غزة 26 أبريل 2016 / في سابقة هي الأولى من نوعها في قطاع غزة بادر فريق شبابي تطوعي حديثا إلى إنشاء أول مشروع مطبخ خيري لتقديم وجبات طعام للعائلات الفقيرة بالمجان.
ويحمل المشروع الذي بدأ العمل به رسميا في نهاية مارس الماضي، اسم (تكية غزة هاشم لإطعام الطعام) ويقوم عليه نحو أربعين شابا متطوعا أسسوا حملة (نافذة الخير لإغاثة غزة) لتلقي التبرعات له.
ويستهدف المشروع تقديم وجبات طعام غذاء يومي الاثنين والجمعة أسبوعيا، فيما يطمح القائمون عليه إلى أن يتمكنوا قريبا من العمل بشكل يومي لتوسيع مجال أنشطتهم والمستفيدين منها.
ويقول منسق تكية غزة بسام البطة لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن المشروع يعتمد على تبرعات محلية وخارجية من فاعلي خير وبعض مؤسسات الجاليات الفلسطينية في أوروبا في تمويل أنشطته.
ويوضح البطة، أن التكلفة المالية لكل يوم عمل في تكية غزة من أربعة إلى خمسة آلاف دولار أمريكي بما يضمن تقديم وجبات طعام إلى خمسة آلاف فرد تقريبا بمتوسط ستة أفراد لكل عائلة.
واحتفى القائمون على مشروع التكية بافتتاح أول فرع لها خارج مدينة غزة الأسبوع الماضي وذلك في مدينة رفح أقصى جنوب القطاع ما مكنهم من زيادة عدد العائلات المستفيدة من تلقي وجبات الطعام.
ويشير البطة إلى أنهم يبذلون مساع حثيثة لدى مؤسسات خيرية محلية وخارجية لتوفير دعم مالي يمكنهم من افتتاح فروع أخرى لمشروع التكية بما يغطي جميع مدن قطاع غزة لتوسيع قائمة المستفيدين منه.
ويعتبر البطة، أن مشروع التكية يعد تعزيزا لمبادئ التكافل الاجتماعي وللتخفيف من معاناة سكان قطاع غزة في ظل معدلات الفقر والبطالة القياسية التي يعانوها منذ عدة أعوام.
وتفرض إسرائيل حصارا مشددا على قطاع غزة منذ منتصف عام 2007 إثر سيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على الأوضاع فيه بعد نزاع مسلح مع القوات الموالية للسلطة الفلسطينية.
ودفع ذلك إلى أن تصبح نسبة البطالة في أوساط سكان قطاع غزة البالغ عددهم زهاء مليون و900 نسمة من بين الأعلى في العالم بحيث وصلت إلى حوالي 42.7 في المائة بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
كما تقدر منظمات دولية وحقوقية، بأن نسبة انعدام الأمن الغذائي لدى سكان قطاع غزة تتجاوز 60 في المائة يعتمدون على المساعدات الدورية من المنظمات المحلية والدولية.
وترجع نشأة مشاريع التكايا لتقديم وجبات الطعام على الفقراء مجانا إلى العصر العثماني سواء في الأناضول أو في الولايات التابعة للدولة العثمانية، ومفردها تكية.
وتم إنشاء التكايا التي تعتبر من المنشآت الدينية لإقامة المنقطعين للعبادة من المتصوفة ومساعدة عابري السبيل.
ويركز القائمون على مشروع تكية غزة في أنشطتهم على العائلات الفقيرة التي تفتقد للمعيل خصوصا تلك التي يقوم عليها نساء أرامل أو مطلقات.
ولدى حلول ساعات الظهر وقفت المسنة أم خالد داخل طابور منظم أمام مقر تكية غزة في منطقة (الشيخ رضوان) للحصول على وجبة الطعام وهي تشتكى من معاناة عائلتها الأمرين جراء الفقر والعوز.
وقالت أم خالد ل((شينخوا)) بنبرات متقطعة، إنها مسؤولة عن إعالة عائلة مكونة من ثمانية أفراد منذ وفاة زوجها قبل أربعة أعوام ولا مغيث لهم سوى ما تقدمه لهم المؤسسات الخيرية.
كما اشتكت مسنة أخرى تدعى فاطمة، من أنها لا تجد ما يكفي من مال لشراء أساسيات الاحتياجات الغذائية لعائلتها المكونة من 40 فردا يعيشون جميعا في منزل واحد من دون دخل مالي منتظم.
وأعربت فاطمة، عن أملها في تلقي وجبات الطعام من تكية غزة بشكل ثابت ويومي حتى تتمكن من توفير ما يلزم أفراد عائلتها من طعام، لا سيما الأطفال.
وتتنوع وجبات الطعام المقدمة ضمن مشروع التكية بحسب قيمة التبرعات المتوفرة لكل يوم عمل، وعادة ما تشمل الأرز والدجاج واللحم وبعض أنواع الأسماك وأصناف أخرى.
ويعمل في التكية خمسة طباخين يتلقون أجورا مالية، فيما يشرف على تجهيز الوجبات وتسليمها لمستحقيها شبان متطوعون غالبيتهم في مطلع العشرينيات من أعمارهم.
ويقول منسق العاملين المتطوعين في التكية أديب عبد الحليم ل((شينخوا))، إن مبادرة التطوع في المشروع جاءت انطلاقا من تلمس الشبان لحجم المصاعب المعيشية للعائلات الفقيرة وحاجتها الماسة للدعم.
ويوضح عبد الحليم، أن الشبان المتطوعين يتم التناوب فيما بينهم للعمل في تجهيز وجبات الطعام، كما يشمل عملهم إجراء بحث دوري على العائلات الفقيرة لوضع أولويات في التوزيع حسب درجة الحاجة.
ويشير عبد الحليم، إلى أنهم يسعون إلى توفير وسائل توصيل لوجبات الطعام إلى منازل العائلات المستحقة بدلا من حضورها إلى مقر التكية، إلى جانب توسيع المناطق الجغرافية التي تشملها هذه العائلات.
وتكية غزة ليست فكرة جديدة في الأراضي الفلسطينية إذ سبقتها تكية (سيدنا إبراهيم) في الخليل بالضفة الغربية وتكية (خاصكي سلطان) في القدس وهما تتبعان لوزارة الأوقاف والشؤون الدينية في السلطة الفلسطينية.
كما سبق أن أطلق مشروع تكية خيرية مماثل في نابلس شمال الضفة الغربية ابتداء من شهر رمضان عام 2012 لتوزيع وجبات الطعام مجانا على الأسر الفقيرة في المدينة وضواحيها.