منذ أن بدأ سلاح الجو الاسرائيلي عملية "الجرف الصامد" العسكرية ضد قطاع غزة يوم 8 يوليو الجاري تم شن غارات جوية متعددة على غزة، أدى الى سقوط مئات من القتلى والجرحى الفلسطينين. وقد أظهرت الجولة الجديدة من المواجهات بين الفلسطينين والاسرائيليين المشاركة الامريكية المحدودة في الصراع.
تعتبر هذه هي المرة الاولى التي لم يتصل بها اوباما بنتنياهو فور بدأ الحرب لمناقشة تجدد القتال بين فلسطين واسرائيل، مما جعل العالم يرى مدى اهتمام امريكا بشؤونها الداخلية والحزب الديمقراطي بالانتخابات. وقد اكتفى وزير الخارجية الامريكي جون كيري باتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والتواصل مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لمناقشة احتمالات وقف اطلاق النار. وفي نفس الوقت، أعلن البيت الابيض عن أن امريكا " لا تعتزم ارسال" جون كيري لمفاوضات وقف اطلاق النار.
وأشار المحللون الى أن هناك اسباب داخلية واخرى دولية خلفالمشاركة الامريكية المحدودة في حل الصراع بين الفلسطينين والاسرائيليين:ـ
أولا، تسلط امريكا باعتبارها الدولة العظمى في العالم الضوء على "التمسك باستراتيجيتها"، وتنفيذ ادارة اوباما استراتيجية إعادة التوازن الأمريكية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ بحزم. كما أعلن اوباما عن أن امريكا لن تتدخل عسكريا في الازمة الاوكرانية مشددا على أن يكون حل مأزق دمج شبه جزيرة القرم في مارس من هذا العام رسميا الى الاتحاد الروسي دبلوماسيا.وبالنسبة للقضية الافغانية، أقر الرئيس أوباما في حديقة البيت الأبيض في أواخر مايو:" افغانستان لن تكون مكانا مثاليا، ولا يعود الى الولايات المتحدة ان تجعلها على هذا النحو". مما يوضح تماما عقلية الخروج الامريكية. كما تشهد العراق تدهورا حادا في الوضع الامني منذ اوائل يونيو هذا العام. وقد ارسل اوباما اقل من ألف جندي امريكي فقط ليست من أجل القتال المسلح مع الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام، وإنما بهدف الدفاع عن المؤسسات الامريكية وسلامة موظفيها في العراق.ويوضح المشاركة الامريكية المحدودة في حل الصراع بين الفلسطينين والاسرائيليين استمرار تحول التركيز الامريكي الخارجي.
ثانيا، تجنب الولايات المتحدة "البروز" في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، ويثبت مرة الاخرى بأنها تدرك أن قوتها باتت محدودة. وقد أوضح اوباما أن امريكا من المستحيل أن تمنع كل الصراعات وتغيير كل " انظمة الشر" في العالم. وعلى هذا الاساس، تعمل الولايات المتحدة الامركية اليوم بجد تحت مظلة " ذكية": بطريقة" التهديد"، جعلت بشار الاسد يسلم الاسلحة الكيميائية والبيولوجية السورية. والتكامل الاوروبي، بوسائل اقتصادية اجبرت روسيا على التراجع عن شجعها في اوكرانيا. التفاهم الضمني مع ايران، لاحتواء محاولات الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام الاطاحة بالحكومة العراقية الحالية. وباتواضحا لاوباما أن كل الجهود المبذولة دون جدوى.ناهيك عن عدم قبولها نتنياهو، وعدمانصياع حكومة عباس وراء امريكا حتى لو قبلت مساعداتها. ما جعل امريكا تفضل اختيار" الدبلوماسية الذكية" للحصول على نتائج مرضية بتكلفة قليلة.
ثالثا،يعود تراجع الاهتمام الامريكي بالشرق الاوسط والصراع الفلسطيني الاسرئيلي الى تحقيق اكتفائها الذاتي من الطاقة. إذ أن السبب الرئيسي وراء اهتمام أمريكا بمنطقة الشرق الاوسط بعد " الحرب العالمية الثانية" ،ومواصلة دفع محادثات السلام الفلسطينية الاسرائيلية هو الحاجة الى النفط. حيث كانت أمريكا في السابق تعتمد بشكل كبير على النفط في الشرق الاوسط، لكن مع نمو انتاجها المحلي من النفط، حدث انقلاب في واردات النفط المكرر الطويلة الاجل عام 2011، وتشهد صادرات النفط المكرر توسع مستمر.وقد بلغ صافي الصادرات الامريكية من النفط المكرر 54 مليون طن في عام 2013 . وهكذا، فإنه ليس من الصعب فهم اسباب تراجع التدخل الامريكي في دول الشرق الاوسط ومشاركتها المحدودة في الصراع الاسرائيلي الفلسطيني .
تختلف الاراء والتحاليل بشأن المشاركة الامريكية المحدودة في حل الصراع بين الفلسطينين والاسرائيليين. ومع ذلك، ما يثير الاستغراب هوعدم صدور أى رد فعل سواء من جانب انصار أو خصوم أوباما. واشارت وسائل الاعلام الى أن التدخل الامريكي الخجول في انهاء الصراع الفلسطيني الاسرائيلي الحالي يثبت تراجع مكانة أمريكا الاستراتيجية في الشرق الاوسط، ومن جهة اخرى، يبين تراجع القوة الامريكية وعدم قدرتها على التدخل في الشؤون العالمية من أي وقت مضى.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn