ما إن مشيت في حرم جامعة اللغات والثقافة ببكين، حتى وجدت كثيرا من الطلاب الأجانب والطالبات الأجنبيات قادمين من أنحاء العالم، وبينهم عديد من الطلبة من الدول العربية. على الرغم من اختلاف اختصاصاتهم وخططهم بعد التخرج في الجامعة، غير أن أحلامهم تتعلق بالصين بشكل وثيق، فيمكن القول إنها أحلامهم الصينية.
هدى علاء الدين حسن فتاة مصرية جميلة تدرس دكتوراه اللغة الصينية الآن في جامعة اللغات والثقافة ببكين، ولها اسم صيني جميل جدا، ألا وهو"شين يويه"بالنطق الصيني، في اللغة الصينية معناه القمر العطري. أبدت هدى "شين يويه"شغفا شديدا بالثقافة الصينية منذ صغرها، وفي الوقت نفسه، عزمت على إجادة اللغة الصينية التي تعد من أصعب اللغات في العالم. بعد تخرجها في الجامعة، أوفدتها مصر إلى جامعة اللغات والثقافة ببكين في عام 2011 لمتابعة دراسة اللغة الصينية، حيث أكملت كل مادة ماجستير بدراسة ممتازة، وأوفِدت إلى دراسة درجة دكتوراه اللغة الصينية. في عام 2013، شاركت في الدورة السادسة لمسابقة جسر اللغة الصينية للطلاب الأجانب الوافدين في الصين نيابة عن جامعة اللغات والثقافة ببكين، حيث حصلت على المركز الثالث على نطاق الصين بأجمعها، وأصبحت نجمة كبيرة في جامعتها وباتت معروفة لدى أكثر وأكثر من الصينيين. قالت إن حملها في اللغة الصينية أن تساعد كثيرا من المصريين والعرب على تعلّم اللغة الصينية واستيعاب الثقافة الصينية، ولذلك تأمل أن تعمل مدرِّسة للغة الصينية في الجامعة، وعندما تكون لديها إمكانية كافية، تتمنى أن تفتح في مصر مدرسة للأطفال لتعلم اللغة الصينية منذ صغرهم ، بما يجعل مزيدا من الأطفال المصريين والعرب يحبون الثقافة الصينية إلى درجة أن تحبها هي الآن.
هذا ومن جانبه، أعرب عفيف الحاج طالب من اليمن عن تمنياته الشديدة لإجادة اللغة الصينية بشكل الاحتراف، وسوف يعود إلى بلاده بما درسه وجربه في الصين، أو ربما سيبقى ويعمل في الصين، لأنه يعتقد أن في الصين كثيرا من فرص العمل وأن الصين ملائمة للعيش.
قال حسام حسن فكري، طالب مصري:" بعد تخرجي في الجامعة، أريد البقاء في الصين كمترجم بين اللغتين الصينية والعربية. أتمنى أن أصبح جسرا بين الثقافتين الصينية والعربية، ذلك هو حلمي الصيني. بعد أن عشت في الصين، أدركت أن نظرة الكثير من الغربيين تجاه الصين قديمة جدا، لقد شهدت الصين خلال العقود الأخيرة تغيرات كبيرة في المجالات الاجتماعية والثقافية والبيئية، خاصة النمو السريع الذي شهده الاقتصاد الصيني. أرغب في تعريف أصدقائي العرب والأجانب وأسرتي في مصر بصين جديدة وحديثة وحقيقية من خلال جهودي في المستقبل."
تجدر الإشارة إلى أن في السنوات الأخيرة، شهد الاقتصاد الصيني نموا سريعا ومستقرا، كما أحرزت الصين تقدما كبيرا في عملية الإصلاح والانفتاح. على أساس ذلك، تشهد مكانة الصين الدولية وقوة تأثيرها في العالم صعودا ملحوظا، ويشهد عدد الطلاب الأجانب الوافدين إلى الصين ازديادا متواصلا. حتى نهاية عام 2015، تجاوز عدد الطلاب الأجانب المتواجدين في الصين ثلاثمائة وخمسين ألف شخص. هذا ومع تزايد وتواثق وتكاثف التبادلات بين الصين والدول العربية منذ القرن الحادي والعشرين، بالإضافة إلى بروز ميل استراتيجية الدول العربية إلى الشرق، يتزايد عدد الطلاب العرب الوافدين إلى الصين.
بصفتهم جماعة مهمة، وعددهم كبير، ومعظمهم موجودون في الجامعات وغيرها من الهيئات التعليمية العليا الصينية. وفي الوقت نفسه، تتمتع انطباعاتهم وروايتهم للصين بعد العودة إلى بلادهم بأهمية كبيرة لصياغة صورة الصين في عيون الأجانب. لذلك، إن جعل الطلاب العرب الوافدين يتناسبون مع الثقافة الصينية يمكِّن الصين من التعبير من خلال أصواتهم في العالم العربي، بما يحقق النتائج الدبلوماسية المتمثلة في تعزيز الثقة المتبادلة وتخفيف الشكوك بين الجانبين، حتى يتعزز الدعم والموافقة من قبل الدول على امتداد الحزام والطريق.