الأخبار الأخيرة
الصفحة الرئيسية >> تبادلات دولية
أخبار ساخنة

أخبار بصور

ملفات خاصة

مقال حصري: التعاون الزراعي بين السودان والصين هل يحقق المنفعة المتبادلة؟

2016:09:26.14:08    حجم الخط    اطبع

محمد الأمين النحاس، كاتب صحفي مقيم في الصين

زار وزير الزراعة الصيني هان شان فو السودان ضمن جولة استغرقت ثلاثة أيام تم خلالها توقيع عدد من الاتفاقيات في مجالات الاستثمارات الزراعية، واستهل الوزير الصيني جولته بجلسة مباحاثات وزارية مشتركة مع رصيفه وزير الزراعة السوداني إبراهيم الدخيري.

وعلى صعيد ذي صلة، انطلقت بالعاصمة السودانية الخرطوم يوم الخميس 22 سبتمبر اجتماعات اللجنة الوزارية السودانية الصينية في دورتها الثالثة. وحملت اجتماعات هذه الدورة شعار "شراكة من أجل التنمية المستدامة وتحقيق المنفعة المتبادلة"، وذلك لتعزيز الشراكة الاقتصادية بين السودان والصين.

أشاد وزير الزراعة السوداني إبراهيم الدخيري بالتعاون السوداني الصيني في مجال الزراعة ونقل التقانات الزراعية الحديثة وتطوير الإنتاج والإنتاحية، ممتدحاً الجهود المشتركة لنقل التقانة وتطوير الخبرات.

من جانبه أكد وزير الزراعة الصيني هان شان فو حرص بلاده على تطوير الاستثمارات الزراعية بالسودان، موضحاً أن زيارته إلى السودان تأتي في إطار تعزيز الشراكة الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين. وأعلن السيد فو دعم بلاده للسودان للاستثمار في الزراعة بمبلغ 60 مليون دولار وذلك لتعزيز الشراكة الاستراتيجية القائمة بين البلدين، معتبراً أن السودان يمثل البوابة والنافذة الأساسية للصين مع القارة الأفريقية، وذكر أن هناك أكثر من 27 شركة صينية تستثمر فيه وهذا الأمر يدفع التعاون المشترك ليلبي تطلعات الجانبين.

تأتي زيارة وزير الزراعة الصيني للسودان وانعقاد اجتماعات اللجنة الوزارية السودانية الصينية المشتركة، في وقت مهم جدا بالنسبة للسودان خاصة وأن السودان ظل يواجه عقبات اقتصادية جمة منذ أن فقد جزء مقدر من الحقول الغنية المنتجة للنفط في 2011 بانفصال جنوب السودان. وبموازاة ذلك، بلغت وطأة العقوبات الأمريكية والغربية ذروتها ملقية بظلالها على جميع القطاعات الاقتصادية والصحية والخدمية التي تمس حياة السواد الأعظم من عامة الناس. الغريب أن يحدث ذالك كله بالرغم من الوعود الأمريكية والغربية المباشرة وغير المباشرة، بمساعدة الحكومة السودانية اقتصاديا وسياسياً في حال وفاء الخرطوم بكامل استحقاقات اتفاق السلام الشامل الموقع في 2005، والذي بموجبه قامت الحكومة باتخاذ سلسلة من الخطوات، من بينها تنظيم استفتاء أعطى أهل الجنوب الفرصة لاختيار الانفصال عن الوطن الأم. وبتشجيع القوى الغربية ودعمها السخي لخيار الانفصال، خسر السودان الجنوب الذي تقع فيه العديد من الحقول النفطية. كما ذهبت الوعود الغربية لحكومة السودان ولأهل الجنوب على حد سواء، ذهبت أدراج الرياح.

في ظل ما يواجهه السودان من ضغوط اقتصادية خانقة، تمثل الصداقة القديمة بين الشعبين الصيني والسوداني بارقة أمل للسودانيين للخروج باقتصادهم إلى بر الأمان إذا أحسنوا الاستفادة من الفرص التي توفرها الصين للدول العربية وكذلك الدول الأفريقية، وامكاناتها الهائلة وخبراتها التنموية المتراكمة، والتي أوصلتها لتتبوأ المرتبة الثانية في العالم من حيث التطور الاقتصادي.

تمثل الزراعة بالنسبة للسودان المستقبل الحقيقي الركيزة الأساسية لإحداث قفزة نوعية في مسار التنمية، وحيث أنها ظلت تمثل إحدى المصادر الاقتصادية الرئيسية التي كان يُعتمد عليها طيلة العقود الماضية. ويملك السودان مساحات زراعية شاسعة صالحة للزراعة وتربة غنية مع معدلات هطل عالية للأمطار ووفرة المياه التي يُشكل نهر النيل أحد مصادرها الغنية ومخزون ضخم من المياه الجوفية، فضلاً عن تتنوع المناخ والذي يسمح بإمكانية تنوع المحاصيل. يضاف إلى ذلك الظروف المواتية للانتاج الحيواني وتربية الدواجن اللتان تسيران جنباً إلى جنب مع الزراعة. كما أن هناك إمكانية ازدهار الصناعات التحويلية المرتبطة بالمحصولات الزراعية والفواكه.

تمثل محاصيل الصمغ العربي والسمسم والذرة والفول السوداني وزهرة الشمس والذرة الشامي والكركدي وقصب السكر والقطن ومختلف الخضروات والفواكه، أهم المنتجات الزراعية في السودان.

الجدير بالذكر أن منظمة الاغذية والزراعة العالمية (FAO) كانت قد رشحت في تقرير دولي عن حالة الغذاء في العالم صدر في عام 1974 كلاً من السودان وأستراليا وكندا، أن يشكلو سلال العالم من الغذاء، لما لهم من مقومات وقدرات على صعيد الانتاج الزراعي.

من المهم الإشارة إلى أنه رغم الإمكانات الزراعية الكبيرة التي يمتلكها السودان لم تحقق البلاد الاستفادة القصوى من قطاع الزراعة والنشاطات الأخرى المصاحبة لها. بل إن بعض المشاريع الزراعية تدهورت انتاجيتها بشكل مريع، مثل مشروع الجزيرة الذي يعتبر من بين أكبر المشاريع الزراعية في العالم.

من جهة أخرى، تمتلك الصين تجربة واسعة في مجال الزراعة واستصلاح الأراضي تجعلها من الدول المتقدمة في هذا المجال. الصينيون أهل همة ونشاط ومثابرة ولهم القدرة على تحمل العمل الضاغط. يدلل على ذلك أن الصين وبرغم أنها لا تمتلك سوى 7٪ فقط من الأراضي الزراعية في العالم، إلا أنها نجحت في توفير الغذاء لسكانها الذين يمثلون خمس سكان العالم بكفاءة عالية.

وقد ظلت الصين تقدم دعماً كبيراً للدول الأفريقية لتعزيز تعاونها الاستثماري معها في مختلف المجالات ولا سيما مجال الزراعة، حيث عملت منذ ثمانينات القرن الماضي على دعم الاستثمارات الزراعية فى افريقيا من خلال بنك التنمية الصيني. واستراتيجيتها تقوم على الدخول فى شراكات مع بنوك التنمية الزراعية فى العديد من الدول الافريقية من أجل توسيع الاستثمارات والتعاون مع المؤسسات والشركات الزراعية المحلية التى تدعم التنمية الزراعية.

السودان في أمس الحاجة لتطوير القطاع الزراعي ليبلغ مرحلة التعافي الاقتصادي. وإذا حدث ذلك التطوير، فبضرورة ستتحقق الفائدة لكافة الأطراف. إن تطوير القطاع الزراعي السوداني بحاجة للتمويل وتعميم استخدام التقنية وترقية الأبحاث ومواكبة التطورات العلمية في مجال الانتاج الزراعي والنشاطات الاقتصادية الأخرى المصاحبة، وذلك حتى يتحقق التحول من الزراعة التقليدية إلى نمط الانتاج الزراعي الحديث. إذاً لابد للسودان من الاستفادة من تعاونه مع الصين من أجل تطوير قدراته الانتاجية في هذا المجال. بالمقابل يمكن أن يكون السودان مورداً اضافياً لسد حاجة الصين من بعض المحاصيل أو المنتجات اللازمة للصناعات التحويلية وهكذا يمكن للجانبين تحقيق الكسب المشترك، فالاستثمار في الزراعة كونها مورداً حيوياً، يمثل الاستثمار في الحاضر والمستقبل.

الإستثمار في الزراعة يُعد من السبل الأكثر فاعلية في إنعاش الاقتصاد الوطني للدولة ويسهم في تخفيض الجوع والفقر وتحقيق الأمن الغذائي، خاصة وأن العالم يواجه إشكاليات حقيقية في تأمين الغذاء في ظل الزيادة المطردة في عدد سكان العالم وتناقص مساحة الأراضي الصالحة للزراعة. وقد أكدت تقارير منظمة الأغذية والزراعة (FAO) أن الكثير من البلدان التي استثمرت بصورة ثابتة في الزراعة، تسير على الطريق الصحيح لتحقيق الهدف الأول من الأهداف الإنمائية للألفية الرامي إلى تخفيض نسبة الجياع فيها الى النصف. 

الكلمات الرئيسية

الصينالحزب الشيوعي الصينيشي جين بينغالصين والدول العربيةصحيفة الشعب اليوميةالثقافة الصينيةكونغفوشيوسالعلاقات الدولية كونغفوالأزمة السوريةقضية فلسطينالمسلمون الصينيونالإسلام في الصين

الصور

السياحة في الصين

الموضوعات المختارة

المعلومات المفيدة

arabic.people.cn@facebook arabic.people.cn@twitter
×