عقد مجلس الأمن للأمم المتحدة اجتماعا طارئا حول سوريا مساء يوم 17 سبتمبر الجاري بعد شن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضربات جوية على مواقع عسكرية سورية بمحافظة دير الزور شرقي البلاد. ويقال أن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة تسبب في مقتل 83 جنديا سوريا فضلا عن إصابة أكثر من 120 آخرين. وأصدرت وزارة الدفاع الأمريكية بيانا ذكر فيه إن الضربات الجوية التي شنها التحالف قد تكون استهدفت بالخطأ قوات تابعة للحكومة السورية، وإن قوات التحالف كانت تعتقد أنها تضرب موقعا قتاليا لتنظيم " الدولة الاسلامية". ومن الواضح أن هذا الحادث سيوجه انظار المجتمع الدولي لا محال نحو الاسبوع الاول من تنفيذ اطلاق النار في سوريا، ويزيد ضغطا على قلوب الناس التي تتطلع الى السلام. وزعم تقرير نشرت في افتتاحية " واشنطن بوست " الامريكية، أن الاتفاق الامريكي الروسي لاحلال السلام في سوريا يبدو أنه على وشك الانهيار.
تعيش سوريا خلال خمس سنوات أزمة معقدة وتدمير شديد ونادر تسبب حتى الان في مقتل اكثر من 400 ألف شخص، وأكثر من 5 ملايين لاجئ سوري، ونزوح أكثر من 7 ملايين سوري، وتدمير عدد كبير من البنية التحتية بما فيها اطلال حضارة القديمة، وما انعكس أكبر أزمة للاجئين في العالم منذ الحرب العالمية الثانية. ووفقا للترتيبات التي توصلت اليها الولايات المتحدة وروسيا قبل بضعة أيام، دخلت سوريا وقف اطلاق النار ابتداءا من 12 سبتمبر الجاري ويمتد لمدة 7 أيام، وستبدأ الولايات المتحدة وروسيا من 19 سبتمر الجاري تعزيز التعاون العسكري في سوريا. ووفقا للتقارير، فإن التوافق الذي تم التوصل اليه بين الولايات المتحدة وروسيا ضمن خطة تهدف الى انهاء الصراع في سوريا، وتتضمن الخطة خمس وثائق، بما في ذلك وقف اطلاق النار، والاشراف على تنفيذه ، ووصول المساعدات الانسانية والتمييز بين الارهابيين والمعارضة المسلحة، والتعاون في مجال مكافحة المجماعات المتطرفة في سوريا. ويعلق الناس أمالا كبيرة على وقف اطلاق النار، ولكن شريطة أن تكون الأطراف المسؤولة راعية " فرصة للسلام".
"القصف الخاطئ"، هذا ما تشرحه الولايات المتحدة الامريكية المسؤولة في العديد من المرات أمام المجتمع الدولي. وفقا لإحصاءات منظمة تتبع الحرب الجوية، انه منذ أغسطس 2014 الى ديسمبر 2015، يستمر قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الامركية في شن غارات جوية في العراق وسوريا والتي بلغت3965 مرة في العراق ،2823 مرة في سوريا، وتشير التقديرات إلى أن الضربات الجوية تسببت في مقتل ما مجموعه 1695 - 2239 في كلا البلدين. كما يمكن العثور على قائمة العمليات العسكرية التي تقودها القوات الامريكية في افغانستان وباكستان قائمة طويلة من "القصف الخاطئ". وفي مواجهة هذه القائمة و"دورة الموت" في الحرب، فهل تعلم الدول الكبرى ذات الصلة بانها بالحاجة الى أن تكون شرطيا على نفسها.؟
الحرب الوحشية التي فشلت فيها عدد لا يعد ولا يحصى من وساطة دولية تركت الكثير من الدروس. وأن وقف اطلاق النار مفتاح " نافذة الفرص" للحل السياسي. وعدم السماح بان تضيع الفرصة من أجل الحد من اراقة الدماء ينبغي ان تكون خيارات اخلاقية ملحة. ويجب أن يدعم المجتمع الدولي وخاصة البلدان الكبرى ترتيبات وقف اطلاق النار لتهيئة الوضع واستئناف الفصائل السورية المحادثات في أقرب وقت ممكن، وتجنب استمرار الوضع في سوريا الذي يدور في " حلقة مفرغة"، حيث تدور بين الالتزام بوقف اطلاق النار، وانتهاك لوقف اطلاق النار، وكسر وقف اطلاق النار.
الجميع يتفق على أن الوضع الراهن في سوريا غير قابل للاستمرار، ولا يوجد غالب ولا مغلوب في الصراع وانما يوجد الشعب الضحية في المنطقة. وينبغي الاعتراف بأن الازمة في سوريا والسعي للحصول على نقطة الانطلاق الأساسية لحل الأزمة السورية، وأن وقف اطلاق النار هو شرط هام لتوصل الى حل سياسي للقصية السورية ومحادثات السلام هي السبيل الوحيد لحل الازمة في سوريا. ويجب على الاطراف المعنية خلق ظروف مواتية لاستئناف محادثات السلام في أقرب وقت ممكن ، وتجنب تعقيد عملية التسوية السياسية للازمة السورية.