دائما ماكانت أيام أمريكا في الشرق الأوسط صعبة، والآن أصبحت أصعب، وتواجه المزيد من القضايا الشائكة. وهذا يعكس بوضوح، تراجع قدراتها على التحكم في شؤون المنطقة. ويعتقد كاتب هذا المقال، بأن أمريكا تواجه 5 مصاعب كبرى في منطقة الشرق الأوسط.
أولا، تسوية العلاقة بين التحول الإستراتيجي نحو الشرق والمحافظة على هيمنتها في منطقة الشرق الأوسط. ساهم الوضع المضطرب في الشرق الأوسط، في تعطيل خطى التعديل الإستراتيجي الأمريكي في منطقة آسيا الباسيفيك، حيث وجدت أمريكا نفسها مجبرة على القيام بجهد كبير لمعالجة النقاط الساخنة في المنطقة. وإلا فإن هذه القضايا قد تحلق أضرارا كبيرة بالمصالح الرئيسية لأمريكا في الشرق الأوسط.
ثانيا، دخول أمريكا في مستنقع بسبب الأزمة السورية. فمن جهة، بينما تضرب أمريكا قاعدة "داعش" في سوريا، "جبهة النصرة" و"خرسان" وغيرها من المنظمات المتطرفة، تساعد الحكومة السورية على مقاومة الإرهاب، وبذلك فقد أصبحت في تناغم مع الحكومة السورية. وهو ما أثار عدم رضا المعارضة السورية، حيث تشعر بقلق من أن إدراج أمريكا ضرب "داعش" على رأس أولوياتها، ما يعني تراجعها عن إسقاط نظام بشار الأسد.
من جهة ثانية، أكدت أمريكا بوضوح إصرارها على إسقاط نظام بشار. وأعدت لهذا الخيار مخطط بديل، وهو تدريب المعارضة السورية المعتدلة وتزويدها بالسلاح. لكنها تخشى في ذات الوقت إنتقال السلاح إلى أيدي المتطرفين، وهو ماقد يجعل الوضع في سوريا أكثر كارثية.
ثالثا، السعي إلى "القضاء على الداعش" دون إرسال قواة برية. لم تكن نتائج الهجمات الجوية التي يشنها التحالف الدولي الذي شكلته أمريكا ضد داعش ذو فاعلية عالية. ويرى المحللون أنه من الصعب القضاء على داعش دون إرسال قواة برية، والإكتفاء بالإعتماد على الجيش العراقي والقوات الكردية والمعارضة السورية المسلحة. في ذات الوقت، تختلف النوايا والمخططات داخل التحالف الدولي المذكور. حيث تخشى العديد من الأعضاء ان تعلق فيها النيران التي تحركها، وتعرضها لهجمات التنظيم المتطرف داعش.
رابعا، إذا انسحبت أمريكا من أفغانستان، فإن طالبان ستعود مجددا، ومن ثم يصبح من الصعب توقع الوضع في أفغانستان.
خامسا، أعربت إسرائيل والسعودية وغيرها من دول الشرق الأوسط، عن عدم رضاها على الموقف الأمريكي، وهذا يمثل مصدر خشية بالنسبة لأمريكا.
كل هذه الصعوبات، خلفتها السياسات الأمريكية الخاطئة في الشرق الأوسط، والآن تأكل أمريكا ثمارها المرة التي زرعتها. يبقى الشرق الأوسط منطقة ذات تاريخ وتقاليد خاصة. ومن الصعب على أي دولة كبرى في العالم أن تسيطر عليه. وستؤدي رغبة أمريكا في تغيير الشرق الأوسط وفقا لرؤيتها إلى مزيد من الفوضى في المنطقة. وفقط عند توقف أمريكا عن التدخل في شؤون المنطقة، وتمكين الشعوب من تقرير مصيرها بنفسها، يمكن للمنطقة أن تشهد منعرجا حاسما وتدخل مسيرة التنمية.
(ليو باو لاي، نائب الرئيس السابق للجمعية الدبلوماسية الشعبية الصينية)
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn