نيويورك 21 سبتمبر 2016 / اجتمع رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ هنا مع مجموعة من الشخصيات الرائدة في دوائر المال والأعمال والفكر والإعلام الأمريكية لاستعراض السياسات الصينية والعلاقات الثنائية وتبادل وجهات النظر بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وقوبلت تصريحات وتعليقات لي، الذي يحضر هنا سلسة من المؤتمرات في الأمم المتحدة والانخراطات مع شخصيات من مختلف الطيف السياسي الأمريكي، بحفاوة شديدة ووصفتها شخصيات محلية بأنها تسهم في تعزيز العلاقات الصينية-الأمريكية.
-- تطمينات حول الاقتصاد الصيني
وحول القلق من تباطؤ الاقتصاد الصيني، قال لي مساء الثلاثاء إن الاقتصاد الصيني يحتاج إلى الحفاظ على معدل نمو عال إلى متوسط وهو قادر على ذلك.
صرح لي بذلك خلال كلمته على حفل عشاء أقامه نادي نيويورك الاقتصادي واللجنة لوطنية للعلاقات الأمريكية-الصينية، ومجلس الأعمال الأمريكي-الصيني.
وقال لحوالي ألف شخص من نخبة رجال الأعمال الأمريكيين إنه في ضوء الانتعاش الضعيف للاقتصاد العالم وصراعات الجغرافيا السياسية الدائرة، لا يمكن أن توجد دولة محصنة ضد عوامل عدم الاستقرار واليقين هذه.
وقال إن الاقتصاد الصيني المرتبط بشكل عميق بالعالم يتباطأ لكنه لا يزال يحافظ على نمو مستقر، مسجلا معدل سنوي قدره 6.7 بالمئة في النصف الأول من هذا العام، وهذا الأمر لم يكن سهلا بالنسبة لاقتصاد وصل حجمه الى 10 تريليونات دولار.
وأضاف لي أن الاقتصاد الصيني بمعدل نموه السنوي من 6 الى 7 بالمئة يمكنه أن يضيف ما يساوي حجم اقتصاد متوسط.
وأشار رئيس مجلس الدولة الصيني إلى أن الاقتصاد الصيني لا يزال بحاجة الى النمو بمعدلات متوسطة الى عالية للتعامل مع الزيادة المتوقعة سنويا في قوة العمل بالمناطق الحضرية وقدرها 14 مليون شخص، منوها إلى حاجة الصين إلى شن حرب على الفقر الذي لا يزال يكدر حياة أكثر من 50 مليون مواطن صيني.
وأكد لي مطمئنا الحضور أن الصين قادرة على الحفاظ على معدل النمو هذا بفضل جهودها القوية لإعادة هيكلة وتحديث اقتصادها وظهور قوى وديناميكيات جديدة للنمو.
--الاحتكاكات طبيعية لكن تحتاج الى معالجة
وفي كلمته بحفل عشاء نادي نيويورك الاقتصادي، تطرق لي إلى الاحتكاكات الاقتصادية والتجارية بين الولايات المتحدة والصين، داعيا الجانبين الى توسيع المصالح المشتركة والتعامل مع الخلافات بشكل صحيح.
واعتبر لي ظهور الاحتكاكات أمرا حتميا في ضوء نمو التجارة والاستثمار الثنائيين من تقريبا صفر الى المستوي الهائل الحالي.
غير أنه شدد على أن الاحتكاكات ليست العامل المهيمن في العلاقات الاقتصادية الصينية-الأمريكية ولكنها مجرد جزء طفيف في التعاون.
مع ذلك، قال لي لا يجب تجاهلها ويتعين على الجانبين العمل معا لحل خلافاتهما قبل أن تمتد إلى مجالات أخرى في العلاقة.
وقال رئيس مجلس الدولة إن " مصلحتنا المشتركة أكبر بشكل كبير من الخلافات وسوء الفهم بيننا"، مضيفا أن "مفاوضات معاهدة الاستثمار الثنائي الجارية بين البلدين هي علامة تظهر زيادة انفتاح البلدين على بعضهما البعض والاستثمار في كل منهما الأخرى.
وحث رئيس مجلس الدولة الجانب الأمريكي على إتخاذ موقف مرن وعملي والعمل مع الصين للتوصل الى معاهدة استثمار ثنائي رفيعة المستوى ومتبادلة النفع ومربحة للطرفين.
وحول بيئة الأعمال الصينية، قال لي إنه بالرغم من أن شكاوي بعض رجال الأعمال الأمريكيين أزعجته، إلا إنه قرأ تقريرا لمجلس الأعمال الأمريكي-الصيني يحكي قصة مختلفة.
وفي تقريره السنوي، وجد المجلس أن 90 بالمئة من الشركات الأمريكية العاملة في الصين حققت أرباحا، ما يتجاوز عدد الشركات المربحة في عام 2014 بنسبة 5 بالمئة. واستشهد رئيس مجلس الدولة أيضا بالاستثمار المتزايد من قبل الشركات الأمريكية في الصين.
وقال لي إن الصين لا تزال تعمل على تحسين بيئة الأعمال بها أمام الشركات الأجنبية. وفي جزء من خطة شاملة لتعزيز الانفتاح، قامت الصين بتبسيط الإجراءات امام الاستثمار الأجنبي.
-- السماء تصفو بعد المطر
وقبل ساعات من حفل العشاء، التقى لي مع مجموعة من كبار الشخصيات بينهم وزير الخارجية الأمريكي السابق هنري كيسنغر، ووزير الخزانة الأمريكي السابق هنري بولسون، وعمدة مدينة نيويورك السابق مايكل بلومبرغ .
وقال لي في كلمته الافتتاحية خلال المحادثات المغلقة "إنها لحقيقة أن الصين والولايات المتحدة تتمتعان بعلاقات سياسية مستقرة وبتعاون اقتصادي وتجاري وثيق للغاية".
وتابع أن هذا يتفق مع المصالح الجوهرية للشعبين ويصب في صالح السلام والتنمية والرخاء العالمي بالنسبة للصين والولايات المتحدة، أكبر دولة نامية وأكبر دولة متقدمة، للحفاظ على علاقات سياسية مستقرة وعلاقات اقتصادية وثيقة.
وأقر بأنه لا مفر من أن تختلف البلدان في بعض المجالات بسبب اختلاف خلفياتهما الثقافية وظروفهما الوطنية، مؤكدا على أنه يتعين على الجانبين التركيز على التيار الرئيسي والاتجاه العام للعلاقات الثنائية.
و"رغم أن العلاقات الصينية- الأمريكية مرت بفترات صعود وهبوط في العقود الأربعة الماضية تقريبا منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية، إلا أن الأمور تسير دائما على ما يرام، مثل السماء عندما تصفو بعد هطول المطر"، هكذا قال لي. كما أعرب عن أمله في أن يساعد الحضور في مواصلة دفع العلاقات بين البلدين من خلال اتخاذ إجراءات ملموسة.
ولدى تأكيده على أن الصين ستواصل إتباع سياسة الانفتاح، ذكر لي أن بكين ستعمل بجهد أكبر لتبسيط الإدارة، ومنح مزيد من الصلاحيات للمستويات الأدنى، وحماية حقوق الملكية الفكرية من أجل تهيئة مناخ عمل أفضل وأكثر ملائمة .
وأشار رئيس مجلس الدولة الصيني إلى أن "التعاون الاستثماري بين الصين والولايات المتحدة يتمتع بإمكانات كبيرة، وأثق بأن الشركات الأمريكية ستشهد أيضا سوقا آخذة في التوسع في الصين".
وذكر لي إنه يأمل أيضا في أن تخفف الولايات المتحدة القيود المفروضة على صادرات المنتجات ذات التكنولوجيا الفائقة وفي أن تتوصل الدولتان إلى معاهدة استثمار ثنائية متبادلة المنفعة في وقت مبكر.
ووصف لي الاتجاه الحالي المناهض للعولمة بأنه "مجرد انتكاسة أثناء عملية العولمة"، قائلا إن العالم بحاجة إلى إصلاح عيوبها بدلا من مجرد التخلى عنها.
كما قال إن الصين، وهي مدافع حازم عن التجارة الحرة، ستواصل دفع التجارة الحرة داخل إطار منظمة التجارة العالمية.
-- تقدير وحفاوة
وقد قوبلت تصريحات وتعليقات لي بتقدير وحفاوة من قبل المشاركين في الحدثين.
وقالت باربرا اتش فرانكلين، وزيرة التجارة الأمريكية السابقة، إنها تقدر جدا تصريحات لي الواسعة وإجاباته الصريحة على الأسئلة.
وتابعت: " إنني سعيدة جدا للطريقة التي أكد فيها الحاجة الى مواصلة بناء التجارة حول العالم".
وقالت كارلا أيه هيلز، رئيسة اللجنة الوطنية للعلاقات الأمريكية-الصينية، إن " إجابات لي الرائعة على الأسئلة أعطتنا نظرة عامة ممتازة على فكر حكومتكم بشأن مجموعة من القضايا المهمة".
وأشادت الممثلة التجارية الأمريكية السابقة باجتماع لي مع اوباما يوم الاثنين بأنه" دليل مستمر على اخلاصنا المشترك لإيجاد حلول وجيهة للمشكلات الصعبة".
وقالت هيلز بعد الاستماع الى رئيس مجلس الدولة الصيني في حفل العشاء " نتطلع إلى مزيد من التعاون في الأيام والأسابيع والأشهر القادمة".