بقلم/السفير شيه شياو يان، المبعوث الصيني الخاص إلى سوريا
من المقرر بدء جولة جديدة من محادثات السلام بشأن سورية تحت عباءة الأمم المتحدة في جنيف بسويسرا في 23 من شهر فبراير الجاري.والعودة إلى الوراء عام 2011، لم يكن ما يسمى بـ " الربيع العربي" ربيعا مزدهرا في سوريا ،وإنما شتاء قاس طويل. حيث شهدت سوريا على مدى ستة سنوات ماضية حربا لا نهاية لها، حصدت ارواح الالاف من الناس وشردت مئات الملايين من اللاجئين وانتشر الفقر . كما ضربت الحرب النمو الاقتصادي والاجتماعي والحضارة السورية. وقد أدت الفوضى الى نمو الارهاب الذي لا يهدد سوريا فقط ،وأنما يشكل تهديدا خطيرا على السلام في المنطقة والعالم أجمع.ويبين الوضع في سوريا مرة أخرى أن الحرب ليست هي الحل وأن القوة لن تجلب السلام.
يتزايد بشكل كبير رغبة الناس في تحقيق السلام مع اتساع دائرة العنف والفوضى وأنعدام الأمن. و في نهاية العام الماضي، لعبت المساعي الحميدة التي لعبتها روسيا دورا مهما في التوصل الى اتفاق وقف اطلاق النار بين الحكومة السورية وجماعات المعارضة المسلحة ،وإنشاء آلية مراقبة وقف اطلاق النار، وإجراء جولتين من الحوار في أستانا. وتعتبر هذه المرة الاولى التي تمكنت فيها الاطراف المتحاربة الاجتماع في نفس الغرفة للحوار، وذات أهمية كبيرة لترسيخ وضع وقف اطلاق النار القيم والحفاظ على زخم الحوار.وأن استئناف المفاوضات يمكن أن تفتح آفاق جديدة للحل السلمي في سوريا.
تلتزم الامم المتحدة بتعزيز الحوار السياسي في سوريا دائما. في العام الماضي، تمخض من الوساطة النشطة لدي ميستورا المبعوث الخاص للامم المتحدة الى سوريا عقد ثلاث محادثات السلام غير المباشرة في جنيف. وسيتم عقد جولة جديدة من المحادثات وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 2254 الذي ينص على عقد "مفاوضات بشأن عملية انتقال سياسي" يبقى الأساس للجولة الجديدة. وفي هذا الصدد، يهتم المجتمع الدولي به للغاية، ويتطلع له مملوءا بالآمل.
تدعو الثقافة الصينية منذ القدم إلى فلسفة "السلام والوئام والمصالحة". ولتحقيق هذه الغاية، يجب على الاطراف المتنازعة إجراء محادثة السلام. ومن أجل تحقيق محادثات السلام تقدما ملموسا، يجب على الحكومة السورية والفصائل المختلفة في المعارضة وضع مصالح الناس في المكانة الأولى، وإظهار روح التوافق والتعاون، وتحويل السيوف الى محاريث، و العمل من أجل تحقيق المصالحة الوطنية.وتقول قصيدة صينية شهيرة:"الابتسامة تزيل العداوة بين الاخوة الباقين على قيد الحياة بعد الحرب". كما يجب على الدول ذات الصلة في المنطقة أن تتخلى على المصالح الذاتية، وتدفع الوضع الى الأمام على أساس أربع مسارات موازية: وقف اطلاق النار ، المفاوضات السياسية، المساعدة الأنسانية والتعاون لمكافحة الارهاب. وينبغي على اعضاء المجتمع الدولي العمل معا للتواصل على تقديم مساهمة أيجابية لتسوية شاملة للقضية السورية.
بالاضافة الى ذلك، دور الأمم المتحدة كالقناة الرئيسية للوساطة مهم جدا لحل الأزمة السورية. حيث أن للامم المتحدة ميزة فريدة من نوعها والخبرة الخاصة في حل القضايا الدولية والإقليمية الساخنة. وعلينا أن ندعم الانشطة الدؤوبة لجهود الامين العام للأمم المتحدة ومبعوث الخاص الى سوريا ، ويتضامن الاطراف المتعددة، لبناء توافق ونضخ "القوة الايجابية" للمفاوضات والمصالحة.
في نهاية المطاف، حل الأزمة السورية ينبغي أن يكون بيد السوريين. وينبغي ان تعكس العملية السياسية الديمقراطية والمساواة والتسامح، تشكيل حكومة وحدة وطنية بمشاركة الفصائل العرقية والدينية المختلفة، وطرح برنامج شامل يناسب وضع سوريا مع الأخذ بعين الاعتبار شواغل جميع الاطراف، والذي يمكن الحصول على قبول كل الاطراف والتنفيذ الفعال. ولن يتحقق السلام دون شعور حميع الاطراف السورية المعنية بالامن.
" جليد سمكه ثلاث أقدام لا يتكون في يوم واحد". وان تسوية الصراعات وحل الازمة السورية التي استمرت ستة سنوات لا يمكن أن يتحقق بين عشية وضحاها. وينبغي للأطراف تثبيت اتجاه المسار، والمحافظة على الصبر، والالتزام بمبدأ "خطوة خطوة، من السهل الى الصعب"، وتراكم الثقة المتبادلة والنتائج حتى تسوية نهائية للأزمة السورية.
قناعة الصين راسخة بأن حل الأزمة السورية لن يكون عسكريا بل سياسيا، وسياسة الصين تنادي إلى حل الازمة بطريقة سلمية وتدعمها. وأعلن الرئيس الصيني شي جين بينغ في مقر الامم المتحدة في جنيف مؤخرا ، عن قرار الصين تقديم 200 مليون يوان من المساعدات الانسانية جديدة لمساعدة اللاجئين السوريين. وقال وزير الخارجية الصيني وانغ يي في مؤتمر جنيف 2 للسلام في سوريا، إن الصين تأتي إلى هنا من أجل السلام والمصالحة، وإن الجانب الصيني لا يسعى إلى أي مصلحة أنانية في المسألة السورية، وإن ما يهمها أكثر هو الحفاظ على مصلحة الشعب السوري التي هي من مصلحة الصين. وتشارك الصين بعمق في مشاورات ومناقشات مجلس الامن لتعزيز التوافق واعتماد المجلس للعديد من القرارات بشأن سوريا. وتشعر الصين بـتعاطف كبير حيال الوضع الإنساني الصعب الذي يعانيه الشعب السوري. وقد شغلت منصب المبعوث الخاص لأقل من عام، وسافرت اكثر من عشر دول معنية، وشاركت في العديد من الاجتماعات الدولية والاقليمية، وكان لدينا اتصالات مكثفة مع الاطراف المعنية وبذلنا جهود كبيرة لتعزيز محادثات السلام. وبذلت الصين دائما جهودها لتوفير حكمة الصين وقوة الصين لحل الأزمة السورية سياسيا.
من استانا الى جنيف، لا يزال المجتمع الدولي يترقب. وأنني أتطلع الى أن تتسم محادثات السلام بالشجاعة الحكمة. وأنظر الى الامام أكثر، فإنه في أطار الجهود المبذولة من قبل جميع الاطراف، القضية السورية تتوصل الى تسوية سياسية مبكرة.