات مع طهران، الامر الذي اغضب السعودية، وفقا لما ذكره سون دي قانغ، نائب مدير معهد دراسات الشرق الاوسط في جامعة شانغهاي للدراسات الدولية.
ودعمت قطر ايضا الاخوان المسلمين، منظمة لها تأثير واسع في دول عديدة. وفاز مرشحها محمد مرسي في الانتخابات الرئاسية المصرية في عام 2012 ولكن الجيش المصري مدعوم بالسعودية اطاح به بعد عام واحد من توليه الرئاسة. واعلنت مصر والسعودية والامارات والبحرين ان جماعة الاخوان المسلمين جماعة ارهابية في عام 2015، ولكن مازال قادتها يتخذون من قطر مأوى لهم.
وتتمنى قطر، ثالث اكبر دولة لديها احتياطي غاز طبيعي، منافسة السعودية فى القيام بدور قيادي في الشؤون الاقليمية، الامر الذي اثار الخلافات مع جاراتها، وفقا لسون.
وقال مراقبون إن الأزمة الدبلوماسية ستؤدي الى اضعاف نفوذ مجلس التعاون الخليجي ومن الممكن ان تستغل الدولة الاجنبية هذا الامر للتدخل بشكل أكبر في شؤون العالم العربي.
* اندلاع ازمة
وبعد إعلان قطع العلاقات مع قطر، طلبت السعودية والامارات والبحرين أمس من القطريين مغادرة بلادهم خلال 48 ساعة وغلق الفضاء الجوي والموانئ امام قطر.
واغلقت السعودية ايضا حدودها مع قطر، ومنعت بشكل فعال وصول الاغذية وصادرات اخرى الى جارتها.
وقال مراقبون إن هذه الخطوات مساوية لعقوبات شاملة من الممكن ان تفرض ضغط كبير على قطر.
وقالت نورهان الشيخ إنه اذا حافظت قطر على علاقاتها مع ايران، فانه من المحتمل ان تسحب الولايات المتحدة قواتها من البلاد، مضيفة ان قطر التي يبلغ عدد سكانها 300 الف فقط والتي تعد دولة ضعيفة صناعيا لا تستطيع الوقوف امام العزلة التى ستفرضها الدول العربية عليها.
وتستضيف قطر اكبر قاعدة جوية امريكية في المنطقة، والتي تعد ضرورية لدفاعها الوطني.
وحث وزير الخارجية القطري شيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني اليوم على عقد "حوار مفتوح وامين" لحل الازمة وانكر الاتهامات المتعلقة بدعم الارهاب.
وتم اخراج قطر من التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن يوم الاثنين. وفي نفس اليوم انكرت الجماعة الحوثية الشيعية، التي تحارب ضد التحالف بدعم ايران منذ شهر مارس 2015، دخول مبعوث الامم المتحدة للقيام بجهود للوساطة الى العاصمة اليمنية صنعاء.
وقال يو قوه تشينغ، باحث في معهد دراسات غرب آسيا وافريقيا التابع للاكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية إن انقسام مجلس التعاون الخليجي سيؤدي الى تعزيز دور ايران في المنطقة وتصاعد الصراع السياسي في العراق وسوريا حيث تحارب القوى العالمية ممن اجل الحصول على دور قيادي في اعادة تشكيل الترتيبات السياسية بعد هزيمة تنظيم الدولة الاسلامية.
ولا يستطيع احد انكار دور وتأثير التحالف الروسي والايراني بعد ظهور تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا والعراق والان هناك حاجة للمزيد من الوقت لمراقبة كيف يستطيع التحالف السعودي والولايات المتحدة تخطي هذه الازمة، وفقا ليو.