كييف 11 فبراير 2017 / يرى خبراء أوكرانيون أن لا مجال للحديث عن شروط مسبقة لإجراء استفتاء حول انضمام البلاد إلى منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في المستقبل القريب رغم التصريحات الأخيرة الصادرة عن الرئيس بيترو بوروشينكو.
وقال فيكتور موسياكا الأستاذ بأكاديمية (كييف موهيلا )إن عزم بوروشينكو الدعوة إلى إجراء استفتاء حول الانضمام للناتو مدهش حقا في هذا الوقت الذي لم يعرض فيه الحلف على أوكرانيا حتى ولو خطة للحصول على العضوية.
وأضاف موسياكا "لم نتلق سوى رسائل تفيد بأن لا أحدا ينتظر أوكرانيا في الحلف. قالوا إن التعاون ممكن، ولكن العضوية إما احتمال بعيد أو شيء غير قابل للتحقيق".
ومن الواضح أن إجراء استفتاء أمر غير مجدى حتى يشير الناتو إلى أنه مستعد لقبول أوكرانيا كعضو، ولكن التكتل العسكري يبدى حاليا حماسة ضعيفة إزاء ضم هذا البلد الواقع في أوروبا الشرقية إليه.
وكان بوروشينكو قد صرح في وقت سابق من الشهر الجاري بأن أوكرانيا تدرس إمكانية إجراء استفتاء بشأن ما إذا كانت تنضم للناتو، مضيفا أن عدد الأوكرانيين المؤيدين للانضمام إلى هذا الحلف العسكري ارتفاع بواقع أكثر من ثلاثة أضعاف ليصل إلى 54 في المائة على مدى السنوات الأربع الماضية.
وتعهد الرئيس بعمل كل ما في وسعه "لنيل عضوية الحلف الأطلسي" إذا ما صوت الشعب لصالح الانضمام.
ويرتبط الناتو وأوكرانيا بعلاقة وثيقة منذ مطلع تسعينات القرن الماضي وتعد علاقاتهما أحد العلاقات "الأكثر جوهرية" لشراكات الناتو، حسبما أفاد الموقع الإلكتروني للحلف.
وأكدت نائبة الأمين العام للناتو روز جوتمولر مجددا يوم الخميس دعم الحلف لأوكرانيا، داعية كييف إلى دفع مكافحة الفساد وغيرها من الإصلاحات قدما.
وقالت جوتمولر "أشجع أوكرانيا على مواصلة المضي قدما في هذه الإصلاحات. وسوف يستمر الناتو في تقديم الدعم السياسي والعملي لأوكرانيا ".
وتعليقا على الخطط الرامية إلى إجراء استفتاء، قال رئيس مكتب الناتو لدى أوكرانيا إلكسندر فينيكوف إنه لابد لكييف من إجراء سلسلة من الإصلاحات، ولا سيما في مجالي الأمن والدفاع، قبل أن يكون مساعها مقبولا للنظر فيه.
ولا شك في أنه مادامت أوكرانيا منخرطة في الصراع الدائر بالمناطق الشرقية والنزاع على الأراضي مع روسيا بشأن القرم، سيكون الباب المؤدى إلى الناتو مغلقا.
وعلاوة على ذلك، لا يرتقي الاقتصاد الأوكراني والبيئات السياسية في أوكرانيا حاليا لمعايير الحلف، وهو ما يعنى أن الطريق للانضمام للناتو سيكون طويلا.
وما يجعل الاستفتاء أبعد احتمالا هو حقيقة أن العقيدة العسكرية لأوكرانيا، التي صادق عليها بوروشينكو في عام 2015، لا تضع أي أمل لحصولها على عضوية الناتو.
وقد ذكر يفجني مارتشوك رئيس الأمانة الدولية للتعاون الأمني والمدني بين الناتو وأوكرانيا أن "القانون الحالي لا يحدد الهدف من الانضمام للناتو -- والهدف الأسمى هو تحقيق معايير تقنية محددة لتلبية معايير الناتو".
وأشار إلى أن الأمر سيستغرق من أوكرانيا مالا يقل عن 10 سنوات للحصول على عضوية هذا التكتل العسكري.
من ناحية أخرى، فإن المجتمع الأوكراني نفسه غير مستعد بعد تماما للإداء بصوته في استفتاء حول عضوية الناتو لأن انضمام البلاد المحتمل للحلف معقد نتيجة الخلافات الداخلية حول القضية وعدم وجود معلومات حول هذا الموضوع.
وقالت المحللة المستقلة آنا ماليار "لدى شكوك كبيرة إزاء فهم الشعب الأوكراني للتحديات التي يفرضها الانضمام للناتو. لذا، ينبغي علينا أولا أن نقدم لمواطنينا المعلومات والمعرفة حول هذه القضية وحينها فقط يمكننا أن نطلب منه القيام باختيار سيقرر مصير بلادنا ".
ولفت بعض المراقبين إلى أن تصريحات بوروشينكو لم تكن إعلانا سياسيا بأن الاستفتاء سيجرى قريبا، وإنما فقط إشارة لاستعداده لإجراء مثل هذا الاستفتاء يوما ما.
ويؤكد هذا الرأي حقيقة أنه بعد وقت قصير من تصريحات بوروشينكو، قال رئيس إدارته كونستانتين إيليسيف إن الاستفتاء لن يجرى إلا عقب تلبية أوكرانيا لجميع متطلبات الناتو.
ومن ناحية أخرى، أعرب بعض المحللين الآخرين عن اعتقادهم بأن تصريحات بوروشينكو، التي قال فيها إن 54 في المائة من الأوكرانيين من المرجح أن يؤيدوا الانضمام للناتو خلال الاستفتاء، ليست سوى محاولة لدفع التعاون مع الحلف قدما وسط مخاوف من أنه قد يضعف بعد التغيير في القيادة الأمريكية.
وذكرت إيرينا بيكشكينا المحللة في (مؤسسة المبادرات الديمقراطية) "من الواضح أن هذه التصريحات تهدف إلى ممارسة ضغط على شركائنا الغربيين، حيث تظهر لهم أن الشعب الأوكراني يدعم تطلعات الحلف، ومن ثم ينبغي توسيع التعاون".