غزة 13 أغسطس 2014 / يرسم إشارات في الهواء يحرك يديه بعصبية واضحة وتصرخ شفتاه همسا بسؤال يكرره كل خمس دقائق أو أقل "لماذا لا أرى... أين والدي؟".
ولا يفهم ماذا يريد الطفل محمد بدران (8 سنوات) سوى والدته التي تحاول جاهدة التهدئة من روعه دون أن تتمكن من الإجابة على سؤاله بعد أن أصيب بشظايا جراء قصف منزلهم في مخيم النصيرات للاجئين الفلسطينيين خلال الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة.
ومحمد ليس وحده من أصيب في القصف الإسرائيلي على منزلهم فقد كان يرقد في مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة إلى جانب إخوته الثلاثة الذين أصيبوا إصابات بالغة، فيما أصيب ثلاثة آخرون من الأخوة بجروح أقل خطورة.
وتقول أم محمد لوكالة أنباء ((شينخوا)) "أصيب أطفالنا في الاستهداف الإسرائيلي للمنزل ولم أصب أنا ونضال زوجي لكن أرواحنا سلبت منا جراء ما حل بهم".
وتضيف أم محمد التي تحاول أن تبدو متماسكة بيد أن دموعها تنساب من عينيها رغما عنها "بعد أيام من قصف المنزل قتل زوجي نضال عندما قصف الطيران الحربي الإسرائيلي مسجد (القسام) في النصيرات وأصبح أثرا بعد عين".
وتتابع "أصبح الحمل ثقيلا بعد قتل زوجي، محمد لا يرى بعينيه وصوته لا يكاد يخرج، وأخته أصيبت بشظايا في الرقبة وأخوته أيضا إصاباتهم صعبة أحدهم لازالت الشظايا برأسه، لا أعرف ماذا فعل هؤلاء الأطفال لإسرائيل لتعاملهم بهذه القسوة (...) إنها إبادة جماعية لأطفال الشعب الفلسطيني".
كان نضال قبل أن يقتل يحاول جاهدا للحصول على تحويلة لمحمد للعلاج بالخارج بعد أن فقد إحدى عينيه كليا، فيما الأخرى دخلت بها شظايا كان يأمل أن يستطيع نجله أن يرى بها ثانية لكن الموت كان أسرع من حصوله عليها"، حسب ما تقول السيدة.
ومازال محمد لا يعلم أن القصف الإسرائيلي انتزع منه والده بعد أن انتزع نور عينيه فهو لا يكاد يتوقف عن السؤال عنه ولو بحركة شفاهه التي لا يفهمها سوى والدته.
وتشير أم محمد إلى أنه "كان متفوقا في المدرسة، وحصل هذا العام على أعلى معدل في فصله ".
تسكت أم محمد برهة وتنهمر الدموع من عينيها، قائلة " لم يرتد ملابس العيد التي اشتراها له والده رغم الوضع السيء الذي نعيشه في ظل العدوان الإسرائيلي علينا، حرمته الصواريخ من ملابس العيد كما حرمته من والده".
ويصف وكيل وزارة الصحة الفلسطينية في غزة يوسف أبو الريش حالة محمد بدران الصحية بأنها صعبة للغاية، مشيرا إلى أنه فقد عينه اليمنى بشكل كامل، ولا تزال الشظايا في عينه اليسرى، بينما يتنفس من خلال أنبوب وضع له عن طريق الرقبة وآخر للتنفس في الصدر".
ويضيف أبو الريش أن الشظايا مزقت جزء كبيرا من وجه محمد ورأسه ورقبته، كما وأنه ينطق بصعوبة شديدة مما يمنعه من التواصل مع أحد سوى والدته.
ام محمد التي عادت للتو من معبر بين حانون/ إيريز بعد أن ودعت طفلها الذي حصل على تحويلة علاج بالخارج ، إضافة إلى أطفالها الثلاثة الآخرين الذين سيتلقون العلاج في مشافي مدينة القدس برفقة عمتهم تقول "حرموني من الذهاب معهم ألا يكفي ما حل بهم (...) لماذا يتعاملون معنا بهذه القسوة؟".
ولا يسمح سن أم محمد (39 عاما) لها بالدخول إلى الأراضي الإسرائيلية لمرافقة أطفالها.
وتقول إسراء بدران خالة محمد ل(شينخوا) بينما كانت ترافق والدته التي لم تعد تقوى على الكلام "لا أحد يفهم على محمد غير أمه، رفض الأمن الإسرائيلي على معبر إيرز إدخالها لأن عمرها أقل من أربعين عاما".
وتضيف الخالة بغضب " كيف يحرمون الأم من طفلها، عام واحد فرق بينها وبين طفلها"، مشيرة إلى أن إصابة محمد الخطرة قد تدفعهم لتحويله إلى أسبانيا وسيكون وحده لأن عمته ستبقى مع إخوته الثلاثة كمرافق لهم في القدس".
ويأمل كمال بدران أن يساهم سفر محمد بإرجاع البصر له ولو بعين واحدة، مشيرا إلى أن منع أمه من السفر معه قد يؤخر في شفائه لأنه خلال تواجده في مجمع الشفاء الطبي لم يكن يشعر بالأمان إلا عندما تتحدث إليه ولا يستطيع أحد فهم ما يريد سواها فكيف يحرموه منها بعد أن حرموه من والده.
ولا يزال هنالك أكثر من ثلاثة آلاف طفل فلسطيني يخضعون للعلاج في مشافي غزة والكثير منهم ينتظر تحويلات للعلاج في الخارج.
وقتل خلال عملية (الجرف الصامد) التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة في السابع من الشهر الماضي ردا على إطلاق صواريخ من القطاع تجاه أراضيها، بحسب إحصائيات رسمية فلسطينية، 469 طفلا وجرح 3048 طفلا.
ووصل العدد الإجمالي للقتلى الفلسطينيين منذ بدء العملية الإسرائيلية 1951 بينهم 243 من النساء و88 من المسنين، فيما وصل العدد الإجمالي للجرحى 10193 بينهم 1970 من النساء، و368 من المسنين.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn