ريف حمص 12 ابريل 2016 / تشعر الستينية أم أحمد بالقلق والخوف من البقاء في منزلها بسبب الألغام التي خلفها مسلحو تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) وراءهم في مدينة تدمر التي استعادها الجيش السوري في أواخر مارس الماضي.
وعادت أم أحمد (65 عاما) لتفقد منزلها في المدينة الأثرية التي غطت شوارعها أكوام من الأنقاض والركام التي تكاد تطمس معالمها جراء المعارك التي دارت فيها بين الجيش السوري وحلفائه وبين تنظيم داعش الذي سيطر على المدينة في مايو الماضي.
وبدأ المئات من السوريين منذ السبت بالعودة الى تدمر الواقعة بريف حمص الشرقي لتفقد منازلهم بعد أن استعاد الجيش السيطرة عليها في 25 مارس الماضي.
لكن بعضا من أهالي المدينة عبروا عن خشيتهم من البقاء فيها بسبب الألغام التي زرعها مسلحو داعش فضلا عن عدم توفر الماء والكهرباء في الوقت الحالي.
وتؤكد أم أحمد لوكالة أنباء ((شينخوا)) وهي تبحث عن أغراض لها وسط الحطام الذي ملأ منزلها ، أن المدينة بوضعها الحالي لايمكن العيش فيها ، معتبرة أن الألغام تشكل عائقا كبيرا أمام عودة الكثير من الناس إلى المدينة.
وقالت السيدة الستينية ، والتي تلونت يداها باللون الاسود بفعل الحطام "رغم الدمار والخراب الذي شاهدناه في المدينة فهذا لا يشكل عائقا امام العودة،ولكن العبوات الناسفة وعدم توفر متطلبات الحياة في المدينة يجعلنا نتأنى بقرار العيش هنا".
وتعيش أم أحمد حاليا في مدينة حمص بمخيم الوافدين بغرفتين صغيرتين مع عائلتها المكونة من خمسة افراد ، وتؤكد المرأة أنها ستعود للسكن بمنزلها بعد أن يتم تأمين الخدمات اللازمة مثل الكهرباء والماء والصرف الصحي.
وتضم تدمر بين جنباتها آثارا يعود تاريخها الى ألفي عام ، وهي مسجلة على لائحة التراث العالمي وأثار سقوطها بيد داعش قلقا في العالم على مصير المدينة المعروفة بـ "عروس البادية".
وبعد استعادة المدينة ، عمل الجيش السوري بمساعدة خبراء متفجرات روس على تفكيك مئات القنابل لتمهيد الطريق لعودة المدنيين.
ويقول ضابط سوري في مدينة تدمر إن "عناصر الهندسة تعمل بوتيرة عالية لتمشيط المدينة من العبوات الناسفة والالغام التي تركها تنظيم داعش داخل البيوت وزرعها في الطرقات والاحياء من أجل إعاقة تقدم الجيش في المدينة".
ولفت الضابط السوري ، لـ ((شينخوا)) ، إلى أن هذه الألغام تشكل عائقا امام عودة الحياة إلى هذه المدينة.
وتابع يقول إن "الالغام مطمورة تحت الانقاض ، ويمكن أن تنفجر بأي لحظة ما يتسبب بكارثة إنسانية ، ونحن نحرص على حياة الناس ونطلب منهم السير بحذر وفي منتصف الشارع".
ويؤكد الضابط ان الجيش السوري تمكن من تأمين الطريق من مدينة حمص إلى تدمر بحدود (160 كيلومتر) عبر وضع حواجز عسكرية وحمايته من تسلل بعض الفارين من داعش الذين يعمدون إلى قطع الطرق وزرع بعض العبوات الناسفة على جانبي الطريق.
ولاحظ مراسل ((شينخوا)) بدمشق اثناء تجواله في بعض شوارع المدينة السكنية وجود عدة فجوات كبيرة بالأرض نتجت عن تفجير الألغام من قبل الجيش السوري بالتعاون مع الخبراء الروس.
كما سمع دوي عدة انفجارات في المدينة الاثرية الناجمة عن تفجير الألغام وشوهدت سحب من الدخان الأسود الكثيف والغبار في سماء المدينة.
وتؤكد ايمان (43 عاما) انها "لن تتردد دقيقة واحدة" في العودة الى منزلها في تدمر عندما يتم تطهيرها من الالغام ويعاد تأهيلها.
وقالت ايمان انها عادت لتفقد منزلها الذي تضرر من جراء المعارك مؤكدة أنها لا تستطيع العيش في المنزل حاليا بسبب عدم توفر الماء والكهرباء إضافة لوجود الألغام بداخل المدينة وهو ما يشكل خطرا على حياتها وحياة أطفالها .
وأعلن وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو اليوم أن خبراء مفرزة نزع الألغام في قوات الهندسة الروسية قاموا بتفكيك 2987 لغما وعبوة ناسفة من خلال تنظيف أكثر من (30 كم) من الطرق و182 هكتارا مزروعة بالألغام في تدمر.
وأوضح شويجو خلال اجتماع في موسكو لقادة مختلف أنواع الأسلحة بالمركز الوطني لقيادة الدفاع عن روسيا أن "تنظيف الجزء العمراني الأثري والتاريخي في مدينة تدمر من الألغام والمتفجرات تقوم به مفرزة نزع الألغام التي شكلت من قوام خبراء المركز الدولي لنزع الألغام في القوات المسلحة الروسية".
ولا يقتصر تأثير الألغام على الجانب النفسي فقط بل يمتد ليشكل عقبة أمام اعادة تأهيل البنية التحتية في المدينة.
وقال احد عمال شركة الكهرباء السورية في تدمر إن "الألغام التي زرعها إرهابيو داعش تعيق عملنا ، وتشكل عقبة امام اصلاح شبكة الكهرباء التي دمرها الإرهاب".
ويؤكد العامل السوري لـ((شينخوا)) أن العمل يحتاج إلى وقت كبير لاصلاح الاضرار التي لحقت بشبكة الكهرباء.
وأضاف "نخشى أن تكون هناك الغام تحت أعمدة الكهرباء" ، مؤكدا أن "الإرهابيين يلجأون لزرع عبوات ناسفة تحت اعمدة التوتر ومحولات الكهرباء لانهم يعلمون أن الحكومة سترسل عمال لإصلاحها".
وقال جندي سوري شارك في معارك السيطرة على تدمر إن "الالغام كثيرة في الشوارع".
وسيطر الجيش السوري على تدمر في 25 مارس وكانت المدينة خالية من السكان لحظة دخوله إليها.
وأعلنت محافظة حمص الخميس الماضي أن حوالي 400 شخص مدني دخلوا مدينة تدمر لتفقد منازلهم وان العملية ستستمر لمدة شهر كامل.
وقالت أم عدنان (36 عاما) ان معظم الأهالي الذين أتوا إلى المدينة جاءوا من أجل تفقد منازلهم بعد أن سيطر الجيش السوري على المدينة.
وأبدت أمام عدنان فرحها برؤية بيتها من جديد وإن كان مدمرا.
وأشارت إلى أنها هربت من المدينة قبل ان يدخل تنظيم (داعش) اليها بأيام لكثرة ما سمعت من قصص مرعبة يقوم بها مقاتلو التنظيم بأي شخص يخالف تعليماته.
ومن جانبه روى احمد التدمري (48 عاما) كيف حرق تنظيم (داعش) بيته لأنه موظف حكومي ، وكان يقدم المساعدة لعناصر الجيش عبر نقله الجرحى إلى مشفى تدمر.
وقال أحمد وهو موظف في شركة الفوسفات بحمص إن "تنظيم داعش وضع الغاما في اقنية الصرف الصحي" ، مشيرا إلى أنه رأى خيطا ازرق فأبلغ الجهات الأمنية عنه ليكتشف لاحقا أن هذا الخيط موصول بلغم موجود داخل حفرة للصرف للصحي.
وأضاف "أنا متشوق جدا كي اعود إلى مدينتي التي نشأت فيها ، واعيش في منزلي وأقوم بترميمه بأسرع وقت ممكن " ، مشيرا إلى انه ينتظر أن ينتهي الجيش من تفكيك العبوات الناسفة والالغام من الشوارع والطرق كي يعود ويستقر في المدينة./نهاية الخبر/