بقلم د. لينغ شنغلي، باحث في مركز أبحاث العلاقات الدولية بمعهد الدبلوماسية
قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما في تصريح لصحية "نيويورك تايمز" مؤخرا، أن الصين تعد منتفعا مجانيا من قضية العراق، وأضاف أن الصين إنتفعت مجانيا لمدة 30 سنة. وهذه المرة الثانية التي يتحدث فيها أوباما عن المسؤلية الصينية خلال قرابة أسبوع واحد. وهو ما يثير الإهتمام حول التفكير في أسباب حديث أمريكا عن المسؤولية الدولية للصين، فكيف يجب أن تتحمل الصين التي تتبنى تنمية سلمية مسؤوليتها الدولية، وكيف يمكن أن تنسق الصين وأمريكا على مستوى المسؤوليات الدولية المشتركة.
حديث أمريكا عن المسؤولية الدولية للصين يحتوي على شبهة رمي المسؤولية. بعد نهاية الحرب الباردة، أصبحت أمريكا القوة العظمى الوحيدة في العالم، وطرحت نفسها كقائد للعالم، يسيطر على الشؤون الدولية، ويتدخل في السياسة الداخلية للدول الأخرى بشكل مكثف، وهو ماجعل مسؤلياتها الدولية تتعاظم بإستمرار. لكن، مع تراجع القوة الأمريكية، أصبحت أمريكا تواجه فشلا مستمرا في التعامل مع الشؤون الدولية. ومع تزايد القوة الصينية، تزايدت التناقضات بين الصين الدولة الصاعدة وأمريكا الدولة المهيمنة، وأصبحت أمريكا ممزقة في موقفها من الصين بين ألم العجز وألم عدم القدرة عن التجاهل. لذلك فإن رمي المسؤولية إلى الصين، يمكن أن يساهم في إستنزاف الصين، وتعطيل التنمية الصينية.
وقد ظلت أمريكا خلال الاعوام الأخيرة تتحدث بشكل متكرر عن المسؤولية الصينية. والمنطق الذي يختفي وراء هذه الطرح، هو أن الصين تستفيد من النظام الدولي الذي تقوده أمريكا في زيادة قوتها، ولذلك على الصين التي تزداد قوة بإستمرار أن تعطي المقابل، وتصبح المصلح الثاني للإدارة الإقتصادية الدولية والحامي الثاني للنظام الدولي إلى جانب أمريكا، أو حتى مساعدة أمريكا على معاجلة بعض المناطق الساخنة. بما يشبه أحداث الفيلم الأمريكي "ترانسفورمر 4"، حيث تقوم أمريكا بزرع الفوضى في العالم، ثم تطلب المساعدة من الصين لترتيب الوضع.
من جانبها، إن الصين ليست غير راغبة في تحمل المسؤوليات الدولية، لكنها تصر على أن تتحمل ما تقدر من مسؤوليات. فالصين تربطها علاقات وثيقة مع العالم، ودفعها النظام العالمي إلى إتجاه أكثر عدلا وإنصافا، هي مسؤولية لا يمكن أن تتنصل منها. وإن " فضيلة الفقير في كف يده عن الناس وفضيلة الغني في بسطها للناس " هي احد أهم الحكم الكونفوشيوسية.
تحمل الصين لمسؤوليتها الدولية يجب أن يراعي 3 أهداف أساسية:
أولا، بجب أن يكون في صالح دعم السلام والإستقرار في العالم. وفي هذا المجال ستعمل الصين على المشاركة بإيجابية في معالجة القضايا الإقليمية والدولية، وتفعيل دورها في كعضو قار في مجلس الأمن.
ثانيا، أن يكون في صالح التنمية والإزدهار في العالم. تحرص الصين على إتباع إستراتيجية متبادلة المنفعة ومنفتحة، وتفعيل دورها كقاطرة لدفع الإقتصاد العالمي، وتعزيز بناء المصالح العالمية المشتركة، وتمكين أكثر ما يمكن المناس من تقاسم ثمار التنمية في العالم.
ثالثا، أن يكون في صالح الإنصاف والعدالة في العالم. تدعو الصين إلى مفاهيم جديدة للأخلاق والمصالح، وتدعو ‘إلى تعاون الأطراف القوية والضعيفة في دفع المجتمع الدولي إلى وضع أكثر إنصافا وأكثر عدلا.
تتخذ المسؤولية الدولية للصين من القدرات الذاتية منطلقا لها، وممارسة مسؤولياتها على قدر إمكانياتها. وتتعامل بيقظة وعقلانية مع المسؤوليات الدولية التي يجب أن تتحملها والتي لا يجب أن تتحملها. وبالنسبة للقضية العراقية، هذه الصناعة الأمريكية، فإن الصين، إنطلاقا من إعتبارات تتعلق بحماية الأمن والإستقرار العالمي وتقديم المساعدات الإنسانية وغيرها من الإعتبارات، يمكنها تقديم المساعدة التي تقدر عليها، وتتحمل المسؤولية التدولية التي تستطيع تحملها. لكن، نظرا لمواردها الإستراتيجية المحدودة، وقنواتها الإستراتيجية ومبادئها الدبلوماسية، فإن الصين لا يمكنها أن تتدخل في العراق بنفس الشكل الذي تعتمده أمريكا، ولا يمكنها تحمل مسؤوليات عالية أو مفرطة.
الصين وأمريكا دولتان مهمتان في العالم، ومصالحهما المشتركة على مستوى حماية الإستقرار الإقليمي والدولي، ودعم التنمية البشرية المستدامة وغيرها من القضايا الهامة، تتزايد بإستمرار. والتعاون الصيني الأمريكي، وتحمل المسؤوليات الدولية المشتركة في صالح دعم الفوز المشترك بين الصين وأمريكا والفوز العالمي المشترك. المسؤليات الصينية الأمريكية المشتركة تعني أساسا المستويات الإقليمية والدولية التي توافق الصين على فتح تعاون شامل فيها مع أمريكا، وهذا ليس مايسمى بـ"الإدارة الثنائية"، بل هو تبادل نقاط القوة، والتعاون على توفير منتجات عامة أعلى جودة للمجتمع الدولي.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn