دمشق 19 سبتمبر 2016 / أكد عدد من الخبراء والمحللين السياسيين في سوريا يوم الاثنين أن الغارة الجوية الأمريكية، والتي استهدفت مواقعا تابعة للجيش السوري في دير الزور شرقي سوريا، قوضت اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ يوم الاثنين الماضي، مشيرين إلى أن الغارة الأمريكية كانت متعمدة وليست خطأ كما تتدعي واشنطن.
وأشار الخبراء والمحللون إلى أن الغارة الأمريكية تأتي في إطار تهرب الإدارة الأمريكية من تنفيذ باقي شروط الاتفاق ومن بينها تحديد المجموعات المسلحة وفصلها، وتشكيل غرفة عمليات مشتركة لمكافحة تنظيم دولة الإسلام (داعش).
وأعلنت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة السورية يوم الاثنين، عن انتهاء مفعول سريان الهدنة في سوريا، بموجب الاتفاق الذي تم التوصل إليه مؤخرا بين موسكو وواشنطن، متهمة "مجموعات مسلحة" بارتكاب خروقات" وشن "اعتداءات" على مناطق سكنية ومواقع عسكرية في عدة مناطق، ما استدعى قيام الجيش بالرد على ذلك.
وكان وقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ في سوريا أول أيام عيد الاضحى، في 12 سبتمبر الحالي، تنفيذا لاتفاق أمريكي- روسي في محاولة جديدة لإنهاء النزاع المستمر في البلاد منذ أكثر من خمس سنوات، في وقت تبادلت فيه القوات النظامية ومصادر معارضة مرارا الإتهامات بخصوص "خرق الهدنة".
وأشارت قيادة الجيش إلى "الجهود التي بذلتها القوات المسلحة لتطبيق التهدئة وممارستها أعلى درجات ضبط النفس في مواجهة خروقات المجموعات الإرهابية، إلا في بعض الحالات التي كانت مضطرة فيها للرد على مصادر إطلاق النيران لإسكاتها".
وقال المحلل السياسي السوري حميدي العبدالله في تصريحات لوكالة ((شينخوا)) بدمشق إن "الغارة الأمريكية على مواقع تابعة للجيش السوري كان لها تأثير كبير على تقويض الهدنة المعلنة"، مؤكدا أن "هذه الهدنة كانت في طريقها إلى الفشل، وجاءت هذه الضربة الأمريكية لتزيد من التوتر بين روسيا والولايات المتحدة" .
وأكد العبد الله أن "الولايات المتحدة كانت مصرة على عدم نشر بنود الاتفاق مع روسيا، ولهذا كانت تتحين الفرص للتخلص من هذا الاتفاق،" مضيفا أن "هذا الاتفاق كان سيصل إلى هذه النتيجة سواء كان العدوان الأمريكي على الجيش السوري أم لا .. ولكن ما حدث عجل في تقويض الهدنة".
واعتبر العبدالله أن الغارة الأمريكية لم "تكن خطأ كما تدعي أمريكا، بل كانت فرصة لتهربها من التزامها بتشكيل غرفة عمليات مشتركة، بعد انقضاء مهلة السبعة أيام، للقضاء على تنظيم (داعش) بحسب الاتفاق،" مؤكدا أن الولايات المتحدة قدمت دعما واضحا وجليا لتنظيم (داعش).
ومن جانبه قال مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري، يوم الأحد الماضي، إن الهدف من الضربات الجوية هو " تقويض خطة وقف إطلاق النار الأمريكية الروسية".
واعتبر أن كلام الجعفري جاءت تأييدا لقول موسكو إن الضربات تهدد تنفيذ خطة وقف إطلاق النار وتصل إلى حد التآمر مع داعش.
وكانت وزارة الدفاع الروسية، وثقت، يوم السبت الماضي، عدد خروقات وقف إطلاق النار المعلن في سوريا والبالغة 199 خرقا منذ بدء سريان التهدئة.
وفي سياق متصل، حمّل وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الجيش النظامي مسؤولية ما حدث في دير الزور، لافتاً الى أنه على روسيا أن تضغط على النظام في سوريا لمراعاة وقف إطلاق النار.
ونقلت وسائل إعلام دولية عن كيري قوله إنه "على الروس أن يتعاملوا بجدية أكثر مع موضوع إرغام حكومة الأسد على الالتزام بوقف النار الذي بات ساري المفعول في 12 سبتمبر".
ويذكر أن اتفاق وقف إطلاق النار المبرم بين الولايات المتحدة وروسيا ينص على أن تستمر الهدنة 48 ساعة، على أن يتم تمديدها خمسة أيام أخرى، وتشمل المرحلة التالية البدء بالتنسيق التام بين أمريكا وروسيا في قتال "داعش" وجبهة فتح الشام, وذلك بالتزامن مع تعليق نشاط الطيران السوري فيها.
ونفذ طيران التحالف تحت قيادة واشنطن، يوم الأحد الماضي، غارات على أحد مواقع الجيش النظامي في جبل الثردة بريف دير الزور، ما أسفر عن مصرع 62 جنديا وأكثر من 100 جريحا وفقا للإحصاء الروسي، فيما أكد الجيش الأمريكي أن التحالف لم يتعمد استهداف الجيش السوري.
وقالت القيادة المركزية للجيش الأمريكي في بيان إن الضربات كانت في منطقة هاجمها التحالف في السابق، وإن أعضاء التحالف أبلغوا نظراءهم الروس بها قبل أن تبدأ، مضيفة أن التحالف سيجري تقييما للضربات الجوية وملابساتها.
وتقود الولايات المتحدة منذ عام 2014، حلفاً دولياً يضم أكثر من 60 دولة، لمحاربة تنظيم "داعش" في سوريا والعراق، حيث أعلن التحالف الدولي مطلع العام الحالي أن الأراضي الخاضعة لسيطرة التنظيم في سوريا تقلصت بنسبة 20% خلال عام 2015.