بكين 3 مارس 2016/ وافق مجلس الأمن الدولي على قرار صدر يوم الأربعاء ينص على فرض عقوبات جديدة على جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية من أجل الحد من برامجها النووية والصاروخية.
وتشمل العقوبات من بين أشياء أخرى منع إمداد كوريا الديمقراطية بجميع أنواع الوقود المستخدم في الطائرات بما في ذلك وقود الصواريخ، وحظر جميع صادراتها من الفحم والحديد والذهب والتيتانيوم الخام والفانديوم الخام والمعادن النادرة، وفرض تفتيش على الشحنات المعنية بالتجارة الدولية المتجهة منها أو إليها برا أو بحرا أو جوا. وفي السابق، كان يتم تفتيش الشاحنات التي توجد أدلة معقولة للاعتقاد بأنها تحمل أشياء غير مشروعة، وبذلك تعد هذه السلسلة الجديدة من العقوبات "الأشد من نوعها في التاريخ".
ورغم ذلك، أكدت الصين من قبل مجددا أن العقوبات ينبغي ألا تلحق الضرر بالحياة اليومية لشعب كوريا الديمقراطية، وينطلق موقفها هذا من الحرص على معيشة شعب كوريا الديمقراطية. فعدد سكان كوريا الديمقراطية يتجاوز 25 مليون نسمة، وإذا ما أثارت العقوبات حالة من الفوضى في شبه الجزيرة الكورية، فإن ذلك سيهز الوضع في شبه الجزيرة، بل وقد يؤثر على السلام والاستقرار في منطقة شمال شرق آسيا. ولهذا، جاء تصويت الصين بالموافقة على فرض عقوبات على كوريا الديمقراطية بعد تفكير عميق.
ليس من الصعب إدراك أن الخلافات بين الولايات المتحدة وكوريا الديمقراطية تشكل جوهر القضية النووية الكورية. لذا فإن عودة الجانبين إلى مسار الحوار والمفاوضات من عدمها ستؤثر بالقطع تأثيرا مباشرا على القضية. فمن ناحية، على الولايات المتحدة أن تواجه مسؤولياتها وتتجنب اتخاذ إجراءات قد تؤدي إلى تصاعد التوترات في شبه الجزيرة، ومن ناحية أخرى، على كوريا الديمقراطية الوفاء بالتعهدات التي قطعتها على نفسها بالتخلي عن جميع الأسلحة النووية ووقف جميع الأفعال التي قد تفضي إلى توتر الأوضاع في شبه الجزيرة الكورية.
وعلينا أن ندرك أن العقوبات ليست هدفنا النهائي، إذ قال وزير الخارجية الصيني وانغ يي خلال لقائه نظيره الأمريكي جون كيري الشهر الماضي إن قرار مجلس الأمن الدولي لا يمكن أن يقدم حلا جوهريا للقضية النووية الكورية وإن الأطراف المعنية تحتاج إلى العودة إلى الحوار والمفاوضات، كما أدلى ليو جيه يي مندوب الصين الدائم لدى الأمم المتحدة بتصريحات تحمل نفس المعنى بعد موافقة مجلس الأمن على قرار العقوبات، مضيفا أن القرار يجب أن يكون نقطة انطلاق جديدة ويضع "حجر أساس يمهد" لتسوية سياسية للقضية النووية في شبه الجزيرة الكورية.
وفي هذا السياق، فإن الضغوط التي تشكلها العقوبات المفروضة على كوريا الديمقراطية قد تدفعها إلى إعادة النظر في الطريق الذي اختارته, بل وقد تدفع أطراف القضية النووية لشبه الجزيرة الكورية للعودة إلى مسار المحادثات السداسية التي تضم كوريا الديمقراطية وجمهورية كوريا والولايات المتحدة والصين واليابان وروسيا.
وقد اقترحت الصين المضي قدما في مسارين متوازيين بشأن القضية النووية في شبه الجزيرة الكورية ألا وهما نزع السلاح النووي واستبدال الهدنة باتفاق سلام . ومازالت المحادثات السداسية تمثل آلية فعالة وضرورية لحل القضية النووية الكورية. فالصين من جانبها تواصل سعيها إلى استئناف المحادثات وهي تتمسك بموقف عادل وموضوعي. ووسط الوضع الحالي في شبه الجزيرة الكورية، فإن العقوبات التي لم تمس الحياة اليومية لشعب كوريا الديمقراطية تعكس جهود الصين وإخلاصها في حل القضية النووية الكورية بشكل سلمي وإعادتها إلى مسار الحوار، الأمر الذي يبرز دور الصين البناء والمسؤول باعتبارها أحد الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وجارا محبا للسلام .
إن وجود شبه جزيرة كورية خالية من الأسلحة النووية والحفاظ على الاستقرار والسلام ليس مسؤولية الصين وحدها، بل يحتاج إلى تعاون وتضامن وتنسيق من جميع الأطراف ذات الصلة. والوضع الراهن يدلل على مدى الضرورة والحاجة الملحة إلى إعادة القضية النووية الكورية إلى إطار المحادثات السداسية، لهذا لقد حان الوقت الآن لبدء جولة جديدة من الحوار والمفاوضات.