الجزائر 10 ابريل 2016 / أعلن رئيس الوزراء الجزائري اليوم (الأحد) عن توقيع بلاده على 26 اتفاقية تعاون مع فرنسا بمناسبة الزيارة التي يقوم بها نظيره الفرنسي مانويل فالس إلى الجزائر في إطار انعقاد الدورة الثالثة للجنة التعاون المشترك رفيعة المستوى.
ويتعلق الأمر باتفاقيات تعاون في مجالات القضاء والتربية والتعليم العالي والتأمينات الإجتماعية والتشغيل والصحة وإنتاج الأدوية والأشغال العمومية والصناعة الغذائية والسكك الحديدية والتكنولوجيا و12 اتفاقية شراكة بين شركات جزائرية وفرنسية عمومية وخاصة في مختلف مجالات التعاون منها الميكانيكا والرقمنة والتكوين واللوجيستيك.
وفي بيان مشترك توج الزيارة التي استمرت يومين،أعرب البلدان عن إرادتهما في الارتقاء بالعلاقات الإقتصادية والصناعية إلى مستوى "امتياز" علاقاتهما السياسية.
ففي المجال الصناعي والتكنولوجي أعرب الطرفان عن "ارتياحهما" للتقدم المسجل فيما يتعلق بمواصلة أهداف إعلان الصداقة والتعاون الموقع في الجزائر يوم 19 ديسمبر 2012 من قبل رئيسي البلدين.
وبهذا الصدد التزم البلدان بمرافقة المشاريع المشتركة بتوفير "جميع شروط النجاح".
وأكد الطرفان بالمناسبة إرادتهما في مواصلة بناء هذه الشراكة مع تشجيع نقل الخبرة والتكنولوجيا في إطار مشاريع الشراكات المنتجة.
من جهة أخرى أكد الطرفان إرادتهما في تعميق شراكتهما في القطاعات الإستراتيجية من أجل تنويع الإقتصاد الجزائري وكذا تطوير التبادل خاصة في قطاعات المناجم والنقل والمنشآت والميكانيكا والصناعات الغذائية والمناولة (الإستعانة بالشركات الصغيرة لصناعة منتج معين).
كما اتفق البلدان على عقد اجتماع في أقرب الآجال للجنة المشتركة حول التجارة طبقا لمذكرة التعاون الجزائري الفرنسي الموقعة بالجزائر بتاريخ 28 مايو 2003 حول تطوير شراكة في مجال التجارة الخارجية وضبط السوق وحماية المستهلك.
وفي هذا السياق دعا الطرفان هيئاتهما المتمثلتين في المركز الوطني لمراقبة النوعية والمخبر الفرنسي للتقييس والتجارب إلى تعميق المحادثات من أجل استكمال مشروع مرافقة هذا المخبر.
وأعرب الطرفان عن إرادتهما في توسيع شراكتهما إلى قطاعات أخرى التي ستحدد في اتفاق مشترك.
وأعربت فرنسا عن استعدادها لتقديم الدعم للجزائر من أجل مساعدتها على تنفيذ الأهداف التي سطرتها ضمن مساهمتها الوطنية في مجال التحكم في انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري والتكيف مع آثار التغيرات المناخية.
واتفق الجانبان على عقد الإجتماع الوزاري للجنة المشتركة الإقتصادية الجزائرية الفرنسية العام 2016 والإجتماع المقبل للجنة الحكومية الجزائرية-الفرنسية رفيعة المستوى والحوار الإستراتيجي الذي يترأسه وزيرا خارجية كلا البلدين.
كما اتفقا على عقد الدورة الرابعة للجنة الحكومية الجزائرية-الفرنسية رفيعة المستوى في 2017 بباريس.
وبشأن ليبيا اتفق الجانبان على "الاستمرار في المساندة النشيطة للمسار السياسي الذي تدعمه الأمم المتحدة الذي يعد الخيار الوحيد الذي من شأنه أن يحقق عودة الاستقرار في ليبيا والحفاظ على سيادتها ووحدتها الترابية ووحدة شعبها".
واعتبر البيان وصول رئيس الوزراء الليبي وأعضاء المجلس الرئاسي إلى طرابلس "تقدما إيجابيا بالنسبة لليبيا".
وأعربا عن ارتياحهما "للتقدم" المحقق في تجسيد الاتفاق السياسي الليبي الموقع في 17 ديسمبر 2015.
وأوصى الجانبان بضرورة استقرار حكومة الوفاق الوطني بالعاصمة الليبية وتولى في إطار تنفيذ ما تضمنه الاتفاق السياسي الليبي "تسيير الإدارات والمؤسسات المالية الوطنية".
كما أكدا على "المسؤولية" الملقاة على عاتق المجتمع الدولي لدعم هذه الحكومة في مواجهة التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية التي يواجهها هذا البلد وكذا في مجال مكافحة المجموعات الإرهابية.
وصرح رئيس الوزراء الجزائري في مؤتمر مشترك مع نظيره الفرنسي بأن "العلاقات الثنائية سجلت منذ نهاية 2012 (زيارة الرئيس فرانسوا أولاند إلى الجزائر) قفزة نوعية هامة جدا" مشيرا إلى أنه على الصعيد السياسي العلاقات "متميزة كما في مجال الأمن ولاحظنا أن لدينا نفس النظرة ونفس التحليل للأمور فيما يخص الوضع في بلدان الجوار".
وقال إن "فرنسا سجلت بارتياح الدور الذي قامت به الجزائر من أجل استتباب الأمن في بلدان الساحل" الإفريقي.
وأكد على وجود "حوار واضح وصريح جدا في المجال السياسي وحول الأمن والأمن الإقليمي والعلاقات الثنائية".
وبشأن التعاون بين البلدين في مجال محاربة الإرهاب قال سلال "إن الإرهاب آفة تمس اليوم الحضارات...الجزائر حاربت دوما الإرهاب دون أن تخلط مع ذلك بين الإرهاب والإسلام".
وأضاف "ليس هناك علاقة بين الإسلام والإرهاب، علينا جميعا التعاون لمكافحة هذه الآفة ويتعين علينا أيضا تشجيع البلدان على اعتماد خطط ومشاريع لتحقيق الأمن ومكافحة الحقد إذ أن الحقد يغذي الإرهاب والإرهابيين".
وأكد على وجود "تفاهم كبير" بين البلدين و"إرادة في العمل سويا، والبعض يحاولون أحيانا تعكير الأجواء بين الجزائر وفرنسا ولكن لن نسمح بذلك".
وقال "إن الشعب والحكومة الجزائريين بقيادة رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة التزما بهذه العلاقة الثنائية لما فيه مصلحة البلدين، نريد مواصلة ذلك كن أجل تحسين الأمور".
واعتبر أن النموذج الفرنسي لريادة الأعمال يتوافق مع الإحتياجات الجزائرية لا سيما "لبناء مشاريع مربحة ومفيدة للطرفين" داعيا إلى ضرورة إشراك المتعاملين الاقتصاديين لتعزيز الشراكة الإستراتيجية بين البلدين.
من جانبه، قال مانويل فالس إن "العلاقة بين الجزائر وفرنسا قائمة على الصراحة والصدق والنظرة المشتركة فيما يخص عدة مواضيع (...) نظرتنا متجهة نحو المستقبل ونحن على يقين بأن هذه العلاقة متميزة فعلا".
واعتبر أن حضور 10 وزراء من حكومته "دليل واضح" على أهمية الشراكة الجزائرية الفرنسية وهي "تتجلى في الأعمال من خلال الإتفاقات الموقعة من أجل تعزيز الشراكة في المجال الأمني خاصة فيما يتعلق بالقضايا الهامة في المنطقة على غرار ليبيا وفي مجال المبادلات في المجال البشري لصالح قطاعات الشباب والتربية والتعليم العالي وغيرها".
وقال "قمنا بعمل كبير وما تم انجازه منذ 2012 (زيارة الرئيس أولاند على الجزائر) شيء متميز. سنواصل العمل و لاشيء يمكنه ان يعرقل هذه العلاقة المتميزة".
وبخصوص الإرهاب اعتبر فالس أنه "كان على المجموعة الدولية تفهم ما كان يحدث في الجزائر خلال بداية التسعينات والخيارات الصعبة التي اتخذتها الجزائر".
وقال إن "الجزائر عانت خلال سنوات عدة ودفعت الثمن غاليا بسبب الإرهاب. كان علينا أن نتفهم جيدا ما كان يحدث في الجزائر خلال بداية التسعينات... لا ينبغي علينا أن ننسى بأن الجزائر والجزائريين حاربوا الإرهاب بشجاعة".
وأكد أن "فرنسا والجزائر تعملان سويا وتعززان روابطهما الوثيقة في هذا المجال سواء على الصعيد الدبلوماسي أو المخابراتي".
وقال "انطلقت الجزائر في مسار تنويع اقتصادها.. الوضع الحالي ليس بالسهل لكن نحن هنا لننجح معا ولمساعدتكم كذلك في النجاح...لدينا الثقة في قدرات الجزائر وإمكانياتها وكفاءة اليد العاملة الجزائرية وكذا في قدرتنا للعمل معا بشكل أكبر. نحن هنا وكذلك الأمر بالنسبة لمؤسساتنا الناشطة في عدة ميادين إستراتيجية كالصحة والزراعة والنقل وفي ميادين مستقبلية كالإلكترونيك".
وأكد أن بلاده "تريد أن تبقى الشريك الاقتصادي الأساسي للجزائر" مذكرا بأن فرنسا هي المستثمر الأول خارج المحروقات في الجزائر وشريكها الاقتصادي الثاني.
وأشار فالس إلى وجود 6 آلاف شركة فرنسية تتعامل تجاريا مع الجزائر وحوالي 500 شركة فرنسية تعمل في الجزائر.
وحسب إحصائيات الجمارك الجزائرية فقد بلغت قيمة المبادلات التجارية بين الجزائر وفرنسا 10.3 مليار دولار أمريكي في 2015 وهي ثالث زبون للجزائر وثاني مصدر لها بعد الصين.