غزة، رام الله 30 نوفمبر 2014 / طالبت حركتا المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي اليوم (الأحد) الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل وليس التهديد بذلك.
واتهم الناطق باسم حماس سامي أبو زهري، خلال مؤتمر صحفي عقده في مدينة غزة الأجهزة الأمنية الفلسطينية، ب"تصعيد حملة الملاحقات الأمنية" في الضفة الغربية ل"منع انتفاضة ضد الاحتلال في إطار التنسيق الأمني".
وقال أبو زهري، إن "تصعيد السلطة الممنهج ضد حماس وقوى المقاومة في الضفة لن يفلح في تحقيق أهدافه، وأن المقاومة ستستمر وستتصاعد ولن تطول فرحة الاحتلال بالأمن الذي وفرته له أجهزة أمن السلطة عبر التعاون والتنسيق الأمني".
وحذر أبو زهري، من أن "استمرار انتهاكات أجهزة أمن السلطة يزيد من التعقيدات الداخلية على الساحة الفلسطينية ويوتر العلاقات الوطنية"، مطالبا بوقف شامل وكلي للتنسيق الأمني مع إسرائيل.
وفي السياق ذاته، قال القيادي في حركة الجهاد الإسلامي يوسف الحساينة، إن التنسيق الأمني بين الأجهزة الأمنية الإسرائيلية وأجهزة السلطة الفلسطينية "أصبح يشكل خطرا حقيقيا ويضر بالوحدة الوطنية الفلسطينية".
واعتبر الحساينة، في تصريح صحفي مكتوب، أن "الاحتلال يسعى من خلال التنسيق الأمني مع أجهزة السلطة إلى قطع الطريق على أي محاولة نهوض انتفاضة فلسطينية".
وطالب قيادي الجهاد الإسلامي السلطة الفلسطينية، ب"وقف التنسيق الأمني لا التلويح بإسقاطه لأن المستفيد الوحيد منه هو الاحتلال الإسرائيلي".
وكان عباس قال في كلمته أمام مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية أمس (السبت)، إنه "في حال لم نحصل على شيء في مجلس الأمن، فسنتوجه إلى تحديد علاقاتنا مع إسرائيل من خلال وقف التنسيق الأمني، ودعوة الاحتلال إلى تحمل مسئولياته".
وفي هذا الصدد، اتهم عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة وخاصة الحكومة الحالية، بأنها "جعلت من السلطة الفلسطينية وظيفة وتنسيق أمني والاحتلال بدون كلفة".
وقال عريقات في تصريح إذاعي، "نحن لا ندعو إلى حل السلطة الفلسطينية وإنما تصويب مسارها"، مشددا على أن الالتزامات المتبادلة بين منظمة التحرير وإسرائيل يجب تنفيذها ولا يعقل أن يستمر الجانب الفلسطيني في تنفيذ التزاماته وتتنكر إسرائيل لكل التزاماتها".
ويسعى الفلسطينيون إلى طرح مشروع قرار على مجلس الأمن الدولي يطلب تحديد سقف زمني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية خلال ثلاثة أعوام وهو ما تعارضه كل من إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.
وقال مسئولون فلسطينيون سابقا، إن التوجه إلى مجلس الأمن يأتي كبديل عن استمرار تعثر مفاوضات السلام التي توقفت نهاية مارس الماضي بعد تسعة أشهر من المحادثات لم تفض إلى اتفاق.
وهذه ليست المرة الأولى التي يهدد فيها مسئولون فلسطينيون بوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل الذي يعد أبرز تفاهمات اتفاق أوسلو الذي وقعته منظمة التحرير مع إسرائيل عام 1993 وتأسست بموجبه السلطة الفلسطينية ونص في حينه على أن من واجب الفلسطينيين محاربة "الإرهاب".
وبعد فشل مفاوضات "كامب ديفيد" عام 2000 انهار التنسيق الأمني كإحدى النتائج المباشرة للمواجهة الشاملة الفلسطينية ـ الإسرائيلية التي رافقت اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية.
وتم استئناف هذا التنسيق بعد أن طرحت اللجنة الرباعية الدولية التي تضم كلا من الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وروسيا خطة "خارطة الطريق" للسلام في عام 2003 وعاد بمستويات مرتفعة ابتداء من عام 2007 حتى باتت الهجمات المسلحة الفلسطينية من الضفة الغربية تجاه أهداف إسرائيلية أمرا نادرا.
وأقرت إسرائيل في عدة مناسبات، بتحسن غير مسبوق للتنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية وقالت إنه ساهم في استتباب الأمن.
من جهته، قال اللواء عدنان الضميري الناطق باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن "إسرائيل لم تبق منذ العام 2002 شيئا من اتفاق أوسلو الذي يعد التنسيق الأمني أحد بنوده ".
وأضاف الضميري إن "التنسيق الأمني هو جزء من اتفاق سياسي وبالتالي فإن وقفه هو قرار سياسي، وإذا قرر المستوى السياسي وقف التنسيق الأمني فإن المستوى الأمني سينضبط بذلك لأنه لا ينفذ سياسة بل ينفذ سياسة ويصنع قانون ".
وأشار إلى أن تهديد الرئيس عباس يقوم على أن لدى الفلسطينيين أسلحة سياسية تعتمد على الشرعية الدولية للوقف أمام الغطرسة الإسرائيلية وإحدى هذه الأدوات هي وقف التنسيق الأمني في حال استمرار فشل المساعي السلمية لتحقيق حل الدولتين ".
وبشأن مطالبة حماس بوقف التنسيق الأمني، قال الضميري، إن حماس "ليست شريكا بالسلطة الفلسطينية حتى تطالب بوقف التنسيق الأمني وليست في مكان يجعلها تقرر سياسات السلطة وأولوياتها وعليها أولا وقف ما تجريه من تنسيق مع إسرائيل".
يأتي ذلك فيما حذر مصدر أمني إسرائيلي مسئول، من أن إقدام السلطة الفلسطينية على تنفيذ تهديدها بوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل "من شأنه أن يؤدي إلى تدهور خطير للأوضاع في الضفة الغربية".
غير أن المصدر قال وفق ما نقلت عنه الإذاعة الإسرائيلية العامة، إنه لم يطرأ حتى الآن أي تغيير على مستوى التنسيق الأمني مع الأجهزة الأمنية الفلسطينية.
وذكر المصدر ذاته، أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية اعتقلت منذ انتهاء الهجوم الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة في يوليو وأغسطس الماضيين أكثر من 200 ناشط من حركة حماس في الضفة الغربية.
ورد الضميري على ذلك، بأن "أي اعتقالات داخلية تقوم بها الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية تعتمد على المصلحة الوطنية الفلسطينية وليس له أي ارتباط في علاقات التنسيق مع إسرائيل".
وذكر أن التنسيق الأمني يشمل كافة شئون الحياة الفلسطينية من توريد بضائع وإصدار تصاريح للمرضى وتسهيل الحياة المدنية للمواطنين ولا علاقة لها باعتقالات داخلية.
وأشار الضميري إلى أن "الأوضاع الأمنية في الضفة الغربية والاستقرار والسلم الأهلي بصورة جيدة ورائعة وتتم بالتنسيق بين السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية مع قيادة فصائل العمل الوطني والجميع حريص على عدم العودة للفوضى والفلتان الأمني".
وسبق أن شكلت القيادة الفلسطينية في شهر أبريل الماضي لجنة لبحث التحلل من الالتزامات السياسية والأمنية التي فرضت بموجب اتفاق أوسلو.
وقال الضميري، إن انسداد أفق عملية السلام أثر بشكل كبير على العلاقات الثنائية في الملف الأمني، مشيرا إلى أن اللقاءات ذات الطابع الأمني بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي "لم تعد تعقد بشكل دوري".
وسبق أن رفض عباس مطالبات متكررة لفصائل فلسطينية بوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل على اعتباره "مصلحة للطرفين الإسرائيلي والفلسطيني معا".
ويعتبر المؤيدون لاستمرار التنسيق الأمني والالتزامات الفلسطينية تجاه اتفاق أوسلو، أن وقفها بشكل أحادي من الجانب الفلسطيني سيتيح لإسرائيل تحميل الفلسطينيين المسئولية عن استمرار الصراع وعدم التوصل إلى اتفاق سلام.
وإلى جانب تبادل المعلومات الخاصة بالأمن، فإن السلطة الفلسطينية تبقى بحاجة للإبقاء على اتصال مع إسرائيل بشأن تأمين الأمور الحياتية بالنظر إلى السيطرة الإسرائيلية على المعابر الفلسطينية.
ويرى رئيس مؤسسة الدراسات الديمقراطية في رام الله بالضفة الغربية جورج جقمان ل((شينخوا))، أن السلطة "غير قادرة حتى الآن على وقف التنسيق الأمني والتلويح به يندرج في إطار التهديد فقط".
ويعتبر جقمان، أن "الإقدام على وقف التنسيق الأمني يستوجب اتخاذ خطوات سابقة له كونه رأس مال السلطة الفلسطينية الوحيد تجاه إسرائيل"، مشيرا إلى أن تداعيات وقفه سيمثل مواجهة مفتوحة يبدو الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي غير معنيان بها حتى الآن".
ويرى جقمان، أن "مواصلة الانضمام الفلسطيني للمنظمات الدولية أولوية فلسطينية أكثر من مسألة وقف التنسيق الأمني، وبالتالي يجب التدرج بالخيارات الفلسطينية في مواجهة الفراغ السياسي الحاصل".
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn