بكين 21 مارس 2016 / يتم النظر إلى زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى كوبا على نطاق واسع باعتبارها خطوة تاريخية من العم سام، إلا أن التقارب المطلق مع كوبا يتطلب من الولايات المتحدة الإمتناع عن فرض أيديولوجيتها على الآخرين ومعاملتهم على قدم المساواة.
وقد أظهر كل من البلدين رؤية إستراتيجية وحسن نية في جهودهما الرامية لإنهاء خصومة مر عليها أكثر من نصف قرن وبذل جهود لجعل زيارة أوباما إلى كوبا ممكنة، بحيث يصبح التقارب إرث رئاسة أوباما.
مع ذلك، فإنه من السابق لآوانه التكهن بأن إذابة الجليد في العلاقات بين هافانا وواشنطن سيتم بشكل كامل، نظرا للاختلافات الهائلة والمتجذرة بين البلدين.
ويمكن القول بأن زيارة أوباما، في نظر العديد من المراقبين، هي بادرة لكسر الجليد في أحسن الأحوال وليست أكثر من مناورة لزرع الخلاف من أجل شق صفوف اليساريين في أمريكا اللاتينية.
وقد تباطأ أوباما في المضي بخطوات رفع الحظر المفروض على كوبا منذ عقود، والذي يؤثر بشكل سلبي على اقتصاد الجزيرة ومعيشة الشعب الكوبي.
علاوة على ذلك، فقد أثارت الزيارة، وكذلك الجهود المبذولة من إدارة أوباما لرأب الصدع، أثارت ردود فعل عكسية هائلة وغوغائية من مرشحي انتخابات الرئاسة الأمريكية، ونظرا لدخول رئاسة أوباما في فترة "البطة العرجاء"، فإنه لن يكون من المفاجئ أن تواجه إعادة العلاقات بين الولايات المتحدة وكوبا نكسات وتحولات في حال اختارت الولايات المتحدة عدم التخلي عن غطرستها.
وكما قال هنري كيسينجر في كتابه "الدبلوماسية"، فإنه لا يوجد هناك أي دولة أخرى مثل الولايات المتحدة قد رسخت لديها قناعة، ناتجة عن تمنيات، بأن مؤسساتها قابلة للتطبيق عالميا.
وبامتلاكها مثل هذه الأفكار واعتبار نفسها منارة لما يسمى العالم الحر، فإن واشنطن تقوم منذ فترة طويلة بفرض أفكارها بخشونة وبشكل معتاد على دول أخرى ذات ثقافات وظروف مختلفة. والنتيجة؟ منطقة الشرق الأوسط تمزقها الحروب، وشبه الجزيرة الكورية نووية، وهجمات المتطرفين في الغرب، وهذا على سبيل المثال لا الحصر.
بالطبع، زيارة أوباما تستحق الإشادة كونها تشير إلى إمكانية التواصل والتعاون بين دول ذات أيديولوجيات متباينة، لكن من الضروري على واشنطن أن تقدم تعويضات حقيقية ووافية إلى الدولة الجزيرة لدفع ثمن أخطائها الماضية.
الآن، قامت الولايات المتحدة بأولى خطواتها، ويُتنظر منها أن تقوم بالمزيد من التقدم في هذا الاتجاه، ولكن ما يزال هناك الكثير لرؤيته إزاء ما سيقوم به العالم الغربي.