بقلم: نؤاس الدراجي
طرابلس 2 مايو 2017 / أثارت تقارير استخباراتية أمريكية مسربة بشأن تواجد قوة أمريكية داخل قاعدة عسكرية جنوب ليبيا حالة من اللبس بشأنها في ظل تضارب الأنباء وتجنب مسؤولين عسكريين التعليق حول الموضوع، ما زاد من مستوى الغموض حول وجود مثل هذه القوات وظلت حقيقة وجود تحركات أمريكية في أقصى جنوب البلاد محل تصديق بدرجة كبيرة.
ومثلما غابت تصريحات قادة عسكريين تابعين للجيش الليبي أو المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، فقد تضاربت تصريحات نواب الجنوب الليبي حول الواقعة، فبعضهم نفى وجود أي قوة أمريكية والآخر رجح احتمال وجودهم، في ظل غياب أي طرف أو مصدر مستقل أو رسمي يؤكد حقيقة التواجد العسكري الأمريكي بقاعدة عسكرية تقع في عمق الصحراء.
ونفى صالح قلمة النائب في البرلمان الليبي وجود قوات تابعة للقيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا بمطار قاعدة "الويغ" العسكرية ، ضمن الدائرة المحاذية للحدود مع النيجر وتشاد والجزائر.
وأشار قلمة في تصريح صحفي إلى أن قاعدة الويغ خارج الخدمة منذ عام 2011 وتتمركز فيها قوات تابعة للجيش وعناصر القوة المساندة.
لكن النائب البرلماني إبراهيم كرنفودة، أكد في تصريح لوكالة أنباء ((شينخوا)) يوم الثلاثاء أن "لا أحد يمكنه تأكيد وجود أو عدم وجود أي قوة عسكرية أمريكية في القاعدة، نظراً لصعوبة التواصل مع هذه الرقعة المترامية الأطراف، حيث تتواجد القاعدة في عمق الصحراء بالقرب من حدود تشاد والنيجر".
وتابع كرنفودة المنحدر من الجنوب، قائلا إنه "تحتاج مئات الكيلومترات من موقع القاعدة حتى يمكن مشاهدة مظاهر للسكان والحياة، وبالتالي فإن عملية التقين من عدم وجود قوة عسكرية غير ليبية أو حتى نزولها في القاعدة يحتاج وقتا طويلا ومعلومات مؤكدة، وبالتالي فإن فرضية النفي والتصديق حول وجود قوة أمريكية يمكن التعاطي معها".
وكشفت وثائق أمريكية عالية السرية جرى تسريبها إلى وسائل إعلام بواشنطن مؤخرا عن وجود 42 موقعاً لإفريكوم (القيادة الأمريكية في أفريقيا)، بينهم 15 موقعا ثابتاً، في 24 دولة أفريقية تشمل ليبيا وكينيا وجنوب السودان.
وتعكس هذه التحركات توجها لتوسع العمليات الأمريكية في القارة الأفريقية، كما تظهر زيادة كبيرة في عدد المواقع العسكرية الأمريكية عقب الهجوم على السفارة الأمريكية ببنغازي عام 2012 حيث ارتفعت المواقع العسكرية الثابتة والمتحركة بواقع 50% في أفريقيا وشمال القارة.
ومن جانبه، يرى أحمد الحسناوي العميد المتقاعد من الجيش الليبي نبأ وجود قوات أمريكية في جنوب البلاد حقيقي، وبأنه جاء ضمن اتفاق سري تم التوصل إليه مطلع الشهر الماضي بين قائد القوات الأمريكية في أفريقيا ورئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج،ويتضمن إقامة وحدات غير قتالية متحركة تقوم بمهمة جمع المعلومات حول نشاط التنظيمات الإرهابية في شمال أفريقيا.
وأضاف الحسناوي في حديثه لـ((شينخوا)) "لقد وصلتني معلومات بأن قوات أمريكية نزلت في قاعدة الويغ الجوية بالقرب من معبر الثوم البري مع النيجر، وهو موقع عسكري مترامي الأطراف يصعب الوصول إليه براً ومناسب لعملية عسكرية سرية تهدف لجمع المعلومات بالدرجة الأولى".
وأشار العميد أحمد الحسناوي إلى أن هذا التحرك الأمريكي الاستخباراتي جنوب البلاد تم بالتنسيق المشترك مع قوات الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر والقوات التابعة للمجلس الرئاسي، لكن لم يكشف عنه لوسائل الإعلام نظرا لأهمية الاحتفاظ بالسرية لنجاح المهمة.
وكان الجنرال والد هاوزر قائد القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم) قد أجرى اجتماعاً في مقر القيادة بألمانيا مطلع أبريل الماضي مع رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني حيث ناقشا الشراكة بين الولايات المتحدة وليبيا لمكافحة الإرهاب وإمكانية الحصول على مساعدات أمريكية لتطوير القدرات العسكرية الدفاعية للجيش الليبي، وما يمكن تقديمه في مجالي بناء القدرات والتدريب وتبادل المعلومات، في إطار سعي الحكومة لتوحيد المؤسسة العسكرية.
وتشمل جهود قوات (أفريكوم) تدريب جيوش الدول المتعاونة والحليفة ومحاربة الجماعات الإرهابية على غرار تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في منطقة الساحل والصحراء وحركة الشباب في الصومال وجماعة بوكو حرام في منطقة حوض بحيرة تشاد، إضافة إلى إحتواء تأثير سقوط القذافي عام 2011.