غزة 26 نوفمبر 2014 / يقول مراقبون فلسطينيون إن الأوضاع في قطاع غزة "أصبحت من سيء إلى أسوأ" بعد مرور ثلاثة شهور على إعلان اتفاق وقف إطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل عقب المواجهة الأخيرة.
وتوسطت مصر في إعلان اتفاق التهدئة الأخير في 26 أغسطس الماضي لإنهاء هجوم إسرائيلي على قطاع غزة استمر 50 يوما وخلف مقتل أكثر من ألفين و140 فلسطيني مقابل مقتل 71 إسرائيليا.
ونص الاتفاق على وقف الهجمات المتبادلة مع رفع حصار إسرائيل قطاع غزة المتواصل منذ ثمانية أعوام بما في ذلك السماح بإعادة إعمار القطاع.
وتعهدت الدول المانحة بجمع مبلغ 5.4 مليار دولار للفلسطينيين على أن يخصص نصفه لصالح إعادة إعمار قطاع غزة وذلك خلال مؤتمر دولي عقد في القاهرة في 12 من الشهر الماضي.
لكن عمليا لم يتم حتى الآن المباشرة بإعادة الإعمار وما سمحت إسرائيل بتوريده من مواد البناء اللازمة لذلك كميات مقلصة للغاية عدا عن انتقادات فلسطينية لآلية الأمم المتحدة الخاصة بالإعمار.
وتقول حكومة الوفاق الفلسطينية، إنها لم تتلق حتى الآن أي مبالغ من التعهدات المالية الدولية الخاصة بإعمار غزة وهو ما يزيد من محنة آلاف الفلسطينيين ممن دمرت منازلهم أو تضررت خلال جولة العنف الأخيرة.
وكان يؤمل عقب إعلان اتفاق وقف إطلاق النار في غزة أن يضع حدا لشدة الحصار الإسرائيلي المفروض عليها خصوصا ما يتعلق بفتح المعابر وإدخال تسهيلات على سير الاستيراد والتصدير.
غير أن مسئولين فلسطينيين يقولون، إن قيود إسرائيل مستمرة، والمعبرين اللذين يربطاها مع قطاع غزة لم يشهدا سوى تسهيلات مقلصة وكآلية تجريبية لم يتم تحديد دخولها حيز التنفيذ رسميا حتى الآن.
كما أن معبر رفح مع مصر الذي يعد المنفذ البري الوحيد لقطاع غزة على العالم الخارجي مغلق منذ أربعة أسابيع على خلفية التوتر في شبه جزيرة سيناء المصرية وهو ما يزيد من مصاعب سكان قطاع غزة.
وأغلقت مصر معبر رفح البري مع قطاع غزة في 25 أكتوبر الماضي إثر إعلانها حالة الطوارئ في شبه جزيرة سيناء بعد مقتل 30 جنديا مصريا في هجوم انتحاري، فيما أعلنت هيئة الحدود والمعابر في وزارة الداخلية الفلسطينية في غزة أن مصر ستفتح معبر رفح ظهر اليوم (الأربعاء) وغدا الخميس في اتجاه واحد لدخول العالقين إلى القطاع.
وقال الكاتب والمحلل السياسي من غزة طلال عوكل لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن الوضع في قطاع غزة بعد ثلاثة شهور من إعلان اتفاق التهدئة "مأساوي بكل ما للكلمة من معنى".
وأشار عوكل، إلى أن المواجهة الأخيرة مع إسرائيل في غزة "خلفت كلفة بشرية غير مسبوقة ودمارا كبيرا دون أن ينتج عنها رفع للحصار أو إعادة إعمار وبالتالي فإن النتيجة ما تزال صفر".
وأضاف "عمليا الوضع انتقل من سيء إلى أسوأ في ظل خروقات مستمرة من إسرائيل سواء ميدانيا في قطاع غزة، أو فيما يتعلق بعدم تنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار وتعطيل رفع الحصار وإعادة الإعمار".
ورأى عوكل، أن معطيات الوضع في غزة "تظهر أن اتفاق التهدئة هش وعدم استكمال المفاوضات الخاصة ببنوده يهدد استمراره ما يعني أن تفجر الموقف يبقى أمرا واردا في كل وقت مع تصاعد التوتر في الضفة الغربية والقدس".
وكان الهجوم الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة هو الثالث من سيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على الأوضاع في القطاع بالقوة منتصف عام 2007 بعد جولات اقتتال مع القوات الموالية للسلطة الفلسطينية.
غير أن الهجوم الأخير وصف بالأعنف خصوصا لجهة الدمار الهائل الذي خلفه في البني التحتية لقطاع غزة إلى جانب تدمير أكثر من 18 ألف وحدة سكنية بشكل كلي، وأكثر من 30 ألف بشكل جزئي.
وتوسطت الأمم المتحدة قبل شهرين باتفاق بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل بغرض الإشراف على إعادة إعمار غير أن بعض الفلسطينيين في غزة اشتكوا من تضمن الآلية الأممية قيودا مشددة بشأن الرقابة على توريد مواد البناء.
وباتت مظاهرات من دمرت منازلهم في الهجوم الإسرائيلي الأخير شبه يومية في قطاع غزة للاحتجاج على ما يوصف بالمماطلة الإسرائيلية إزاء توريد مواد البناء اللازمة لعمليات الإعمار.
وتقول إسرائيل إنها ستسمح بتوريد مواد بناء إلى غزة لإعمار المنازل المدمرة لكنها تشترط ضمانات بشأن عدم استخدامها من قبل حماس والجماعات المسلحة في حفر أنفاق أرضية تؤدي إلى أراضيها.
وما يزيد من غموض الموقف في غزة إرجاء المفاوضات النهائية غير المباشرة لاتفاق وقف إطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل والتي كانت مقررة نهاية الشهر الماضي وذلك بسبب التطورات الأمنية في شبه جزيرة سيناء.
ولم يتم تحديد موعد جديد لاستئناف المفاوضات غير المباشرة حتى الآن.
ويشتكى الفلسطينيون في غزة أن اتفاق وقف إطلاق النار لا يزال حبرا على ورق ولم يتم تطبيق أي من بنوده باستثناء وقف التوتر الأمني، وبالتالي فإنه يبدو معلقا بسبب انشغال مصر بوضعها الداخلي و"تلكؤ" إسرائيل برفع الحصار.
وهددت حركة حماس وجناحها العسكري كتائب القسام في عدة مناسبات مؤخرا من أن استمرار تعطيل إعمار قطاع غزة سيكون سببا في تفجر الموقف مع إسرائيل.
وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة (الأمة) في غزة عدنان أبو عامر لـ((شينخوا))، إن الوضع في غزة ما بعد المواجهة الأخيرة مع إسرائيل "أضر بحماس التي تجد أن ما قدم من تضحيات بشرية وخسائر مادية في القطاع لم يحقق نتائج كانت تسعى إليها".
وأشار أبو عامر، إلى أن حماس "أمام خيارات صعبة غير أن ما تصدره من تهديدات بتفجر الموقف في غزة هي للضغط على صناع القرار في إسرائيل وتنبيه المجتمع الدولي بخطورة تداعيات استمرار الحصار".
وبحسب أبو عامر، فإنه من المستبعد على المدى القريب اندلاع مواجهة جديدة "في ظل عدم قدرة الوضع الداخلي الفلسطيني على تحمل مواجهة جديدة، وأن الأطراف الدولية والإقليمية منشغلة عن الملف الفلسطيني حاليا".
وتوقع أبو عامر "استمرار حالة المراوحة بين تعطيل استحقاقات اتفاق وقف إطلاق النار وبين التهديد المتكرر باندلاع مواجهة جديدة ما تزال مستبعدة في ضوء كلفتها البشرية الكبيرة والخسائر الهائلة للفلسطينيين".
لكن أبو عامر رجح أن تقدم إسرائيل على حلحلة جزئية فيما يخص تشديد الحصار على غزة والسماح بتسهيلات لإعادة إعمار القطاع مع الحرص أن لا يظهر ذلك كأحد إنجازات حماس عقب المواجهة الأخيرة.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn