عشية الاجتماع الوزاري السابع لمنتدى التعاون الصيني العربي، أجرت قناة الجزيرة القطرية مقابلة مع وزير الخارجية وانغ يي في بجين، والنص الكامل للمقابلة كما يلي:
س: ما ھي مكانة الشرق الأوسط وأھميتھا في الاستراتيجية الخارجية الصينية؟
ج: ظلت الشرق الأوسط لھا مكانة خاصة ومھمة في السياسة الخارجية الصينية،لأن كلنا من الدول النامية،ولدينا نفس المعاناة في الماضي ونفس الھدف لتحقيق نھضة البلاد. لذلك، تكون الصين دائما صديقا حميما وشريكا عزيزا لشعوب الدولالعربية.
منذ بداية الخمسينات للقرن الماضي أي بُعيد تأسيس الصين الجديدة، دعمت الصين بكل ثبات قضايا الشعوب العربية للتحرير القومي، وفي مقدمتھا قضية فلسطين،دائما تقف الصين إلى جانب الشعب الفلسطيني والشعوب العربية بثبات لا يتزعزع في جميع اللحظات التاريخية المھمة لقضية فلسطين، وھذا تقليد جيد.
في السنوات الأخيرة، مع تطور الصين والدول العربية المستمر، توسعت مقومات العلاقات الصينية العربية باستمرار، وازداد التعاون المتبادل المنفعة، قد أصبحت الصين أكبر شريك تجاري ل 10 دول عربية، وتجاوز حجم التبادل التجاري بين الصين والدول العربية 200 مليار دولار، وتستورد الصين تقريبا نصف النفط الخام من الدول العربية، كما ازدادت الاستثمارات الصينية في البلدان العربية بصورة سريعة. طبعا، ما زالت ھناك إمكانيات كامنة كبيرة لھذه العلاقات. انطلاقا من الصداقة التقليدية بين الصين والدول العربية، تتطور العلاقات بين الجانبين نحوتشكيل مجتمع ذي مصلحة مشتركة.طرح الرئيس شي جينبينغ مبادرة التشارك الصيني العربي في بناء "الحزام والطريق"، ومن المبين أن الدول العربية ومنطقة الشرق الأوسط تتمتع بموقع استراتيجي مھم جدا في إطار بناء "الحزام والطريق". سترتفع مكانة دول الشرق الأوسط في السياسة الخارجية الصينية باستمرار، لذلك، لدينا ثقة تامة بالمستقبل الواعد للعلاقات بين الصين والدول العربية. وفي ظل الظروف الجديدة، سنكون أمثل شركاء التعاون في بناء "الحزام والطريق" وتحقيق التنمية والنھضة المشتركة، وفي نفس الوقت، سنحافظ على المصالح المشتركة للجانبين وندفع بعملية دمقرطة العلاقات الدولية.
س: طرح الرئيس شي جينبينغ مبادرة "الحزام والطريق"، كيف تستفيد منھا الصين والدول العربية؟
ج: ھذا السؤال جميل. ظھر طريق الحرير قبل أكثر من 2000 سنة، كانت منطقة الشرق الأوسط في ذلك الوقت تقع في منطقة تلاقي طريقي الحرير البري والبحري، وكان التواصل الودي والتبادل التجاري بين الصين والدول العربية أتى بالسلام والأمن والازدھار لنا جميعا. في عصرنا اليوم، تلتزم الصين بسياسة
الانتفاح نحو جميع الجھات، وعلى أساس الانتفاح نحو الجھة الشرقية، بدأنا الانفتاح على الجھة الغربية. ولاحظنا أن كثيرا من الدول في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وجنوب آسيا حتى الدول الأوروبية بدأت تنظر إلى الجھة الشرقية، الأمرالذي يحقق الالتقاء بين الاستراتيجيات التنموية للصين والعديد من الدول
الأوروآسيوية، ويعكس الحاجات المتبادلة فيما بيننا. مرت قارة أوروآسيا بحروب واضطرابات على مدى القرون، وتطلعت شعوبھا إلى السلام والتنمية. الآن، يتخذ كثير من الدول التنمية كأبرز مھامه، بينما تعتبر الصين النمو الأولوية الأولى لھا.فيما يتعلق بقضية التنمية، ھناك تكامل تام بين الصين والدول المطلة على طريق الحرير وخاصة دول الشرق الأوسط لتحقيق التنمية المشتركة والازدھار المشترك. انطلاقا من الھدف المشترك للدول الأوروآسيوية، طرح الرئيس شي جينبينغ مبادرة "الحزام والطريق" التي لاقت تجاوبا إيجابيا ومشاركة نشطة من قبل حوالي 70 دولة ومنظمة، وفي مقدمتھا دول الشرق الأوسط .
يلتقي طريقا الحرير البحري والبري في عصرنا اليوم في منطقة الشرق الأوسط أيضا. وستجلب مبادرة "الحزام والطريق" فرصا تاريخية ھامة لدول المنطقة. وإنناعلى استعداد لبذل جھود مشتركة مع دول المنطقة في تطوير اقتصادات الدول النامية، بما يعود بالفوائد الملموسة على شعوبھا، ويحقق النھضة للقارة الأوروآسيوية. بإمكاننا تحقيق هذا الهدف.
متى سيبدأ تنفيذ مبادرة "الحزام والطريق"؟
ج: إن عملية تنفيذ ھذه المبادرة قد بدأت وحصلت على بعض الحصاد المبكر.والآن، يزداد عدد مشاريع التعاون في بنك المشروعات، وحسب علمي، ھناك مايقارب ألف مشروع. وستنفذ ھذه المشروعات بشكل تدريجي مع التواصل الأكثركثافة بيننا وبين مختلف الدول.
لماذا كل ھذا العدد الكبير من المشروعات؟ ولماذا كل ھذا الاھتمام؟ ذلك يعكس أولا الحاجة المتبادلة بين الصين والدول المطلة على ھذا الخط، بما فيه دول الشرق الأوسط. الكثير من الدول الأوروآسيوية تريد الإسراع بالعملية الصناعية،وتريد التخلص من نمط النمو الاقتصادي الذي يعتمد بشكل كامل على المنتجات الأولية والموارد الطبيعية، وتريد رفع القدرة على التنمية الذاتية وتنويع الاقتصاد.وفي المقابل، يمر الاقتصاد الصيني بمرحلة ناضجة للعملية الصناعية، ونمتلك كمية كبيرة من الطاقة الإنتاجية والتقنيات الناضجة التي يمكن نقلھا إلى البلدان الأخرى.وفيما ننقل ھذه المعدات والتقنيات، يمكننا توفير التدريب والدعم التمويلي اللازم.فمن المؤكد أن تكون الصين شريكا مثاليا لدول الشرق الأوسط وغيرھا من الدول
الأوروآسيوية في دفع العملية الصناعية. فضلا عن ما نتمتع به من الإرادة السياسية لتعزيز التعاون والمصلحة المشتركة الواسعة النطاق، كل ذلك سيساھم في تطوير التعاون المتبادل المنفعة بيننا عمقا واتساعا. في الحقيقة، لدينا بعض المشروعات الكبيرة في منطقة الشرق الأوسط، مثلا، مصفاة ينبع التي قد بدأت
تشغيلھا في السعودية وھي مشروع بتروكيماوي عملاق، يساعد السعودية على دفع العملية الصناعية ورفع قدرتھا على التنمية الذاتية. كما نخطط إنشاء حديقة صناعية في عمان، والتعاون مع الكويت في إنشاء مدينة الحرير وإجراء التطويرالمتكامل لبعض الجزر.
خلاصة القول، يشمل الحزام الاقتصادي لطريق الحرير ثلاثة نواحي: أولا، ترابط الطرقات، أي ربط الدول الأوروآسيوية بالسكك الحديدية والطرق العامة والطيران والإنترنت، بما يھيئ ظروفا أساسية للنمو الاقتصادي. ثانيا، التعاون في الطاقة الإنتاجية، أي دفع العملية الصناعية في مختلف الدول ورفع قدرتھا على التنمية الذاتية من خلال التعاون المتبادل المنفعة. ثالثا، التواصل الثقافي، لدى طريق الحرير تقاليد جيدة متمثلة في التعلم المتبادل والاحترام المتبادل والاستفادة المتبادلة بين حضارات مختلفة، ونأمل في تكريس ھذه التقاليد الجيدة من خلال التواصل الثقافي المتنوع الأشكال في المنطقة المطلة على طريق الحرير، بما يعزز التفاھم والصداقة بين الصين ودول الشرق الأوسط وغيرھا من الدول المطلة على ھذاالخط وشعوبھا، ويرسي أساسا اجتماعيا وشعبيا للعلاقات بين الصين وھذه الدول.وھا ھو ما نفعله الآن .