بكين 2 يناير 2017 /أدان المجتمع الدولي الهجوم الإرهابي الذي وقع في ملهى ليلي في اسطنبول التركية خلال الساعات الأولى من السنة الجديدة، مما أسفر عن مقتل 39 شخصا على الأقل، في حين ما يزال منفذ الهجوم طليقا.
ومع تجمع أكثر من 600 شخص للاحتفال بقدوم سنة 2017 في ملهى "ريينا" الليلي في وسط اسطنبول، اقتحم رجل مسلح المكان وبدأ بإطلاق النار عشوائيا، وذلك بعدما قتل ضابط شرطة ومدني عند مدخل الملهى في حوالي الساعة 1:15 بعد منتصف الليل من يوم الأحد (2215 السبت بتوقيت غرينتش).
وذكرت وسائل إعلام تركية أن 28 أجنبيا من 9 دول كانوا من بين القتلى الـ 39 الذين سقطوا جراء الهجوم.
كما أدى الهجوم إلى جرح 69 آخرين، من بينهم 4 في حالة خطيرة.
-- الإدانات الدولية
وقال مجلس الأمن الدولي في بيان صدر يوم الأحد أن أعضائه "أدانوا بأشد العبارات الهجوم الإرهابي المشين والوحشي" على ملهى ليلي في اسطنبول.
وأضاف البيان "أنهم أعربوا عن تعاطفهم العميق وتعازيهم لأسر الضحايا ولحكومة تركيا، كما تمنوا الشفاء العاجل والتام لمن أصيبوا بجروح".
بدوره، قدم رئيس المفوضية الأوروبية جان-كلود يونكر، تعازيه في بيان أرسله يوم الأحد للرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وقال "بالأصالة عن نفسي وبالنيابة عن المفوضية الأوروبية بأكملها، أود أن أعرب عن خالص التعازي القلبية لكم وتضامني مع الضحايا وذويهم".
فيما قال بيان مشترك صادر عن مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، والمفوض الأوروبي لسياسة الجوار ومفاوضات التوسع، يوهانس هان، "ندين بقوة كافة أشكال الإرهاب ونؤكد على التزامنا المستمر بالعمل مع السلطات التركية لمنع ومكافحة هذه التهديدات بفاعلية".
من جانبها، أدانت الحكومة الصينية يوم الأحد الهجوم الإرهابي.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا تشون يينغ إن "الصين تعارض بقوة كافة أشكال الإرهاب وعلى استعداد للعمل مع تركيا والمجتمع الدولي للحفاظ على السلام والأمن على المستويين الإقليمي والعالمي".
وأرسل وزير الخارجية الصيني وانغ يي برقية تعزية إلى نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، وفقا لهوا.
كما بعث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين برسالة إلى الرئيس التركي، قال فيها إنه "من الصعب تصور جريمة أكثر وحشية من قتل أناس أبرياء أثناء احتفالات العام الجديد".
وأضاف بوتين "بيد أن الإرهابيين لا يتحلون بأي قيم أخلاقية، وواجبنا المشترك هو مكافحة اعتداءات الإرهابيين".
وأدان البيت الأبيض ما وصفه بأنه "هجوم إرهابي مروع"، وعرض تقديم مساعدة الولايات المتحدة لتركيا.
بدورها، نددت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بـ "الهجوم الخبيث وغير الإنساني على أناس كانوا يريدون الاحتفال".
كما أدانت دول من بينها البرازيل وفنلندا واليونان وإيران ونيبال والبرتغال وسنغافورة أيضا الهجوم.
-- المسلح ما يزال طليقا
وتمكن المسلح من الفرار بعد تسلله من الملهى الليلي أثناء حالة الفوضى، لتطلق الشرطة بعد ذلك عملية تعقب واسعة.
ووفقا لشهود عيان، فقد قام المهاجم المسلح، الذي كان بحوزته "سلاح بعيد المدى"، بتغيير خزينة الذخيرة عدة مرات خلال الهجوم، كما سُمع وهو ينطق باللغة العربية عبارة (الله أكبر).
وذكرت محطة ((إن تي في)) أن المسلح أطلق ما بين 120 إلى 180 طلقة خلال الهجوم الذي استغرق 7 دقائق، والذي دفع بعض المحتفلين إلى القفز هربا إلى المياه المتجمدة في مضيق البوسفور.
وقال واصب شاهين، حاكم اسطنبول للصحفيين "لسوء الحظ، لقد (قام) بإمطار أناس أبرياء ممن كانوا هناك للاحتفال بالعام الجديد والاستمتاع بالرصاص بطريقة عديمة الرحمة وقاسية جدا".
ولم تعلن أية جهة على الفور مسؤوليتها عن الهجوم كما لم تصدر أي تعليقات من السلطات التركية بشأن هوية المسلح المحتملة أو دوافعه.
وقد شهدت تركيا وقوع حوالي 30 تفجيرا على مدار السنة والنصف الماضية، أسفرت عن مقتل أكثر من 400 شخص، ما أثار دعوات لاتخاذ خطوات لتجديد وحدات الاستخبارات والحد من الاستقطاب في المجتمع لتحسين مكافحة آفة الإرهاب.
وتلقي أنقرة باللائمة عن معظم الهجمات الإرهابية التي تقع على أراضيها على حزب العمال الكردستاني المحظور وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، الذي يعيث فسادا في العراق وسوريا البلدين المجاورين.
ونقلت وكالة أنباء ((الفرات)) عن القيادي في حزب العمال الكردستاني مراد كارايلان قوله إنه لا توجد أي قوة كردية متورطة في الهجوم.
وقبل أيام قليلة، دعت رسالة على الانترنت من مجموعة موالية لتنظيم (داعش) إلى شن هجمات من نمط "ذئاب منفردة" على "الاحتفالات والتجمعات والملاهي".
ورأى عبد الله أغار، وهو محلل أمني أنه تم اختيار كل من الهدف والجاني "بعناية كبيرة".
إذ أن ملهى "ريينا" الليلي، القريب للغاية من مضيق البوسفور، يحظى بشعبية واسعة لدى المشاهير والفنانين ونجوم كرة القدم والسياح، أما بالنسبة لمطلق النار، فقد وصفه أغار بأنه إرهابي "من ذوي الدم البارد جدا"، ويمتلك براعة كبيرة في الهجمات القريبة تفوق أولئك الذين تدربوا في الجيش.
وأضاف أن "الذخيرة التي استخدمها أيضا كانت ذات كفاءة عالية، هو بالتأكيد ليس شخصا عاديا"، مشيرا إلى أنه "استخدم رصاصا ذي حشوة صلبة وهو رصاص من النادر إيجاده أو استخدامه، إذ أن رصاصة واحدة منه تستطيع قتل أكثر من شخص واحد في الوقت نفسه، وليس من السهل الحصول عليه".
ولفت إلى أن تنظيم "داعش" هو على الأغلب العقل المدبر المحتمل وراء الهجوم، والذي سبق أن استهدف مدنيين في هجمات مماثلة سابقة.
وفي رأيه، فقد نُفذ الهجوم الدامي من أجل تشويش الوضع في تركيا، وتعكير جهود الدولة المستمرة في محاربة المنظمات الإرهابية خارج أراضيها، وتعميق أي خلاف مجتمعي، أو جعل تركيا تدفع ثمن زيادة تعاونها مع روسيا.
وتابع المحلل أن "الهدف والتوقيت الذي يتزامن مع احتفالات السنة الجديدة له أهمية كبيرة، والمعنى الرمزي للهجوم مهم جدا".
وما يزال اتفاق لوقف إطلاق النار في عموم أنحاء البلاد، والذي تم التوصل إليه بوساطة تركية وروسية، قائما في سوريا رغم بعض الخروقات، وذلك منذ بدء سريانه عند منتصف ليلة يوم الجمعة الماضية، وفقا لما ذكرته مجموعة مراقبة يوم السبت.
ومن جانبها، شنت تركيا هجوما عسكريا في شمال سوريا منذ أغسطس الماضي بهدف تطهير منطقة الحدود من مسلحي تنظيم "داعش" الإرهابي ومنع الأكراد السوريين من السيطرة على المزيد من الأراضي من أجل إقامة منطقة حكم ذاتي أو دولة مستقلة.
وفي أعقاب الهجوم على الملهى الليلي، أعربت القوات المسلحة التركية عن عزمها على المضي قدما في جهود مكافحة الإرهاب، والذي وصفه أغار بأنه شيء "مهم جدا".