دمشق 5 يناير 2016 / أكد أنس جودي رئيس حركة البناء الوطني المعارضة في الداخل السوري يوم الثلاثاء أن التوافق الدولي حول الأزمة السورية سيصبح هشا بعد نشوب التوتر بين الدولتين الإقليميتين السعودية وإيران على خلفية إقدام الأولى على إعدام 47 شخصا من بينهم رجل دين شيعي، وقيام متظاهرين إيرانيين بالهجوم على مقر السفارة والقنصلية السعودية في مشهد بإيران، مشيرا إلى أن مؤتمر جنيف المرتقب " لن يخرج بأية حلول سياسية جدية للأزمة السورية" .
وقال رئيس حركة البناء الوطني، وهي من أحد أهم أقطاب المعارضة السورية في الداخل السوري في مقابلة مع وكالة ((شينخوا)) بدمشق وردا على سؤال حول تأثير التوتر بين الرياض وطهران على مسار انعقاد مؤتمر جنيف المرتقب، قال إن " التوافق الدولي حول الأزمة السورية سيصبح هشا بعد نشوب التوتر بين دولتين إقليميتين لهما دور بارز في ساحة الصراع في سوريا"، مؤكدا في الوقت ذاته أن هذا التوتر لن يمنع من انعقاد مؤتمر جنيف المرتقب، لكنه استدرك قائلا "الأهمية الآن ليست في الانعقاد وأنما الأهمية تكمن في الفعالية" .
وأضاف جودي أن "الأمور تتجه باتجاه انفراط عقد هذا التوافق الدولي في ظل المتغيرات الجديدة، وسيذهب كل طرف من الأطراف الموقعة على بيان فيينا لينفذ الاتفاق وفقا لمفهومه، حسب المنطقة التي يسيطر عليها" ، مبينا أن المشهد "سيعيدنا إلى مشهد جنيف 1 عندما خرج الروس والأمريكان بمفاهيم مختلفة حول الاتفاق أو البيان الذي صدر عنه" .
وكان مؤتمر جنيف الأول عقد في يوليو عام 2012، وتمخض عنه بيان سمي ببيان جنيف، ولكن تم الاختلاف فيه حول بعض النقاط منها مصير الرئيس السوري بشار الأسد آنذاك، وعقدت عدة مؤتمرات لاحقة، وكان آخرها اجتماعات فيينا التي عقدت في شهري أكتوبر ونوفمبر الماضيين وتم الاتفاق فيهما على خارطة طريق لإنهاء الصراع في سوريا عبر جدول زمني محدد.
ومن المقرر أن يعقد مؤتمر جنيف الثاني في 25 من الشهر الجاري بين وفدي المعارضة والحكومة السورية.
واعتبر القيادي المعارض أن روسيا ستطبق اتفاق فيينا الذي وافق عليه الجميع في المناطق التي تسيطر عليها السلطة ، وكذلك السعودية وغيرها يمكن أن يطبيقان شيء آخر، مبينا أنه نتيجة لهذه الخلافات الراهنة "لن يكون هناك توافق قريب في هذه الفترة حول الأزمة السورية ".
وأشار المعارض السوري إلى أن التوافق الدولي حول بيان فيينا كان حول الخطوط العريضة دون العمل على التفاصيل ، مؤكدا وجود عدة نقاط تشكل عقبات حقيقية منها مصير الرئيس، وتصنيف المجموعات الإرهابية ، وتشكيل الوفد المفاوض من المعارضة، مبينا أن هذه العقبات ستعود لتظهر على الواجهة من جديد بعد نشوب الخلاف بين طهران والرياض .
وكان المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا أعرب ، عقب لقائه في الرياض يوم الثلاثاء وزير الخارجية السعودي عادل الجبير وممثلي المعارضة السورية الموجدين في الرياض، عن عزمه العمل على ألا تؤثر التوترات الأخيرة التي طالت المنطقة سلبا علي حل الأزمة في سوريا وفقا لاتفاق فيينا أو على مسار الحل السياسي الذي تعمل الأمم المتحدة بجانب مجموعة الدعم الدولية على تحقيقه في جنيف قريبا.
وجدد الجبير التزام السعودية بدعم الشعب السوري لنيل حقوقه وحريته وجلب التغيير الذي يطمحون إليه في بلدهم ومواصلة تقديم أشكال الدعم العسكري والسياسي والاقتصادي كافة للشعب السوري .
وأشار الى أن المملكة ستواصل العمل مع المبعوث الأممي في سوريا ومع المجتمع الدولي على أمل بلوغ الحل السياسي للأزمة السورية والمبني على مبادئ إعلان جنيف1 ومحادثات فيينا ونيويورك الأخيرة .
وفيما إذا كان هناك تخوف من عدم خروج مؤتمر جنيف بنتائج مرضية بسبب هشاشة التوافق الدولي قال جودي إن "هذا المؤتمر لن يخرج بأي توافق جدي وبحلول جدية"، مؤكدا في الوقت نفسه أن قوى المعارضة السورية في الداخل تدعم أي حل سياسي يساعد في حل الأزمة السورية ولو كان هناك أمل واحد بالمئة.
وأضاف أن "الواقعية السياسية والواقع تقول أن هذه المؤتمرات لن تنتج شيئا .. هذه اللقاءات شكلية لأنها خاضعة للتغيرات الدولية "، مضيفا "إذا أردنا مسارا جديا للحل السياسي يجب علينا العمل والبدء من الداخل ويتوسع هذا الأمر ليشمل المعارضة في الخارج مع وجود عدد كبيرمن الناشطين ومؤسسات المجتمع المدني الموجودين في الداخل والخارج ويكون هناك حوار جدي حقيقي يؤسس للانطلاق والتغيير".
وتابع يقول "ليس المهم أن نقوم بعملية شكلانية سياسية، المهم أن يكون هناك تغيير جدي في بنية المجتمع السوري حتى نستطيع التغيير وإلا نحن محكومون بالتجاذبات الدولية" .
واعتبر جودي أن تشكيل وفد موحد للمعارضة السورية للمشاركة في مؤتمر جنيف القادم" لن يكون مجديا " بسبب تعدد الطروحات السياسية، مشيرا إلى أن قوى من المعارضة تتحدث عن حكومة وحدة وطنية بصلاحيات واسعة ممكن أن ينتج عنها إعلان دستوري، وهناك قوى أخرى مازالت تتحدث عن هئية حكم انتقالية تسلم السلطة للمعارضة مع رحيل السلطة الحالية.
وأضاف جودي "ندعو الى توافق سياسي على الأقل مع السلطة وبين المعارضة في الداخل ومن ثم يبدأ هذا التوافق بالتوسع ليشمل أطراف أخرى"، مشيرا إلى أن المشكلة ليست في الوفود المشكلة بل في البرامج التي توضع، داعيا إلى ضرورة وجود طاولة مستديرة متعددة الأطراف وليس طرفين .
وأعلنت المملكة العربية السعودية الأحد الماضي قطع علاقاتها الدبلوماسية مع ايران، ردا على تعرض سفارتها في طهران وقنصليتها في مشهد لهجمات واعتداءات من محتجين غاضبين.
ويعد البلدان من أبرز الأطراف المعنية بالنزاع السوري، اذ تدعم طهران نظام الرئيس السوري بشار الأسد، في حين تساند السعودية ما تصفها بالمعارضة المعتدلة المناهضة له.