س: كان القرن ال 20 قرنا للولايات المتحدة، ھل سيصبح القرن ال 21 قرنا للصين؟
ج: إن الصين لا تحبذ تسمية قرن ما بقرن بلد معين، لأننا نعتقد دائما أن شؤون بلد ما يجب أن تتقرر من قبل شعب ھذا البلد، وشؤون العالم يجب أن يطرح للتشاور بين كافة دول العالم، ويجب ألا يتم احتكارھا أو تقريرھا من قبل بلد معين. في ھذا السياق، تدعم الصين منذ البداية النظام الدولي المعاصر القائم على الأمم المتحدة،وتعتبر الأمم المتحدة أكبر منظمة دولية مصدقية وشمولا، وتم وضع "ميثاق الأمم المتحدة" بفضل دعم شعوب العالم. نعتقد أن كثيرا من المشاكل في العالم مثل اضطرابات وفوضى وحروب يرجع أساسا إلى عدم الالتزام التام بمقاصد ومبادئ "ميثاق الأمم المتحدة"، لأن الركائز الأساسية ل"ميثاق الأمم المتحدة" تتمثل في احترام سيادة الدول وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وحل النزاعات سلميا وتعزيز التعاون الدولي. إذا التزم جميع الدول بمبادئ ومقاصد الميثاق، سواء كانت دولة كبيرة أو صغيرة، قوية أو ضعيقة، سيصبح العالم أكثر أمنا واستقرارا، وبالتالي سيحقق مختلف الدول تقدما مشتركا. ھا ھو ھدفنا المنشود وفلسفتنا الدبلوماسية.
س: تشھد الولايات المتحدة تراجعا، وسيصبح ھذا الزخم واضحا جدا في العقد والعقدين المقبلين،ھل أصبحت الصين مھيئة لقيادة ھذا العالم، حتى ولو اضطرت إلى ذلك في ظل التراجع الأمريكي؟
ج: قد تختلف دول العالم على تقييم مكانة الولايات المتحدة وتأثيرھا، حسب ما نعرف عن الولايات المتحدة، إنھا ستحافظ على المركز الأول في العالم في الفترة الطويلة المقبلة. لكن ھذا لا يعني احتكار قيادة العالم لدولة واحدة، وفي الحقيقة،يستحيل لدولة واحدة أن تقود العالم بوحدھا. لذلك، يجب علينا تعزيز التعاون الدولي لجعل كوكبنا أفضل وأجمل.
طرح الرئيس شي جينبينغ في القمة التي عُقدت في الجمعية العامة بمناسبة الذكرى ال 70 لتأسيس الأمم المتحدة مفھوما مھما جدا، حيث دعا جميع الدول إلى تضافر الجھود لبناء مجمتع ذي مصير مشترك لجنس البشرية كلھا. في عصرنا اليوم، زاد الاتكال المتبادل والتلاحم بين دول العالم، وأصبحت الكرة الأرضية قرية صغيرة،لذلك، علينا بناء مجتمع ذي مصلحة مشتركة ومسؤولية مشتركة وأمن مشترك، وصولا إلى مجتمع ذي مصير مشترك للبشرية كلھا، الأمر الذي يتفق تماما مع المصلحة المشتركة للبشرية كلھا، ويجب أن يكون ھدفا نبيلا لنا.
س: اتھم وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر بعد حضوره المناورة العسكرية الأمريكية والفلبينية المشتركة في منتصف إبريل، اتھم الصين بعسكرة منطقة بحر الصين الجنوبي، كما تقلق دول آسيا وباسيفيك من الردم الذي تقوم به الصين. ھل يعتبر ذلك استفزازا عسكريا من قبل الولايات المتحدة ودول جنوب شرق آسيا؟
ج: أعتقد أن تقييمك ھذا منطقي. إن بحر الصين الجنوبي ھو أصلا بحر السلام والاستقرار. بالنسبة إلى النزاعات على بعض الجزر والشعاب التي خلفھا التاريخ، رغم أن حقوقنا اُنتھكت، ما زلنا نلتزم بالحل السلمي عبر الحوار والتشاور. وما زالت ھذه العملية جارية.
في الحقيقة، قام بعض الدول المطلة على بحر الصين الجنوبي بردم الجزر والشعاب منذ فترة طولة جدا، بما فيه ردم الجزر والشعاب الصينية المحتلة، أما الصين فلم تقم ببعض الإنشاءات اللازمة إلا من الأزمنة الأخيرة. قمنا بھذه الإنشاءات لتحسين ظروف المعيشة والعمل للمقيمين في الجزر. من الطبيعي أن
نقوم بتحسين المنشآت بعد تعرضھا الطويل للأمطار والرياح. ومن الناحية الأخرى، إن الصين كأكبر دولة مطلة على بحر الصين الجنوبي، تحرص على بناء منشآت لازمة لتقديم المزيد من المنتجات العامة لتسھيل الآخرين، على سبيل المثال، أنشأنا بعض المنارات، ويمكن للسفن المارة أن تستفيد منھا، وھي تعتبر
ھذه المنارات أمرا جيدا. كما أنشأنا بعض الموانئ لمواجھة الطوارئ، وكذلك منشآت طبية ومراصد جوية، لعبت كل ھذه المنشآت دورا مھما من ناحية النفع العام. تصرفاتنا ھذه لا تخالف القانون الدولي ولا تؤثر على حرية الملاحة البحرية، بل توفر منتجات عامة يحتاج إليھا الجميع. فلا داعي تماما بتضخيم ھذا الموضوع، وبعبارة أخرى، قد تكون ھناك مؤامرات سياسية أخرى وراء ذلك.
أما بالنسبة إلى ما يسمى بعسكرة بحر الصين الجنوبي، أعتقد أن الجميع يدرك أن كل بلد له الحق في الدفاع عن نفسه وفقا للقانون الدولي. فمن الطبيعي جدا أن تكون لدينا بعض المنشآت الدفاعية في جزرنا وشعابنا، خاصة في ظل بناء البلدان الأخرى منشآت عسكرية كثيرة في الجزر المجاورة لجزرنا، لا بد أن نتحصن بوسائل وقدرة دفاعية لازمة، الأمر لا علاقة له بالعسكرة. في الوقت نفسه، شفنا حاملة الطائرات جاءت إلى بحر الصين الجنوبي، وقاذفات الصواريخ محلقة على بحر الصين الجنوبي، وسفن حربية تقترب من جزرنا وشعابنا للضغط على الصين عسكريا. ھا ھي العسكرة بالتحديد، بما فيه المناورات العسكرية الضخمة والقواعد العسكرية المتنوعة التي تبنيھا الفلبين.
أعتقد أنه من الضرورة عدم اتخاذ معايير مزدوجة سواء كان في ردم الجزر أو العسكرة، لا يمكن اتھام الآخرين فيما يعمل كما يشاء، ھذا أمر غير عادل. أعتقد أن عددا متزايدا من الدول تعي بذلك، وأن كل الذين لا تحيز لھم يدركون الوضع الحقيقي وجذور المشكلة.
س: ھل تعتقدون إرسال الولايات المتحدة آلاف من جنودھا للمشاركة في المناورة العسكرية الأمريكية الفلبينية تھديدا مباشرا للصين؟
ج: أعتقد أن ھذه التصرفات على الأقل تزيد عدم استقرار في منطقة بحر الصين الجنوبي، وحتى تصل إلى حد تأجيج موقف التوتر، فھي ليست بناءة. في الحقيقة،توجد ھناك فكرة واضحة جدا يلتزم بھا الجميع وتتفق عليھا الصين ودول آسيان لحل قضية بحر الصين الجنوبي، ألا وھي "فكرة المسارين".المسار الأول ھو سبل حل النزاعات المحددة، إننا وآسيان متفقين على ضرورة حلھا عبر التفاوض المباشر بين دول صاحبة الشأن، وذلك يتفق مع ميثاق الأمم المتحدة ويتفق أيضا مع ما تنص عليه المادة الرابعة ل"إعلان السلوك لأطراف بحر الصين الجنوبي" الذي وقعت عليه الصين و 10 دول آسيان. وفقا لھذا الإعلان، ھناك التزامات على عاتق الصين والفلبين ودول آسيان.في ھذا السياق، لا نحبذ ولا نقبل ولا نشارك في ما يسمى ب"التحكيم الدولي" الذي رفعه الجانب الفلبيني من جانب واحد، لأن ھذا "التحكيم" يخالف المادة الرابعة لإعلان السلوك، ويخالف أيضا مبدأ التوافق بين دول صاحبة الشأن لرفع التحكيم.إذ أن الجانب الفلبيني فرض "التحكيم" قسرا وبدون أي التشاور مع الصين. كما تنتھك الفلبين سلسلة من الاتفاقيات بينھا وبين الصين التي تنص على تسوية القضية عبر المفاوضات. بالإضافة إلى ذلك، ادعت الفلبين أنھا رفعت التحكيم لاستنفاد الوسائل التفاوضية، ھذا ليس حقيقة، بل أقول لك بصراحة، ھذا كذب، لأن الفلبين لم تقم بأي تفاوض ثنائي جاد مع الصين حول أي طلب وارد في التحكيم الذي رفعته. وفي المقابل، ما زالت الصين تقول للفلبين حتى اليوم، "تعالي للتفاوض، وباب الحوار مفتوح". غير أن الفلبين ما زالت ترفض التفاوض والتشاور معنا. نعتقد أن تصرفات الفلبين تفتقد إلى الشرعية والمشروعية_منذ البداية.ھناك رأي آخر يعتقد أن القبول بالتحكيم أمر مشروع وعدم قبوله يعني تجاھل القانون الدولي، إن مثل ھذا الرأي واه تماما وليس له أي أساس. قلت لك قبل قليل،إن تصرفات الفلبين ھي التي تفتقر إلى مرجعية قانونية. في المقابل، عدم قبول الصين بالتحكيم له سببان، أولا، لازم نلتزم بمسؤوليتنا والتزاماتنا في إعلان السلوك لأطراف بحر الصين الجنوبي وحل النزاعات عبر التفاوض الثنائي؛ ثانيا،أصدرت الحكومة الصينية قبل 10 سنوات بيانا حكوميا وفقا للحق المنوط به بموجب المادة ال 298 ل"اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار"، تستثني فيه الولاية القضائية القسرية. فلا بد من الحكومة الصينية التمسك ببيانھا قبل 10 سنوات لضمان استمرارية واستقرارية الموقف الحكومي. فيمكن القول، إن تمسك الصين_بموقفھا ھو بالذات يلتزم بالقانون الدولي ويھدف إلى صيانة مصداقية "اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار". ھا ھو المسار الأول، أي حل النزاعات عبر التفاوض المباشر بين دول صاحبة الشأن المباشرة.
المسار الثاني ھو سبل صيانة السلام والاستقرار في بحر الصين الجنوبي. يجب صيانتھما عبر التعاون بين جميع الدول المطلة على بحر الصين الجنوبي أي الصين ودول آسيان. وفي ھذا المسار، تعمل الصين ودول آسيان على التنفيذ الكامل ل"إعلان السلوك لأطراف بحر الصين الجنوبي"، بما فيه التعاون في
الشؤون البحرية، كما نعمل على دفع عملية "قواعد السلوك لأطراف بحر الصين الجنوبي"، التي تتقدم إلى الأمام بشكل سريع، ونأمل في التوصل إلى التوافق في أسرع وقت ممكن، بما يمكننا من الحفاظ على السلام والاستقرار في بحر الصين الجنوبي بشكل أفضل. للصين وآسيان القدرة والإرادة في التعاون للحفاظ على السلام والاستقرار في بحر الصين الجنوبي. لذلك، نأمل من الدول خارجة المنطقة دعم جھود الصين وآسيان ولعب دور بناء وليس العكس.