كيف تستفيد الدول العربية من ضم اليوان الصيني الى سلة حقوق السحب الخاصة لصندوق النقد الدولي

بكين 14 أكتوبر 2016 / تم ضم اليوان الصيني (الرنمنبي) الى سلة العملات لحقوق السحب الخاصة لصندوق النقد الدولي رسميا في الأول من أكتوبر الجاري، الأمر الذي يعتبر بمثابة علامة تاريخية فارقة للصندوق والصين والنظام النقدي العالمي وفقا لهذه المنظمة الدولية.

وفي الوقت الذي تساهم فيه هذه الخطوة المهمة في إصلاح النظام النقدي والمالي العالمي، سيتعزز التعاون الصيني العربي في المجال المالي أيضا، بينما ستستفيد الدول العربية من ذلك من عدة النواحي.

فبعد أن قرر صندوق النقد الدولي وزن كل عملة في سلة حقوق السحب الخاصة الجديدة، سجل اليوان 10.92 بالمئة، والدولار الأمريكي 41.73 بالمئة ، واليورو 30.93 بالمئة ، والين الياباني 8.33 بالمئة، والجنيه الإسترليني 8.09 بالمئة، وأصبح اليوان عملة دولية خامسة، كما سيصبح الأكثر استخداما وتداولا في السوق الدولية.

وعلى ضوء هذا؛ وبالنسبة الى الدول العربية، فإن ثقتها ونشاطها سيتعزز بشأن حيازة واستخدام اليوان الصيني بما يرتقي بمستوى التعاون العربي الصيني في المالية. ويتمثل أحدث وأفضل دليل على ذلك في أن الصين أطلقت نظام أسعار الصرف المباشر بين اليوان والدرهم الاماراتي، وبين اليوان والريال السعودي منذ 26 سبتمبر 2016 .

وعلى صعيد متصل، أنشأت الصين مركزا اقليميا لتسوية اليوان في دولة قطر بالعام 2015، كما ستكمل إنشاء مركز آخر في الامارات بحلول نهاية العام 2016 في إطار تعميق التعاون الصيني العربي في المالية، علما بأن الصين كانت قد أطلقت عدة مراكز من هذا النوع في مختلف أنحاء العالم بما فيها سنغافورة وبريطانيا وألمانيا واستراليا.

وبالتوازي مع استمرار تعمق التعاون المالي وخاصة بعد تحقق الربط المباشر بين العملات الصينية والعربية، سيتم إطلاق العنان للمزيد من طاقة التجارة الثنائية.

فعلى سبيل المثال، أصبح الآن بإمكان رجال الأعمال من الامارات وقطر ممارسة الأعمال التجارية مع نظرائهم الصينيين بواسطة عملات الدول الثلاث مباشرة بدلا من الدولار الأمريكي أو العملات الدولية الأخرى تحسبا للمخاطر والخسائر الناجمة عن سعر الصرف غير المباشر، ما ينشط التجارة الصينية العربية التي يعمل الجانبان على رفع حجمها الى 600 مليار دولار أمريكي بحلول العام 2024 .

وتجدر الإشارة الى أن اليوان الصيني سجل استخداما متزايدا في التجارة الدولية حيث قد شكل اليوان 9.1 بالمئة من اجمالي حجم التمويل التجاري الدولي ليحتل المركز الثاني خلف الولايات المتحدة حسب الأرقام الدولية الواردة في اغسطس 2015 .

ويتجلى أنه وتماشيا مع سرعة تدويل اليوان الصيني، لا يمكن للدول العربية استيراد المنتجات الصينية باليوان مباشرة فحسب، بل سيكون بإمكانها بيع وشراء الخدمات والسلع من الدول الأخرى التي ترحب بالعملة الصينية "باليوان الصيني".

وعلى الضفة الأخرى ، سوف يرتفع الاستثمار الصيني في الدول العربية، اذ من المتوقع أن تقدم الصين قروضا وتستثمر بعملتها مباشرة في الدول العربية في ظل توسع تداول اليوان ولاسيما أن الصين تعمل على تمويل عملية التصنيع بالشرق الأوسط والتي تتطلب حجما كبيرا من الاستثمار الأجنبي.

وعلى المدى البعيد، ستتاح للسياحة العربية فرصة جديدة بشأن استقطاب الصينيين حيث ربما سيكون بإمكان السياح الصينيين صرف اليوان مباشرة في بعض الدول العربية بما يحقق مكاسب اقتصادية أكبر لهذه الدول وخاصة أن الصين قدمت مساهمة متزايدة للاقتصاد العالمي من خلال السياحة، اذ تدفق اكثر من 120 مليون سائح صيني الى مختلف أنحاء العالم وصرفوا نحو 250 مليار دولار أمريكي في كامل العام 2015 .

الجدير بالذكر أن تعزز التعاون المالي مع الصين سيساعد على زيادة الاستقرار المالي لصالح الدول العربية.

وفي السنوات الأخيرة، شهدت بعض الأسواق المالية العربية تقلبات على إثر ركود قطاع التصدير المحلي وقلة استقرار سوق المال الدولي. ولكن يمكن للدول العربية إدراج اليوان الصيني الى احتياطياتها النقدية الأجنبية لتعزيز تنويعها، ما يخفف الاضطرابات المالية الناتجة عن السياسات النقدية والمالية غير المسؤولة لبعض الدول الكبرى.

يشار الى أن 40 دولة ومنطقة على الأقل قد أدرجت اليوان الصيني الى احتياطي النقد الأجنبي لها،فيما سينضم مزيد من الدول ولاسيما النامية منها الى هذه الصفوف بعد ضم اليوان الى سلة العملات لحقوق السحب الخاصة لصندوق النقد الدولي.