بكين 12 سبتمبر 2016 / في الصين ، إذا سألت مسلما صينيا "كيف قضيت إجازة عيد الأضحى؟" فهو أو هي دائما في حاجة إلى ثانيتين للتفكير، ثم يأتي سؤال منه أو منها "هل تقصد عيد القربان؟ .. طبعا .. جيدة".. و.."في الصين يسمى المسلمون دائما عيد الأضحى "عيد القربان" مثلما بعض الدول الأخرى في وسط آسيا.
ولا أحد يستطيع تبيين سبب تلك التسمية التقليدية في الصين، لأن هنالك ملايين المسلمين الصينيين من عرقيات مختلفة ومنتشرة في أنحاء البلاد مثل عرقية هوي من أصل التجار الفارسيين والعرب القدماء في التاريخ، والعرقيات الويغورية والقازاقية والأوزبكية والطاجيكية و باوآن و دونغشيانغ وغيرها في منطقة شمال غربي الصين ، ولدى هذه العرقيات التقاليد المتنوعة .
بالنسبة إلى عيد القربان (عيد الأضحى)، فيطلق عليه بعض المسلمين الصينيين "العيد الأكبر" بينما يسميه المسلمون الصينيون الآخرون "العيد الأصغر" بمقارنة مع عيد الفطر ، حيث يتمتع المسلمون الصينيون في بعض المناطق بثلاثة أيام من إجازة العيد.
وفي هذه المناطق التي يعيش فيها عدد كبير من المسلمين، تقدم الحكومات المحلية أيضا سياسات تفضيلية كثيرة أثناء إجازة العيد. وعلى سبيل المثال، أعلنت حكومة منطقة نينغشيا ذاتية الحكم لقومية هوي بشمال غربي الصين في يوم 5 سبتمبر الحالي أن جميع الطرق العامة والسريعة في حدود المنطقة ستكون مفتوحة بإعفاء من الرسوم أمام سيارات الركاب الصغيرة التي لم يتجاوز عدد المقاعد على متن كل منها 7، في أثناء إجازة العيد، بينما لم توفر الحكومة المركزية هذا النوع من السياسات التفضيلية على المستوى الوطني إلا في إجازات عيد الربيع واليوم الوطني وعيد الصفاء والنقاء وعيد العمال الدولي .
وهو ما يمثل جهة من جهات الحياة الجديدة للمسلمين الصينيين منذ تأسس جمهورية الصين الشعبية في عام 1949، حيث شرع المسلمون بالتمتع بحقوقهم الدينية والثقافية الحقيقية . وكانت حكومة الصين القديمة لم تعترف بهذه الحقوق الشرعية وتسمى المسلمين المحليين "المواطنين ذوي عادات المعيشة الخاصة".
غير أن حكومة الصين الجديدة أصدرت سلسلة من القوانين واللوائح لحماية حقوق المسلمين من المهد إلى اللحد.
ولا سيما في فترة قبيل حلول أعياد المسلمين ، تركز الحكومات المحلية في عموم البلاد أعمالها على فحص أحوال الإمدادات والجودة للسلع الخاصة بالأعياد مثل اللحوم والطعام الحلال .
ومن ناحيتهم ، يفضل المسلمون في منطقة شينجيانغ الويغورية ذاتية الحكم بشمال غربي الصين الخروج من بيوتهم التي تم تنظيفها بشكل كامل في صباح أول يوم لإجازة عيد القربان ويرتدون الملابس الرسمية الجديدة للقيام بالصلات في المساجد، ثم يقيمون مآدب لتكريم الأقارب والأصدقاء ، ويشاركون أيضا مع الأصدقاء المسلمين وغير المسلمين في حفلات فاخرة ومبهجة تمتد إلى عدة أيام.
أما المسلمون في منطقة نينغشيا ذاتية الحكم، فيقومون بالصلات أيضا في المساجد أثناء العيد، ويقيمون المآدب لتكريم الأقارب والأصدقاء إضافة إلى قراءة القرآن الكريم والقيام بالزيارات لأضرحة أجدادهم ، احتفالا بالعيد الذي يسبقه صيام الأيام العشر الأولى من ذي الحجة والذي يصومها بعض المسلمين.
علاوة على ذلك، وفي تاريخ الصين، لقد ترجم المسلمون الذين يتكلمون اللغة الصينية "عيد الأضحى" إلى اللغة الصينية كـ"تساي شنغ جيه" ، يعنى "عيد ذبح الكبش"، وإنما ترجمه بعض المسلمون الصينيون أيضا إلى "تشونغ شياو جيه"، يعني "عيد الولاء والبِرّ". وتجدر الإشارة إلى أن فلسفة الكونفوشيوس التي لعبت دورا رئيسيا في الثقافة الصينية التقليدية منذ أكثر من ألفي سنة، تتخذ أيضا "الولاء والبر" كأهم المقاييس الأساسية للشخصية المتفوقة للصينيين. وهو ما يعد رمزا بارزا للحضارة المنفردة على الأراضي الصينية.