بكين 9 يناير 2016 / أدانت الأمم المتحدة والعديد من البلدان في جميع أنحاء العالم بشدة الهجوم الإرهابي المميت الذي استهدف مركزا لتدريب قوات الأمن بمدينة زليتن في ليبيا، داعية إلى تنفيذ الاتفاق السياسي الليبي.
فقد لقى 30 شخصا على الأقل مصرعهم وأصيب أكثر من مائة آخرين يوم الخميس جراء استهداف سيارة مفخخة معسكرا لشرطة خفر السواحل في ضواحي مدينة زليتن، التي تقع على مسافة 150 كلم شرقي العاصمة طرابلس. حيث قاد انتحاري شاحنة وقود صباح يوم الخميس إلى داخل المعسكر، حيث كان يتجمع 400 شخص من رجال الشرطة، ثم قام بتفجيرها.
ولم يعلن حتى الآن أي تنظيم مسؤوليته عن الهجوم، ومع ذلك، تكهنت مواقع التواصل الاجتماعي بأن تنظيم الدولة (داعش) وراء الهجوم.
وأدان أعضاء مجلس الأمن الدولي يوم الجمعة بشدة الهجوم الإرهابي، إضافة إلى الهجمات الأخيرة التي تعرضت لها البنية التحتية للنفط في ليبيا من قبل مجموعة أعلنت الولاء لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام.
وأيضا في يوم الخميس، أسفر تفجير انتحاري بسيارة مفخخة عن مقتل أربعة أشخاص على الأقل، من بينهم طفل، في مرفأ راس لانوف النفطي شمال ليبيا، ولم تعلن أية جهة مسؤوليتها عن الهجوم حتى الآن.
تعاني ليبيا من فراغ أمني منذ الاطاحة بنظام العقيد معمر القذافي في عام 2011، وتشهد البلاد حاليا انتشارا لجماعات متطرفة موالية لتنظيم (داعش) شجعتها الانقسامات السياسية والانفلات الأمني هناك.
ودعا مجلس الأمن جميع الأطراف في ليبيا إلى الانضمام إلى الجهود المبذولة لمواجهة التهديد الذي تشكله الجماعات الإرهابية العابرة للحدود التي تستغل ليبيا لتنفيذ أجندتها، داعيا في الوقت ذاته كافة الأطراف الليبية إلى التعجيل بتنفيذ الاتفاق السياسي الليبي، والعمل بسرعة نحو تشكيل حكومة الوفاق الوطني التي "ستعمل لصالح جميع الليبيين".
وأكد أعضاء مجلس الأمن أيضا على ضرورة تقديم مرتكبي ومنظمي وممولي ورعاة هذه الأعمال الإرهابية المدانة إلى العدالة.
ولفت وزير الخارجية الإيطالي باولو جينتيلوني يوم الجمعة إلى أنه يتعين على المجتمع الدولي الحفاظ على إستراتيجية واضحة في ليبيا، وتجنب القيام بـ "أفعال متسرعة" في هذا البلد الواقع بشمال أفريقيا والذي مزقته الحرب.
وقال جينتيلوني لشبكة "راي راديو 1" الحكومية للإذاعة والتليفزيون، عندما سئل عن رد الفعل الممكن للمجتمع الدولي إزاء هذه الأحداث الأخيرة، قال إن "ليبيا ليست مسرحا لاستعراض العضلات".
وتابع الوزير الإيطالي "قد يبدو أن العمل العسكري مبررا كما هو الحال في هذه اللحظة، ومع ذلك، فإنه لن يؤدي على الأرض إلى ما تحتاج إليه ليبيا بشكل حقيقي، وهو بدء تحقيق الاستقرار، وإنما سيؤدي إلى خلق المزيد من الفوضى".
وأدان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يوم الخميس الهجوم الإرهابي المميت, وكذلك الهجمات المستمرة التي يشنها موالو تنظيم الدولة (داعش) على منشآت نفطية قرب السدرة بوسط ليبيا.
وأعرب عن أسفه إزاء محاولة المتطرفين لحرمان الشعب الليبي من هذه الموارد الطبيعية، وتعرف الجماعة الإرهابية باسم "داعش" ويرمز لها "آي إس" أو "آي إس آي إل".
وقال إن "هذه الأعمال الإجرامية تعد بمثابة تذكير قوي بالحاجة الملحة لتطبيق الاتفاق السياسي الليبي وتشكيل حكومة وفاق وطني، وتعد الوحدة أفضل وسيلة بالنسبة لليبيين لمواجهة الإرهاب بجميع أشكاله".
وجدد الأمين العام دعوته لكافة الأطراف السياسية والأمنية لخلق بيئة مواتية للحكومة لكي تستأنف مسؤولياتها.
وأصدرت فيديريكا موغيريني الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي يوم الخميس بيانا رسميا لإدانة التفجير الانتحاري في ليبيا.
وأعربت موغيريني عن الحاجة الملحة إلى الوحدة في ليبيا من خلال تنفيذ الاتفاق السياسي الليبي الذي تم التوصل إليه في ديسمبر الماضي.
وتم التوصل إلى اتفاق برعاية الأمم المتحدة بين البرلمانين الليبيين المتناحرين, مجلس النواب المعترف به دوليا في طبرق, و المجلس العام الوطني في طرابلس, من أجل وقف القتال وتشكيل حكومة وحدة وطنية.
ووفقا للاتفاق, فإن المشاركين في الحوار الليبي سيقومون بتشكيل حكومة وحدة لوضع حد لأعمال العنف والفوضى السياسية في ليبيا.
ومع ذلك، فإن المفاوضات ما تزال تشهد توترات، وهناك مخاوف ألا يتم التوصل إلى تشكيل مثل هذه الحكومة قبل انتهاء المهلة المحددة، والتي توافق منتصف شهر يناير الحالي.
وقالت موغيريني إن "التنفيذ السريع للاتفاق السياسي الليبي سوف يكون مفيدا، بحيث يمكن تشكيل حكومة الوفاق الوطني في أقرب وقت ممكن, للدفاع عن جميع المواطنين الليبيين".
وأضافت "كما سوف يساعد أيضا في الحفاظ على موارد ليبيا، وهزيمة الإرهابيين الذين يريدون تقويض ازدهار ليبيا, واستعادة الاستقرار والأمن في جميع أنحاء البلاد".
وتعاني ليبيا من أزمة سياسية مع وجود برلمانين وحكومتين متناحرين يتصارعون من أجل الشرعية وسط حالة من انعدام الأمان وانتشار الفوضى عقب سنوات من الإطاحة بالزعيم السابق القذافي.