الضربات الجوية للمقاتلات الروسية على مواقع تنظيم " الدولة الاسلامية" في سوريا متواصلة في الوقت الذي تتواصل فيه الاتهامات الغربية لموسكو. وقد اشار جوزيف باحوط باحث زائر في مركز كارنيغي للشرق الأوسط بمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي في مقال نشر مؤخرا، الى أن روسيا قد تلجأ الى تنفيذ " الخطة ب" في سوريا، بديلة في حال فشل نظام بشار الاسد في استعادة الاراضي التي سيطرت عليها المعارضة واضطر للتراجع إلى جزء من الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة على طول البحر الأبيض المتوسط.
وذكر جوزيف باحوط، أن هدف الغارات الجوية الروسية في سوريا حاليا هو خلق منطقة عازلة بين الأراضي التي يسيطر عليها المعارضون في محافظة إدلب الجنوبية، والموطن التقليدي للطائفة العلوية في محافظة اللاذقية، وبالتالي تأمين مكانة حكومة بشار.
منذ حوالي 3 اشهر من التدخل العسكري الروسي في سوريا لم تتوقف امريكا ودول غربية اخرى عن اتهام روسيا حكومة وإعلاما . حيث يعتقد الغرب ان الضربات الجوية الروسية لا علاقة لها بمكافحة تنظيم" الدولة الاسلامية"، وإنما الغرض الرئيسي منها هي حماية حكومة بشار ومحاربة المعارضة الروسية.
وبالرغم من ان روسيا لا ينفي دعمه لحكومة بشار الاسد ، إلا انه يشدد على ان هدف الغارات الجوية مساعدة حكومة بشار الاسد لمكافحة تنظيم " الدولة الاسلامية"، وفي نفس الوقت تتهم الدول الغربية بقيادة امريكا برفض التبادل المعلومات، ولا ترغب في التنسيق والعمل الموحد. وأعربت روسيا عن هذا الموقف مرارا وتكرارا، على أمل تعزيز عملية الانتقال السياسي في سوريا، وحل الخلافات من خلال الوسائل السلمية.
ويعتقد بعض المحللين، أن تنظيم "الدولة الاسلامية" وبعض المعارضة السورية المسلحة في سوريا ينطبق عليها القول " انت بداخلي وانا بداخلك"، حيث تدفقت العديد من الاسلحة والمعدات على تنظيم " الدولة الاسلامية" والمنظمات المتطرفة الاخرى في عملية دعم امريكا للمعارضة السورية ضد الحكومة السورية ، الذي ساهم الى حد ما في تسريع وتيرة تنمية المنظمات المتطرفة. وحتى الأن، فإن المعارضة والمنظمات المتطرفة المسلحة السورية ليست " مختلفة تماما".
التهديدات في نظر امريكا
ذكرت بعض تحاليل وسائل الاعلام في بداية الضربات الجوية الروسية على مواقع تنظيم " الدولة الاسلامية" في سوريا، أن لدى روسيا غرضين رئيسيين هما: أولا، حماية مصالحهم الخاصة في سوريا واستقرار فضاءها في للشرق الأوسط. ثانيا، تعزيز نفوذها في الشرق الأوسط، ومنافسة امريكا في مبادرة مكافحة الإرهاب.
اليوم، وبعد ثلاث اشهر مضت ، يعتقد بعض الباحثين الغربيين أن هناك هدف اكبر من التدخل العسكري الروسي وهو " اعادة تشكيل النظام الدولي".
يعتقد مارك بايلين باحث زائر في مركز كارنيغي لأوروبا بمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، أن استيعاب شبه جزيرة القرم، دعم المقاتلين في شرق أوكرانيا، والتدخل في الوضع السوري، كلها تدخل ضمن محاولة روسيا لإعادة تشكيل نظام دولي. حيث تسعى روسيا الى اظهار للعالم قدرتها على اعادة تعريف النظام الدولي، او على الاقل قدرتها على تعطيل النظام الدولي القائم.
و بالنظر بعناية ، نرى أن امريكا تعمل على تقليص إستراتيجيتها في بعض اجزاء من العالم في السنوات الاخيرة، والتي تشمل الشرق الاوسط واوروبا. أما في داخل أمريكا، بدأ خبراء ووسائل الاعلام الامريكية تخمين وتسخين ما يسمى بالتهديدات الخارجية، وزعمت أن بعض الدول تريد اعادة تشكيل النظام الدولي القائم.
ومع ذلك، يعتقد بعد المحليين أن امريكا لا تزال القطب الأحادي في العالم، ومع بدء اتخاذ البنك الاحتياطي الفيدرالي لقرار رفع الفائدة، فمن المرجح أن تواجه بعض الدول الناشئة ضغوطات ليست صغيرة من هذه السياسيات التي تنتهجها امريكا.
وفي هذه الحالة، هناك سببان رئيسيان لتسخين ما يسمى بـ " التهديد الروسي": من ناحية، تشجيع الكونجرس الامريكي على مواصلة زيادة ميزانية الدفاع، لضمان الوجود العسكري الامريكي في جميع انحاء العالم. ومن ناحية اخرى، محاولة اقناع بعض الدول الاوروبية الحليفة لأمريكا ، بان تصبح اللعبة الرئيسية مع روسيا.