دمشق 6 يونيو 2017 /قبل الإفطار بدقائق يتسارع شبان وشابات متطوعون إلى الوقوف على أحد الطرق الرئيسية في دمشق وقد علت وجوههم ابتسامة خفيفة، لتقديم العصائر والماء للصائمين، الذين تأخروا عن الإفطار في منازلهم.
وفي مشهد مشابه للحواجز الأمنية والعسكرية في العاصمة السورية يقف هؤلاء المتطوعون بجدية على حاجز أطلقوا عليه اسم "حاجز رمضان" في انتظار الصائمين المارة، لكن دون تفتيش أو تدقيق في الهويات.
ويعمل هؤلاء ضمن فريق "كنا وسنبقى" التطوعي، الذي تأسس قبل أربع سنوات من أجل تقديم المساعدات للسوريين، خاصة في شهر رمضان.
ويقول سائد عبد الغني المسؤول عن الفريق لوكالة أنباء ((شينخوا)) بدمشق "نحن في حاجز رمضان لا نطلب الهوية ولا نفتش السيارات، وإنما نقدم بشيء من الفرح والسعادة العصائر والماء للصائمين الذي لم يتمكنوا من الوصول إلى منازلهم".
وأضاف عبدالغني، خلال وجوده في مطبخ يتم فيه إعداد الطعام للصائمين الذين هجرتهم الأزمة وباتوا بلا بيوت، إن "فكرة الحاجز مستوحاة من الأزمة التي نعيشها في سوريا، ولكن هذا الحاجز له طابع السلام والمحبة ولإيصال رسالة مفادها أننا كلنا أخوة وأحباء".
وتأسس فريق "كنا وسنبقى" قبل أربع سنوات، ويهدف إلى تقديم المساعدات من مواد غذائية للسوريين، خاصة في شهر رمضان، ويعتمد على "تبرعات أهل الخير"، حسب عبد الغني.
ويوزع الفريق وجبات إفطار وسحور على السوريين المحتاجين طيلة شهر رمضان.
وأشار عبد الغني وهو يقوم بتغليف الأطعمة المعدة للتوزيع اليوم أن الفريق يقدم خلال شهر رمضان أكثر من 125 ألف وجبة إفطار.
وخلال فترة العمل يتبارى المتطوعون في توزيع المهام فيما بينهم ، إذ يقوم قسم بتعبئة الطعام في أطباق، واخرون يقومون بالتغليف، فيما يضع قسم ثالث الطعام في أكياس لتصبح جاهزة للتوزيع.
وتبادر قمر المتطوعة ذات ال19 ربيعا أحد الصائمين قائلة "رمضان كريم"، ثم تعطيه مشروب "التمر الهندي" المبرد، وعدة حبات من البلح.
وتقول قمر ل(شينخوا) وهي توزع العصائر على الحاجز إن "فكرة حاجز رمضان فكرة جيدة تهدف إلى بث التآخي والمحبة بين السوريين الذين مزقتهم الحرب".
وتضيف إن "الفكرة أعجبتها واندفعت إليها لتكون ضمن الفريق".
ورحب سوريون بالفكرة.
ويقول بعضهم إنه "عندما تُذكر كلمة حاجز يتبادر للذهن إنه حاجز يقوم بالتفتيش"، لكن الأمر سرعان ما يتبدل عندما يجدون كأس الماء أو العصير بين أيديهم.
ويقول حسام، وهو موظف في إحدى شركات القطاع الخاص ل(شينخوا) "تفاجأت عندما اقتربت مني إحدى الفتيات، وهي تحمل بين يديها صينية وعليها عدة كؤوس مملوءة بالعصائر، وتقول لي رمضان كريم ، تفضل اروي ظمأك".
وأعرب عن سعادته لوجود شباب سوريين لديهم هذا الإحساس بما ألم بالسوريين من ويلات.
غير أن عددا من السوريين الذين اضطرتهم الأزمة لترك بيوتهم، يتذكرون بحسرة وألم جلسات الإفطار في رمضان في قراهم وبلداتهم المترامية الأطراف في الريف الشرقي والشمالي من دمشق.
ويقول الخمسيني ابو احمد، الذي جاء ليأخذ وجبة الإفطار من مطبخ فريق "كنا وسنبقى"، "لم نعش طقوس رمضان منذ سنوات، ونتحسر للعودة إلى منازلنا والجلوس كعائلة حول مائدة رمضان".
وأضاف، وهو يحمل كيسا أبيض "هؤلاء الشبان يعملون من أجل رسم بسمة على شفاه أطفالنا من خلال وجبة وعبوة عصير في شهر رمضان".
بدورها، تقول بشرى عاشور (18 عاما) وهي واحدة من المتطوعات "نأتي بشكل يومي إلى خيمة رمضان من أجل المساعدة في إعداد وجبة الإفطار، وهي مساهمة من قبل شباب سوريا تجاه العائلات التي هجرت من منازلها كي نقدم لهم بعض المساعدات البسيطة".
وحثت عاشور الشباب على التطوع وتقديم المساعدات الإنسانية للسوريين الذين يحتاجون المساعدة، قائلة "نحن نعمل على زرع بسمة أمل على وجوه هؤلاء السوريين الذين تركوا بيوتهم وباتت ظروفهم صعبة".
وتضيف "أنا الآن أقوم بالمساعدة لربما غدا أنا أحتاج إلى مساعدة".