أقدم أوباما على تقويض العهد الذي قطعه في حكمه، والذي وعد فيه بفتح "صفحة جديدة" مع العالم الإسلامي، والعودة إلى شن حرب جديدة، ومن ثم تحويل حرب العراق من حرب بوش إلى حرب أوباما.
وتتمثل الإستراتيجية الجديدة لأوباما في تشكيل "تحالف دولي" واسع من خلال توسيع نطاق الضربات الجوية، وحشب المزيد من القوى الإقليمية والدولية، للمشاركة في الحرب على داعش، إلى جانب تسليح وتدريب الجيش العراقي والقواة الكردية المسلحة، والمعارضة السورية المعتدلة، بهدف القضاء نهائيا على داعش، في حين لن تقوم أمريكا بإرسال قواة برية لمحاربة الإرهابي. وبالنظر من الزاوية الأمريكية، ستدير أمريكا هذه الحرب من وراء الستار وبتدخل محدود. لكن مع ذلك، تبقى هناك العديد من المتاعب التي تواجه الإستراتيجية الأمريكية الجديدة.
أولا، تأمل أمريكا في هزيمة داعش إعتمادا على الجيش العراقي والقوات الكردية. فمن حرب فيتنام، إلى حرب العراق، إلى حرب أفغانستان، تكبدت أمريكا خسائر بشرية ومادية فادحة قبل الإنسحاب، وقامت بتدريب وتسليح قوات عسكرية محلية، لحماية الإستقرار السياسي بعد الإنسحاب الأمريكي، لكن النتيجة لم تكن كما تحب أمريكا وتشتهي. فهل يمكن الإعتماد على الجيش العراقي؟ النظر إلى إنسحاب الجيش العراقي أمام هجمات داعش فقط، يعزز الشكوك حول هذه المسألة. أما الأهم من ذلك، فهو الخلاف الكبير بين الجيش العراقي والقوات الكردية، ورغم وجود مصلحة مشتركة بينهما في ضرب داعش، لكن هناك إختلاف كبير على مستوى التطلعات المستقبلية، حيث أن القوات الكردية تسعى إلى تمتلك المزيد من القوة من خلال حربها على داعش، وتطوير قدراتها الذاتية ومن ثم السعي إلى تحقيق الإستقلال.
ثانيا، رغم المواقف الإيجابية التي تبديها الدول الحليفة لأمريكا، إلا أن سلوكها يتصف بالحذر الشديد. فقد أعلنت أمريكا عن إستعداد 10 دول تابعة للناتو للمشاركة في الحرب على داعش، وتشكيل المحور الرئيسي للتحال. لكن، إلى حد الآن، لم تعرب أي دولة عن عزمها المشاركة بشكل مباشر في ضرب داعش. وتعد أستراليا الأكثر تحمسا، حيث بادرت إلى إرسال أكثر من 600 جندي و8 مقاتلات إلى الإمارات العربية المتحدة، لكن مهمتها الرئيسية ستتمثل في "المساهمة في الجهود الدولية لتفادي تفاقم الأزمة الإنسانية". أما تركيا وفرنسا فأشارتا إلى مشاركتهما في الأعمال الإستخباراتية. أما بريطاينا وغيرها من الدول، فلم تبدى تحركا فعليا، ما عدى الدعم الكلامي.
من جهة أخرى، أبدت الدول العربية مواقفة باهتة. ورغم الجولة التي قام بها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في المنطقة وشملت السعودية ومصر وغيرها من الدول، بهدف إقناع الدول العربية في المشاركة في التحالف، ورغم أن السعودية و10 دول عربية أخرى أعربت عن نيتها الإتحاد في مواجهة الإرهاب، لكن إلى حد إلى الآن لم تتخذ أي دولة إجراءات فعلية للمشاركة في التحرك الأمريكي، بإستثناء تصريح السعودية عن تقديمها التدريب والدعم للمعارضة السورية المعتدلة. ويعود برود الموقف العربي إلى 3 أسباب: أولا، الصراع الطائفي؛ فالدول العشر المذكورة جميعها دول سنية، على نفس المذهب مع داعش، ومن الطبيعي ألا تأمل في إضاف قوة داعش، بما يتيح صعود النفوذ الشيعي في العراق. ثانيا، منذ إندلاع الربيع العربي، ظلت أمريكا تمارس سياسات متقلبة في المنطقة، ما أثر على سمعتها بين دول المنطقة، وجعل هذه الدول تتعرف قصر نظر وإنتهازية السياسات الأمريكية. ثالثا، لم تبالي أمريكا بمقتل آلاف العرب، وأقدمت على إطلاق حربها على داعش بذريعة مقتل بعض المواطنين الغربيين.
أخيرا، أثبتت الإستراتيجية الأمريكية صدق حديث بشار عن "صراع سوريا مع الإرهاب". وفي الحقيقة، يوجد في الوقت الحالي، عدو مشترك بين أمريكا وسوريا. فمن جهة، ستقوم أمريكا بتفجير إرهابيي داعش داخل الأراضي السورية، ومن جهة ثانية ستقدم دعم مالي وعسكري كبير للجيش الحر، للإطاحة بنظام بشار. وهذا التناقض في المواقف الأمريكية يصعب من تحقيق الأهداف المرجوة.
بإختصار، إن آفاق حرب أوباما في العراق ليست مشرقة. فالإستراتيجية الأمريكية منفصلة عن واقع الشرق الأوسط، وأماما صعوبات في تحقيق مهامها الرئيسية، كما لا يمكن الحديث عن نصر كبير. وكما قال أوباما، هذه الحرب ستكون حرب طويلة المدى، ولن تنتهي في حقبة حكمه، وفي النهاية قد تقضي على عدو وتربي آخر. الجدير بالذكر، أن أوباما صعد إلى الحكم من خلال إنتقاد حرب بوش على العراق، لكنه ينهي حقبة حكمه بحرب أخرى على العراق.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn