هز خبر استلاء جماعات إسلامية مسلحة على معظم اجزاء مدينة الموصل ثاني اكبر مدينة في العراق يوم 10 يونيو الجاري جميع الدول الغربية. كما أصبحت الهجمات التي نفذتها حركة طالبان باكستان على مطار كراتشي اكبر مطار في باكستان تعكس الوضع التاريخي الذي تمر به منطقة الشرق الاوسط. وإن انسحاب القوات الامريكية من العراق وقرارها الانسحاب من افغانستان السبب الرئيسي وراء تكثيف هجمات مختلف القوى المتمردة في العالم الاسلامي.
انسحاب امريكا من الحرب ضد الارهاب في الشرق الاوسط يدخل المنطقة في نفق مجهول. فبالرغم من أن امريكا حققت مكاسب عديدة من هذه الحرب، إلا أنها لم تستطع تجنب المخاطر أيضا. كما كشفت الاحداث في الشرق الاوسط ضعف القدرات الامريكية بعد بوش ورامسفيلد، ولم يبقى امام المسؤولين الامريكين خلفهم إلا الانسحاب.
لقد دمرت الحرب ضد الارهاب و" الثورة الديمقراطية" سلطة الدولة المعادية للأمريكا في العالم الاسلامي، وبالتالي ضعف التهديدات الارهابية الموجهة ضد امريكا والعالم الغربي. كما أدى استيقاض التناقضات الدينية والعلمانية في العالم الإسلامي خلال السنوات العشرة الاخيرة الى انتشار الهجمات الارهابية مثل السرطان في الشرق الاوسط، في حين تميز الغرب بالأمن نسبيا.
العراق وأفغانستان مثالان واضحان. حيث استطاعت أنظمة الدولتين المحافظة على العلاقات الودية مع واشنطن والدول الغربية الاخرى، بينما فشلت في السيطرة على البلاد. وبالرغم من أن الجماعات المسلحة قوة جدا في كلا البلدين ، لكن طالما أن الغرب يدعم تلك الانظمة فإنه من الصعب على المتمردين السيطرة عليها. لكن هذا يجلب المعاناة لعدد كبير من الشعب، ويجعل الدولة غير مثالية وإنما مقبولة بالنسبة للغرب.
من الواضح أن تنفيذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر كان بحاجة الى قوة كبيرة يمكنها نسج مثل هذه المؤامرة في بيئة مستقرة وهادئة نسبيا. وفي ظل تخريب الانظمة في كلا من افغانستان والعراق، فإن مثل تلك العوامل قد سحقت تماما.
شهدت امريكا زيادة في انتاج النفط والغاز الطبيعي وتطوير الغاز الصخري، وسجل تراجعا تاريخيا على اهمية الشرق الاوسط في استراتيجية النفط الامريكية. الأمر الذي يؤدي الى منح أمريكا الإمكانية للانسحاب من الحرب ضد الارهاب، كما اصبحت مسترخية اتجاه الحفاظ على الاستقرار في الشرق الاوسط والذي كلفها كثيرا من المصالح و السلطة.
يمر النظام الجيوسياسي العالمي المبني على أساس نفط الشرق الأوسط في الوقت الراهن بتغيير تجربي من قبل اللاعبين الرئيسيين. وفي ظل زيادة انتشار الفوضى في الشرق الاوسط، فإن تركيز امريكا ودول غربية اخرى على المحافظة على أمنها الخاص قد يجعل الدول الناشئة المعتمدة على نفط الشرق الاوسط من ضحايا قوى التطرف الاسلامي.
لقد باتت الهياكل والأنظمة التي تدخلت امريكا بقوة لكسرها في الشرق الاوسط خلال السنوات عشر الماضية اعمدة توازن هشة.وعليه، فإن امريكا سوف تحاول بقدر الامكان نقل استراتيجيتها نحو الصين او غيرها من المنافسين المحتملين.
ينبغي أن لا تتم عملية الانسحاب الامريكي من الشرق الاوسط بسلاسة، ليس فقط من اجل الحد من تحولها نحو آسيا والمحيط الهادئ وإنما حتى لا تتراجع عن تحمل مسؤوليتها اتجاه الشرق الاوسط. و امريكا استفادت كثيرا من الشرق الاوسط، وانسحابها من الشرق الاوسط في هذه الاوقات الصعبة غير مقبول اخلاقيا.
كما أن امريكا بحاجة الى مواصلة مساهمتها في الحفاظ على الاستقرار في الشرق الاوسط من اجل مصالحها على المدى الطويل.وعلى العموم، فإن العالم يصغر يوما بعد يوم ولا مفر لامريكا والغرب من عقدة كراهية المتطرفين لها في الشرق الاوسط.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn