ماي شين يوي: باحث بمعهد أبحاث التجارة الدولية والتعاون الإقتصادي التابع لوزارة التجارة الصينية
وافق البرلمان الأوروبي مؤخرا على قرار يقضي بعدم الإعتراف بمكانة الصين في إقتصاد السوق. وتعكس هذه الخطوة تصاعد الحمائية التجارية في أوروبا، ولا يخالف إتجاه العولمة الإقتصادية فحسب، بل يخالف مصالح أووبا نفسها.
وتجب الإشارة إلى أن قرار البرلمان الأوروبي لا يطرح حواجز تجارية جديدة على التجارة الصينية، وإنما يسعى إلى الحفاظ على الحواجز التجارية القديمة وغير العادلة، ومن ثم، فإن البرلمان الأوروبي يدوس من خلال هذا القرار على تعهداته الدولية. غير أن هذا القانون، لايمتلك إلزامية قانونية، حيث يمكن للأقسام التنفيذية الأوروبية إختيار تنفيذه، كما يمكنها أن تختار إحترام تعهداتها الدولية وتجاهل هذا القرار. لذا علينا أن لا نبالغ في الخشية من أن يؤدي هذا القرار إلى عرقلة تدويل القطاعات الصناعية الصينية المعنية.
لم تفلح الحمائية التجارية الأوروبية على مدى عقود في منع الصين من أن تصبح أكبر قوة تجارية عالمية. وفي الوقت الحالي، تواجه الصين بيئة تجارية خارجية أكثر حرية من السابق، كما شهد ميزان القوى الإقتصادية بين الصين وأوروبا تغيرا كبيرا. ومهما تكن قوة الحمائية التجارية التي تمارسها أوروبا، فإنها لن تفلح في عرقة خطوات نمو الإقتصاد الصيني.
تجب الإشارة أيضا إلى أن قرار البرلمان الأوروبي لا يعود بالفائدة على إقتصاد أوروبا نفسها، حيث ستؤثر هذه الإجراءات الحمائية سلبيا على البيئة التجارية في أوروبا. وتاريخيا، قامت بعض الدول بفرض حمائية تجارية تحت ظروف معينة ولمدة محددة على بعض القطاعات الرفيعة، لكن الحمائية التي فرضها قرار البرلمان الأوروبي لا تنتمي لقطاعات التنقنية العالية، وإنما إلى القطاعات التقليدية. وتخضع هذه القطاعات في أوروبا لسيطرة بعص الشركات، وهي تسعى من خلال المحافظة على إجراءات الحمائية التجارية إلى جعل القطاعات الصناعية السفلى والمستهلكين يدفعون ثمن هذه الإجراءات.
هذه الحمائية لن تخلق لأوروبا الفرص ولن تجلب لها الأمل، ولن تسهم إلا في زيادة أعباء التكاليف الإضافية. إن ماكان على أوروبا فعله، ليس المحافظة على الحمائية التجارية لهذه الشركات، وإنما الخروج من قبضة هذه الشركات، وإمتلاك حيوية جديدة.
كانت بريطانيا، هولندا وبلجيكا، الدول التي صوتت على الإعتراف بمكانة الصين في السوق الحرة. وهذه الدول كانت خلال السنوات الماضية تمثل تيار الليبرالية التجارية في أوروبا، وهذا ما جعلها تحقق نسب نمو إقتصادي أعلى من المنطقة الأوروبية. أما الدول التي عارضت مكانة الصين في السوق الحرة، فكان نموها الإقتصادي أقل من مستوى نمو المنطقة الأوروبية.
لاشك في أن الإصلاح يدفع إلى التقدم، والإبتكار يدفع إلى القوة، ومن بين النتائج السلبية لنمو دولة أو منطقة ما، هو تعاظم قوة الشركات، التي تتحول إلى المتحكم الرئيسي في الإبتكار وحيوية النمو. لذا، فإن القدرة على فرض الإصلاح والجرأة على الإبتكار، كانتا دائما سلاح الدولة لكسر الأغلال والإستمرار في النمو. ومثل هذه الأمثلة يمكن أن نقرأها في التاريخ، كما يمكن أن نراها في حاضرنا. والحقيقة، أن رضوخ البرلمان الأوروبي لرغبة الشركات وتمريره لهذا القرار، لا يمكن إلا أن يجعلنا نخشى على آفاق النمو الإقتصادي في أوروبا.
تتجه دول العالم في الوقت الحالي التعاون، ورغم وجود بعض الخلافات، إلا أن الحوار والتعاون كفيلان بإزالة سوء الفهم وتقريب المسافات. أما بالنسبة لأوروبا، فرغم أن حمائيتها التجاربة لن تعرقل مسيرة نمو الإقتصاد الصيني، إلا أن الخيار الذكي يتمثل في تعزيز الحوار مع الصين، وإيجاد حل يضمن الفوز المشترك.