وفقا لإحصاءات الأمم المتحدة، قد أدت الأزمة السورية الى وفاة اكثر من 270 ألف شخص، والمعاناة من أخطر أزمة لاجئين منذ الحرب العالمية الثانية. وهذا يذكر الناس مدى الحاجة الملحة الى اغتنام نافذة الفرص لنزع فتيل الأزمة على نحو فعال.
انطلقت جولة جديدة من مفاوضات السلام في جنيف يوم 13 ابريل الجاري. وقبل ذلك، في ظل الجهود المشتركة للمجتمع الدولي، تم تنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار بشكل عام في سوريا، وتعزيز العمل الانساني باستمرار . كما تجدر الاشارة الى اعلان المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا عن ورقة من حوالي 12 بندا تضمنت النقاط المشتركة التي يمكن أن يبدا منها الطرفين، غير أن الحكومة والمعارضة السورية لم يعبّرا غالباً عن معارضتهما للورقة .
الوضع الجديد هو نتيجة التوازن الدقيق بين مصالح جميع الأطراف. وقد اتخذت الأزمة في سورية ومنذ البداية أبعادا سياسية وصراع طائفي ، وارتبطت أيضا بلعبة المصالح الوطنية والاقليمية، وصراع القوى العظمى حول الهيمنة الاقليمية. وفي المرحلة الحالية ، يظهر بصيص أمل جديد لحل الأزمة السورية في ظل الوعي بأن " الحرب الأهلية في سوريا لن يفضي للنتائج ، والمحادثات هي الأمل الوحيد"، والضغط المستمر لمكافحة الارهاب، فضلا عن الجهود الدبلوماسية الدولية العميقة، وتعديل مواقف أمريكا وروسيا وغيرهما من الدول الكبرى الأخرى الى حد ما.
ينبغي التعلم من دروس الماضي لدفع الجولة الجديدة من محادثات السلام في جنيف نحو الامام. وأن سبب فشل المحادثتين في جنيف سابقا يعود الى محاولة أطراف المحادثات بداية حل الازمة من أعقد وأصعب نقطة. في حين أن مواصلة المفاوضات وحل الازمة من خلال القنوات السياسية لا يتحقق الا بالتمسك بمبدأ "الأسهل أولا، ثم الأصعب"، وبدء من حل المشكلة ذات التوافق العام وترك الخلافات الكبيرة جانبا.
وبالرغم من الخلافات التي لا تزال قائمة بين الاطراف حول بعض القضايا الرئيسية ، إلا أن رؤية الخلافات وتضخيمها فقط ليس خيارا عقلانيا في الجولة الحالية من المفاوضات. ويجب مواصلة المفاوضات، فمن الممكن أن تقام الثقة المتبادلة بين الطرفين، ويتحول حل المشاكل من المستحيلة الى الممكنة.
حاليا، خطر فشل محادثات السلام لا يزال موجودا. وحذر دي ميستورا مؤخرا قائلا:" بديل المفاوضات الوحيد هو العودة لاقتتال أسوأ من السابق، وربما بشكل أسوأ مما شهدته سوريا فى الفترة الماضية من عمر الازمة ". وبطبيعة الحال فإن مثل هذا البديل مرفوض تماما في ظل الكارثة الانسانية الكبرى. ولا يزال التركيز على بذل الجهود الكبيرة لتعزيز محادثات السلام على راس اولويات المجتمع الدولي. ومن الواضح أن السعي للمكاسب الشخصية من خلال الحروب بالوكالة واللعبة الجيوسياسية يتعارض مع المعايير الاخلاقية.
منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011، تتمسك الصين بموقف مسؤول إزاء الشعب السوري وحل الازمة من خلال القنوات السياسية. وقد عينت الصين أول مبعوث خاص لها الى سوريا مؤخرا، من أجل لعب دور في تعزيز محادثات السلام بشكل أفضل، وتعزيز الاتصالات والتنسيق مع الأطراف ذات الصلة على نحو اكثر فعالية، من أجل لعب دور بناء في تعزيز تسوية ملائمة للقضية السورية. وفي الوقت الحاضر، تولت الصين الرئاسة الدورية لمجلس الأمن الدولى لشهر ابريل، ومن منصة مجلس الامن، ستحرص الصين على مواصلة لعب دور أكبر لنزع فتيل الازمة السورية.