بعد خمس سنوات من اللعبة الامريكية والروسية مستمرة في سوريا، يسعى الطرفان باعتبارهما قوة خارج المنطقة وذات أكبر تأثير على الوضع السوري لوقف إطلاق النار على المدى الطويل ،ولكن لا تزال هناك العديد من الاختلافات في التعاون العملي، ما جعل الوضع في سوريا يقف امام طريق مسدود، وتشهد منطقة الوسط وشمال سوريا حربا ساخنة في الاونة الاخيرة، تسببت في قصف مكثف على مواقع المسلحين في الريف الحلبي يوم 4 يونيو في خسائر فادحة.
خلافات عديدة تؤثر على التعاون الفعلي
تبادل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الأمريكي جون كيري في الاونة الاخيرة العديد من الاتصالات لمناقشة الازمة السورية. وفي 3 يونيو الجاري، بحث وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ونظيره الأمريكي جون كيري عبر الهاتف سبل التغلب على الصراع في سوريا، بما في ذلك مكافحة تنظيم "الدولة الاسلامية" و" جبهة النصرة" وإمكانية التعاون بين امريكا وروسيا في مكافحة توريد الاسلحة الى الارهابيين عبر الحدود وغيرها من القضايا الاخرى. وفي اليوم نفسه، اجرى لافروف وجون كيري محادثات في باريس دامت ساعة واحدة بشأن " كيفية تعزيز التعاون في القضية السورية".
بحث وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي جون كيري يوم 1 يونيو الحالي احتمال شن هجمات مشتركة ضد "جبهة النصرة" ومنظمات ارهابية اخرى في سوريا. وفي اليوم نفسه، وفي اطار المبادرة الامريكية الروسية، وقف لاطلاق النار لمدة 48 ساعة بين القوات السورية ومقاتلي المعارضة في مدينة داريا المحاصرة في جنوب غرب دمشق.
منذ بدء سريان وقف اطلاق النار في سوريا يوم 17 فبراير 2016، تعمل امريكا وروسيا جاهدة في محاولة لتحقيق هدنة طويلة الامد.واعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين،عن أمله في أن يحقق التعاون القائم بين روسيا وامريكا تغييرات إيجابية وأساسية في الوضع بسوريا.واعترف نائب وزير الدفاع الروسي أناتولي أنتونوف، أن المساعدة الامريكية هى شرط مهم لتحقيق روسيا مساعدات إنسانية إلى سوريا.
ومع ذلك،لا يزال التعاون بين روسيا وامريكا على طرفي نقيض. وخلال خمس سنوات ، طال انتظار التعاون الجوهري بين روسيا وامريكا ، بالرغم من تطلع الجانبين للوصول الى حل الازمة السورية من خلال الدبلوماسية. وفي منتصف شهر مايو،قال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، أن روسيا تقترح على امريكا الشروع في العمل المشترك بين القوات الجوية الروسية وسلاح الجو التابع للتحالف الدولي، للتخطيط وتوجيه غارات على الفصائل والتشكيلات المسلحة غير الشرعية التي لا تدعم نظام وقف الأعمال القتالية، وعلى القوافل التي تحمل أسلحة وذخيرة . واعربت روسيا عن استعدادها للتنسيق مع الاتحاد الكردي العربي وامريكا من أجل طرد الإرهابيين في منطقة الرقة بسوريا. لكن قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية:"ان الجيش الامريكي "سوف لا يجرى التعاون والتنسيق مع الجيش الروسي" فى سوريا.
احتمال رفع مستوى المصارعة
يعتقد بعض المحللين أن الخلافات بين روسيا وامريكا بشأن القضية السورية، سيؤدى الى رفع مستوى الاقتتال الداخلي بين اطراف الصراع في سوريا، وتكثيف المواجهة بين المعارضة والحكومة.كما من المرجح ان تتيح فرصة الراحة والهجمات المضادة للجماعات الارهابية والمتطرفة التى ضعف نفوذها فى في المرحلة السابقة تحت الضربات الجوية الروسية وهجوم الجيش السوري.
بلغ القتال في سوريا في الاونة الاخيرة طريقا مسدودا مرة اخرى بعد أن سبق وان تحسن الوضع الامني بعض الوقت باتفاق وقف اطلاق النار بين اطراف الصراع. حيث شهدت منطقة شمال ووسط في سوريا تسخين للحرب، وفي نفس الوقت،توسع ساحة القتال بين الحكومة السورية وتنظيم " الدولة الاسلامية"و" جبهة النصرة" وغيرها من الجماعات المسلحة الاخرى.
وقال رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد الروسي قسطنطين كوساتشيف يوم 5 يونيو، أن تغيير الوضع في سوريا يثبت ضرورة عمل روسيا وامريكا معا في مكافحة الارهاب. والوضح بالنسبة للقوى الارهابية أن روسيا وامريكا تقاتلان بعضهما البعض ولم تشكلا قوة متماسكة.ولذلك،فان خبر اتفاق الجانبين على التعاون هو بذاته قادر على ردع المتشددين. بدلا من ذلك، فإن كل يوم تاخير يسبب المزيد من الضرر.
قال شادي حامد، الباحث لدى معهد بروكينغز في واشنطن في مقابلة مع صحيفة «واشنطن بوست»، أن امريكا بدأت التفكير في الاخطاء السياسة المرتكبة في الشرق الاوسط بعد حالة الفوضى التي وقعت فيها سوريا. وخاصة بعد المشاركة القوية من الجانب الروسي ،وترك امريكا مصالحها تتآكل باستمرار. مضيفا، ان الصراع بين امريكا وروسيا سيستمر، وقد يتصاعد ايضا،ما سيتجسد فى سوريا،التى تعتبر احد الجوانب الاكثر الحاحا ولا يمكن التساهل فيه.
أن مشاركة جميع القوى جعلت من الصعب التنبؤ بمستقبل الوضع في سوريا.وتخفيف حدة التوتر بين روسيا وامريكا مهم للغاية بالنسبة للتسوية السلمية للقضية السورية.ويعتقد بعض المحللين أن المصالح الاساسية وطويلة الاجل للدولة السورية والشعب السوري أساس ايجاد حل لهذه القضية.