عمان 25 سبتمبر 2016 / اغتيل الكاتب الأردني ناهض حتر صباح اليوم (الأحد) اثر تعرضه لإطلاق نار أمام قصر العدل وسط عمان، أثناء توجهه لحضور جلسة محاكمته على خلفية نشره رسما كاريكاتوريا اعتبر "مسيئا للذات الالهية".
وقال مصدر أمني لوكالة انباء ((شينخوا)) ان حتر أسعف على الفور الى المستشفى لكنه ما لبث أن فارق الحياة.
وأكد المصدر انه تم القبض على الجاني ويدعى رياض اسماعيل احمد عبد الله (49 عاما) وهو يحمل "اسبقية الايذاء" ومن قاطني منطقة الجويدة - خريبة السوق في العاصمة عمان.
واضاف المصدر ان الجاني أطلق النار من سلاح ناري (مسدس) ما تسبب بمقتل الصحفي حتر بثلاث اعيرة نارية بالرأس على درج مدخل قصر العدل اثناء دخوله.
وبحسب شهود عيان ، قام الجاني بتسليم نفسه لحرس المحكمة مع السلاح وتم اصطحابه لمديرية شرطة وسط عمان وضبط ستة اظرف فارغة بموقع الحادث.
وروى العميد المتقاعد سامي المجالي الذي كان برفقة حتر لحظة مقتله أمام قصر العدل تفاصيل الحادث.
وقال المجالي لـ ((شينخوا))، إنه كان برفقة المغدور وكان يمسك بيده للدخول إلى قصر العدل لكن رجلا يرتدي دشداشا (غطاء على الرأس) ركض صوبهم وأطلق الرصاص صوب حتر مباشرة من مسدس عياره 7 مل.
وأضاف "وفور إصابته بالأعيرة النارية سقط حتر أرضا وكان أولاده وعدد من أشقائه برفقته وغطت الدماء المكان".
وتابع المجالي "ناهض كان يعتقد أن رحلته للمحكمة لن تستمر أكثر من خمس دقائق لكن الرصاص أصابه في رأسه ورقبته".
وأضاف "أخذ مطلق الرصاص يجري هاربا والناس ألقت القبض عليه، وسلمته بدورها للأجهزة الأمنية التي لم تكن متواجدة لحظة وقوع الحادثة".
واعترف الجاني خلال التحقيق معه أنه قتل حتر بسبب منشوره والذي تمت محاكمته عليها بتهمة "اثارة النعرات المذهبية" و"اهانة المعتقد الديني"، وفق ما أفاد مصدر أمني.
وحسب المصدر ، فقد قال القاتل خلال التحقيقات إنه قتل حتر على خلفية كتابته لمنشور على صفحته الشخصية على فيسبوك اتهم على اثرها من قبل القضاء الأردني بـ "اثارة النعرات المذهبية" و"اهانة المعتقد الديني".
وأشار المصدر إلى أن "القاتل من سكان منطقة الهاشمي الشمالي وغادر الأردن وعاد لها مؤخرا وكان يعمل إمام مسجد الاتراك في منطقة حي الزغاتيت وفصل من عمله بسبب تطاوله على مقامات عليا ويحمل افكار حزب التحرير المحظور".
واستنكر وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة الاردنية محمد المومني "الجريمة النكراء" التي راح ضحيتها ناهض حتر.
وأكد المومني في تصريح لوسائل الاعلام المحلية اليوم أن "الثقة بالقضاء الأردني وبأجهزتنا الأمنية عالية في متابعة ومحاسبة من اقترف هذه الجريمة النكراء".
وشدد على أن "اليد التي امتدت إلى الكاتب المرحوم حتر ستلقى القصاص العادل حتى تكون عبرة لكل من تسول له نفسه ارتكاب مثل هذه الجريمة الغادرة".
وأكد أن "القانون سيطبق بحزم على من قام بهذا العمل الآثم، وان الحكومة ستضرب بيد من حديد كل من يستغل هذه الجريمة لبث خطاب الكراهية الطارئ على مجتمعنا".
من جهتها ، قالت ادارة الاعلام الامني في مديرية الامن العام ان احد الاشخاص اقدم صباح اليوم على اطلاق عيارات نارية باتجاه الكاتب ناهض حتر بالقرب من قصر العدل في منطقه العبدلي، اثناء توجهه لحضور جلسة لدى المحكمة، واسعف على الفور الى المستشفى وما لبث ان فارق الحياة.
واضافت ادارة الاعلام الامني في بيان ، انه "وفور اطلاق النار تمكن رجال الامن العام الموجودون على مقربة من الحادث من القبض على مطلق النار وضبط السلاح الناري الذي كان بحوزته وبوشرت التحقيقات معه للوقوف على ملابسات الحادث".
ويأتي اغتيال حتر بعد 17 يوما من إطلاق سراحه في الثامن من سبتمبر الجاري بكفالة بعد قرابة شهر على توقيفه.
وأوقفت السلطات الأردنية بإيعاز من رئيس الوزراء هاني الملقي الكاتب حتر في 13 أغسطس الماضي وباشرت تحقيقا معه على خلفية شكوى ضده تتهمه "بالإساءة للذات الالهية".
ووجه مدعي عام عمان القاضي عبد الله أبو الغنم حينها إلى حتر تهمة "إثارة النعرات المذهبية والعنصرية"، وهي تهمة كانت ستزج به في السجن لمدة تتراوح بين ستة أشهر وثلاث سنوات في حال إدانته طبقا للقانون الأردني.
وكان الكاتب الأردني قد نشر رسما كاريكاتوريا على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) بعنوان "رب الدواعش"، ما أثار غضبا واسعا بعدما اعتبر أنه "يمس بالذات الالهية"، وهو ما نفاه حتر.
وقال حتر بعدما حذف الرسم، إنه "يسخر من الإرهابيين وتصورهم للرب والجنة ولا يمس الذات الالهية من قريب أو بعيد، بل هو تنزيه لمفهوم الألوهية عما يروجه الإرهابيون".
ويحمل حتر وهو كاتب وصحفي يساري أردني من مواليد العام 1960، درجة ماجستير الفلسفة في الفكر السلفي المعاصر.
وعلى اثر الحادث ، تجمعت العشرات من المركبات امام ديوان آل حتر في منطقة الفحيص غربي العاصمة عمان.
وحملت عائلة حتر، مسؤولة مقتل ابنها ناهض للحكومة وعلى رأسها رئيس الوزراء هاني الملقي، وفق ما ذكر أحد أقاربه ويدعى سعد حتر.
وأكد حتر للصحفيين أن الحكومة تتحمل كامل المسؤولية إثر مقتل ناهض، خاصة أنه تلقى العديد من التهديدات خلال الفترة الماضية أمام أعين أجهزة الدولة.
وأضاف أن حادثة مقتل الكاتب حتر "ما هي إلا لخلق الفتنة بين أبناء الشعب الأردني، ولإسقاط صوت من أصوات الحق".
واستنكرت دائرة الافتاء العام في الاردن مقتل حتر، مؤكدة ان الدين الاسلامي بريء من هذه "الجريمة البشعة".
ودعت في بيان "أبناء المجتمع الأردني جميعا باختلاف أديانهم وأطيافهم إلى الوقوف صفا واحدا خلف قيادتهم الهاشمية ضد الإرهاب ومثيري الفتنة".
يشار الى ان ناهض حتر كان من ابرز المدافعين عن النظام السوري والرئيس بشار الاسد.
وكان حتر من كتاب صحيفة الأخبار اللبنانية، وهو موقوف عن الكتابة في الصحافة الأردنية منذ سبتمبر 2008.
وتعرض لمحاولة اغتيال سنة 1998 أدت به إلى اجراء سلسلة من العمليات الجراحية، اضطر بعدها لمغادرة البلاد لأسباب أمنية وصحية إلى لبنان، ومن ثم عاد للاقامة في عمان.