إتهم وزير الدفاع الياباني إينادا تومومي في تصريح له بالعاصمة الأمريكية واشنطن مؤخرا الصين بإفساد" قواعد اللعبة" ببحرالشرق وبحر الصين الجنوبي. وأكد على نية اليابان في تعزيز تدخلها في بحر الصين الجنوبي من خلال القيام بمناورات بحرية مشتركة مع الولايات المتحدة ومناورات عسكرية مع دول المنطقة، ومساعدة الدول الساحلية على تعزيز قدراتها العسكرية. ولم تمثل تصريحات وزير الدفاع الياباني قلبا للحقائق فحسب، بل مثلت دعوى لإفساد الإستقرار في المنطقة.
سعت اليابان خلال تسعينات القرن الماضي للبروز كقوة سياسية عظمى، لكن بعد سنوات إكتشفت اليابان أنها غير قادرة على لعب أي دور في المسرح الدولي. ومع تنفيذ أمريكا لإستراتيجية إعادة التوازن في المحيط الهادي، إستعادت اليابان طموح الدولة السياسية العظمى أو حتى الدولة العسكرية العظمى. ولا شك أن مؤرخي هذه الحقبة في المستقبل سيدونون بأن إستراتيجية إعادة التوازن الأمريكية أعطت الضوء الأخضر إلى اليابان التي لم تغتسل من جرائم الحرب العالمية الثانية بعد لتحدي النظام الدولي الذي تأسس بعد الحرب.
وذكر إينادا تومومي جملة من الأحداث التي قال أنها تعبر عن "التهديد الصيني". في حين يعلم الجميع أن جزر دياويوي هي جزء من الصين منذ القديم، وأن الصين لديها عدة وثائق قانونية تثب ذلك. لذا تعمل الصين على حماية سيادتها بكل الطرق، وبالنظر من مختلف القواعد الدولية، فإن سلوك الصين يختلف تماما عن ما وصفه تومومي بـ"إفساد قواعد اللعبة". أما عن "إفساد الوضع" في بحر الشرق، فإن الجميع يعرف بأن اليابان كانت أول من عمل على إفساد الوضع.
لا تبدى اليابان إلتزاما بمواثيق القانون الدولي، فبأي صفة تتحدث عن "قواعد" القانون الدولي وحكم القانون؟ ! نعرف جميعا أن إعلان بوستدام وإعلان القاهرة وغيرها من وثائق القانون الدولية قد فصلت القول في قضية جزيرة دياويوي والقضايات التاريخية والنظام الدولي مابعد الحرب العالمية الثانية. لكن وبعد مرور 70 سنة على الحرب العالمية الثانية، لاتزال اليابان تتعامل بموقف متطرف مع القضايا المتعلقة، بل وتتجرأ على تحدي النظام الدولي ومخالفة حكم القانون، والتشكيك في إعلان بوستدام والحديث عن "عدم ثبوت صفة العدوان" وإنكار مجزرة نانجينغ وجرائم نساء المتعة، وغيرها من المواقف التي تصدر عن مسؤولين يابانيين رفيعي المستوى. فهل هذا يعكس "قواعد" القانون الدولي وحكم القانون؟
إن اليابان تعرف بكل وضوح حول تاريخ بحر الصين الجنوبي. حيث قامت اليابان أثناء الحرب العالمية الثانية بإحتلال عدة جزر في بحر الجنوب الصيني، وبعد هزيمتها إستعادت الصين عدة جزر بناءا على إعلان القاهرة وإعلان بوستدام. فإذا كانت اليابان تولي أهمية إلى قواعد القانون الدولي وحكم القانون كما تدعي، فلماذا تتغاضى عن هذه الحقائق؟ ولا شك في أن تصريحات تومومي الأخير في واشنطن تمثل خطرا على الإستقرار في المنطقة، كما أن المناورات البحرية والعسكرية التي تعتزم إجرائها مع أمريكا ودول المنطقة وتعزيز القدرات العسكرية للدول الساحلية يكشف عن عقلية الحرب الباردة لدى اليابان ورغبتها في تعزيز سياسة التكتلات. ولا شك أن المراقبين قد لاحظوا، تصاعد التوجه العسكري لليابان منذ تعديل دستور السلام.
بالنظر من بنية القوى في منطقة آسيا المحيط الهادي ورغبة شعوب المنطقة، ستبوء سياسة التكتلات التي تنتهجها اليابان في النهاية بالفشل. فليس من مصلحة أي دولة أن تنضم إلى "لعبة وهمية" تقودها اليابان.