بغداد 13 مارس 2017 /بدأت القوات العراقية مرحلة حرب الشوارع مع تنظيم داعش الارهابي بعد وصولها إلى اطراف المدينة القديمة وسط الموصل (400 كلم) شمال بغداد، التي تتميز بضيق طرقها وصعوبة الحركة فيها وكثافة السكان.
وحسب البيانات الصادرة من خلية الإعلام الحربي التابعة لقيادة العمليات المشتركة العراقية فان قوات الشرطة الاتحادية والرد السريع قد حققت تقدما في حي باب الطوب الذي يعد مدخل المدينة القديمة، فيما تمكنت قوات جهاز مكافحة الارهاب الاقتراب من المدينة القديمة ايضا من محور اخر.
وقال المحلل السياسي صباح الشيخ لوكالة أنباء (شينخوا) "إن معارك حرب الشوارع بدأت فعليا بين القوات العراقية والتنظيم الارهابي مع دخول هذه القوات لحي باب الطوب، الذي يتميز بشوارعه وحاراته الضيقة ومبانيه القديمة، وكثافة السكان، وصعوبة دخول المدرعات اليه".
واضاف الشيخ " إن التنظيم الارهابي يستخدم السكان المحليين كدروع بشرية، حيث يجبرهم على البقاء في منازلهم فيما ينشر قناصته ومقاتليه فوق المنازل السكنية لتحقيق، هدفين الاول هو اذا تم قصف المنازل نتيجة لرؤية الطيارين للقناصين فان اغلب الضحايا الذين يسقطون من المدنيين، حتى يستخدمها التنظيم ذريعة ويقول ان القوات العراقية تستهدف المدنيين".
وتابع " الهدف الاخر هو اعاقة تقدم القوات العراقية او اجبارها على عدم استخدام الاسلحة الثقيلة لوجود المدنيين في المنازل"، مبينا ان القتال الذي يدور حاليا هو قتال من منزل إلى منزل ومن شارع إلى شارع في ظل وجود مدنيين يستخدمهم التنظيم الارهابي كدروع بشرية ما زاد من صعوبة مهمة القوات العراقية.
وأكد الشيخ أن المدينة القديمة هي قلب الموصل وحاليا تقاتل القوات العراقية على اطرافها الجنوبية والغربية، والخناق يضيق على التنظيم الارهابي، خاصة بعد تمكن القوات العراقية والحشد الشعبي يوم امس من قطع اخر طرق الامداد بين الموصل وبلدة تلعفر، احدى اهم معاقل التنظيم الارهابي غرب الموصل.
وتضم المدينة القديمة وسط الموصل، التي تشكل قيمة حيوية للقوات العراقية، جامع النوري الكبير الذي أعلن منه زعيم التنظيم المتطرف المدعو أبوبكر البغدادي ما اسماه "دولة الخلافة"، ومباني تاريخية مهمة كمنارة الحدباء، واسواق قديمة وتراثية وتعد هذه المدينة قلب الموصل ولها رمزية خاصة لدى ابناء الموصل.
واوضح الشيخ ان الجانب الغربي لمدينة الموصل الذي استعادت القوات العراقية اكثر من 50 بالمائة منه بات مطوقا من جميع الجهات، واصبح عناصر التنظيم محاصرون في الاحياء المتبقية فلم يعد امامهم خيار سوى القتال وهذا ما يفسر شراسة القتال.
وكان قائد اللواء الثاني في قوات الحشد الشعبي، كريم الخاقاني افاد مساء امس بان قوات الحشد الشعبي والفرقة التاسعة بالجيش العراقي سيطرت على الشارع الرئيسي بين تلعفر والموصل ومحطة القطار والمحطة الكهربائية، وبذلك تم عزل وتطويق الجانب الغربي للموصل بنسبة 360 درجة.
واعرب الشيخ عن اعتقاده بان القوات العراقية ستحقق تقدما سريعا بعد كسر الخطوط الدفاعية للمدينة القديمة، لان معنويات عناصر التنظيم الارهابي انهارت وقوتهم ضعفت الى درجة كبيرة، واصبحوا مطوقين من جميع الجهات، فضلا عن استهدافهم بطائرات التحالف الدولي، وفقدانهم لتأييد اهالي الموصل، مبينا ان استعادة المدينة القديمة تعني نهاية التنظيم في الموصل.
وأشار الشيخ إلى أن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة يلعب دورا مهما في عمليات استعادة الجانب الغربي من الموصل، وخاصة المدينة القديمة من خلال تقديمه المعلومات الاستخبارية الدقيقة واساليب واجهزة حديثة لتعقب المسلحين.
إلى ذلك، أكد مصدر عسكري عراقي لوكالة انباء (شينخوا) ان القوات العراقية باتت على ابواب المدينة القديمة فبعد اقتحام الشرطة الاتحادية والرد السريع لحي باب الطوب وتحقيق تقدم فيه، تمكنت قوات مكافحة الارهاب من استعادة حيي الاغوات والنفط وهما قريبين من المدينة القديمة.
وكشف المصدر عن استخدام القوات العراقية لاسلوب جديد ضد التنظيم المتطرف، لتفادي وقوع ضحايا بين المدنيين الذين يستخدمهم التنظيم دروعا بشرية، من خلال تكثيف الطلعات الجوية وخاصة الطائرات المسيرة واستهداف مقرات التنظيم الارهابي ودفاعاته الخلفية وتجمعاته وآلياته المفخخة، فضلا عن مهاجمته من عدة محاور حتى تشل حركته، ونشر قناصة فوق المباني العالية.
يذكر أن المعارك العنيفة أدت إلى نزوح نحو 100 الف عراقي من الجانب الغربي لمدينة الموصل حسب اخر احصائية اعلنتها وزارة الهجرة والمهجرين العراقية.
وكانت بعض وسائل التواصل الاجتماعي تناقلت مقاطع فيديو يظهر فيها بعض الاشخاص بزي قوات الامن العراقية وهم يعتدون على النازحين، لكن القوات العراقية نفت ذلك نفيا قاطعا مؤكدة ان الجماعات الارهابية هي التي تقف وراء انتاج ونشر هكذا فيديوهات.
وقالت في بيان "يوما بعد اخر يحاول العدو الداعشي ومن يدعمه ايهام الراي العام بوجود انتهاكات للقوات الامنية او الحشد الشعبي في المناطق المحررة من خلال نشر فيديوات مفبركة في مواقع التواصل الاجتماعي تقوم بانتاجها الجماعات الارهابية او جهات مغرضة ابغضتها انتصارات قواتنا الامنية".
وأوضح البيان أن قيادة العمليات العراقية المشتركة ومن خلال تحليل وتدقيق الفيديوهات ظهر لها "ان اغلب هذه الفيديوهات تصور في اماكن غير معروفة ويتم افتعال الاكاذيب الواردة فيها من خلال ارتداء الاشخاص الذين يظهرون فيها زي القوات الامنية، وتتم عملية اخفاء معالم وجوه الفاعلين خلال التصوير، وهذا ان دل على شيء فانه يدل على ان اماكن التصوير مازالت في ظلام داعش (المناطق التي يسيطر عليها التنظيم الارهابي) وسيخرج عليها نور الانتصار عما قريب".
يذكر أن مدينة الموصل التي يفصلها نهر دجلة الى قسمين، الايسر (الشرقي) استعادته القوات العراقية في 24 يناير الماضي بعد معارك استمرت اكثر من 100 يوم، والجانب الايمن (الغربي) الذي بدأت عملية استعادته في 19 فبراير الماضي واسفرت حتى الان عن استعادة اكثر من نصف مساحته، ويشكل الجانب الشرقي 60 بالمائة من مساحة الموصل والجانب الغربي 40 بالمائة لكن عدد السكان في الجانب الغربي اكثر من الجانب الشرقي.