الصين تسعى وراء قفزة اقتصادية جديدة خضراء على مجرى أطول أنهارها

أكدت الصين من خلال منهاج التخطيط التنموي لحزام نهر اليانغتسي الاقتصادي الذي صدر مؤخرا، أكدت سعيها إلى انشاء نظام صناعي حديث ومبتكر لتحقيق التنمية الموحدة الشاملة على امتداد النهر الذي يعتبر أطول أنهارها قبل حلول عام 2030، ويعتبر المنهاج التنموي خطة وطنية تتعلق بالوضع الكلي لتنمية الصين اقتصاديا واجتماعيا ، ويتوقع أن يدفع عجلة الحلم الصيني قدما، فضلا عن دعم دعوة الصين لإنعاش طريق الحرير بريا وبحريا من أجل تعزيز التعاون مع الدول المطلة على الطريق وتحقيق المصالح المتبادلة.

يعتبر نهر اليانغتسي ثالث أكبر نهر في العالم، وقناة مائية ذهبية في الصين، اذ يغطي مجراه 11 مقاطعة وأكثر من 40 % من اجمالي عدد السكان وحجم الاقتصاد الصيني بأكمله، وهو الأمر الذي حدا بالصين لإطلاق استراتيجية اليانغتسي للتطور الاقتصادي ، حيث بدأت عددا كبيرا من المشاريع الهامة باستثمارات ضخمة بلغت تريليون يوان.

وخلال مراحل التطور الاقتصادي التي شهدتها السنوات العشرين الماضية، أصبحت المناطق المطلة على مجرى نهر اليانغتسي مهمة أكثر ضمن استراتيجية الصين الاقتصادية ، وعكست حجم التنمية الهائلة للصين أثناء نفس الفترة. ومع صدور الخطة التنموية المذكورة، يتوقع أن يدفع نهر اليانغتسي نهضة الصين الاقتصادية للمرة الثانية بشكل أحسن وأخضر.

ويعتبر مجرى نهر اليانغتسي مرصدا لانفتاح الاقتصاد الصيني على الخارج، اذ أظهرت بيانات وزارة التجارة الصينية أن 12 ألف شركة أجنبية جديدة قد استثمرت في مناطق الحزام الاقتصادي على مجرى اليانغتسي، ما يشكل45 بالمئة من اجمالي حجم الاستثمار الأجنبي في البلاد، كما تشهد هيكلة الاستثمارات الأجنبية في المناطق المذكورة ارتقاءا تدريجيا نحو الصناعات الاستراتيجة الحديثة وصناعات التكنولوجيا العالية والخدمات الجديدة.

وفي هذا السياق أشار الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى أهمية التنمية المنفتحة التي تعتبر من أهم المفاهيم الخمسة لتنمية الصين المستقبلية حيث ستعزز الصين من مستوى انفتاح اقتصادها بشكل أوسع وأعمق في ظل العولمة الاقتصادية.

من جانبه قال إيدمون الفودلي وزير المالية الفرنسي الأسبق خلال حضوره فعاليات المنتدى الدولي للحزام الاقتصادي لنهر يانغتسي في مقاطعة هوبي بوسط الصين، قال إن خطة الحزام الاقتصادي لن تدفع عجلة التطور داخل المدن على مجرى نهر يانغتسي فحسب، بل إنها ستؤثر على المناطق الأخرى في الصين أيضا، مضيفا بالقول :"هناك نقطة مهمة للغاية تتمثل باحترام البيئة الطبيعية ومراعاتها".

من جهة أخرى قال الرئيس شي خلال ندوة خاصة في مطلع العام الجاري إن الحكومة الصينية ستضع مهمة صيانة وحماية البيئة الطبيعية على مجرى نهر اليانغتسي كأولوية مطلقة في الوقت الراهن وعلى المدى المستقبلي، وطلب من السلطات المحلية الاهتمام بحماية البيئة ومنع مشاريع التطوير الكبيرة.

وفي واقع الأمر ، تعرضت البيئة الطبيعية لنهر اليانغتسي لتدهور ملحوظ تزامنا مع التنمية الاقتصادية السريعة والمشاريع المتزايدة على مجرى النهر الذي يستوعب كميات كبيرة من مخلفات الصرف الصناعي والصحي ، حيث بيّن تقرير صادر وجود حزام ملوث بطول نحو600 كيلومتر على مجرى اليانغتسي.

وللعمل على حل هذه المشكلة، أكد مكتب قيادة عمل الخطة أن المبدأ الأساسي للخطة يتمثل بالتنمية الخضراء والتنمية الإيكولوجية كأولوية، ما أبرز مدى الاهتمام الكبير بالمنطقة المذكورة مقارنة بالخطط الاستراتيجية الاخرى.

وفي ظل هذا الوضع، بدأت المقاطعات المعنية خطواتها بشكل مبكر اذ أوضحت حكومة شانغهاي مهمتها لبناء ممر أخضر إيكولوجيا، وتخصيص مناطق محمية على مجرى اليانغتسي في خطتها الخمسية الجارية، بينما تخطط مقاطعة يوننان التي تقع على المجرى الأعلى للنهر لتعزيز التغطية الغابية على مجرى اليانغتسي بنسبة 2% بحلول عام 2020 وتحسين البيئة بشكل ملحوظ.

يمر نهر اليانغتسي بمنطقة قليلة التنمية نسبيا قبل وصوله شانغهاي أغنى المدن في الصين ومن ثم دخوله إلى بحر الصين الشرقي، كما إنه يشهد على مستويات التطور في مناطق شرقي الصين ووسطها وغربها بشكل عام.

وحسب الخطة، سيتم إنشاء ثلاثة محاور تنموية، وهي مجموعة المدن الواقعة في دلتا النهر، ومجموعة المدن الواقعة في مجراه الأوسط، ومجموعة المدن في المجرى الأعلى ، وذلك من أجل دفع التطورات الاقتصادية في المناطق المختلفة على مجرى النهر.

ويتوقع أن يتم التنسيق بشكل عميق بين المقاطعات الواقعة على مجرى النهر في مجالات نقل الصناعات والمدننة وتوحيد الأسواق ، للاستفادة من القوة الكامنة للحزام الاقتصادي على مجرى اليانغتسي بشكل أفضل، ليصبح مجرى النهر مركزا اقتصاديا هاما وكنزا بيئيا للصين والعالم .